زخات رعدية قوية واجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    مقتل 6 إسرائيليين في عملية إطلاق نار بالقدس واستشهاد المنفذين وسط تصعيد بالضفة الغربية    أكادير تخصص أزيد من 500 مليون درهم لتأهيل محيط ملعبها الكبير استعدادا ل"كان 2025″    في مواجهة حملات الاستهداف.. يقظة وطنية والتفاف شعبي حول الملك    مراكش تستيقظ على حريق مأساوي أودى بحياة شخصين    الأمازيغية والإنجليزية في قلب الموسم الدراسي الجديد بالمغرب    اسبانيا تٌغلق مجالها الجوي وموانئها أمام الطائرات والبواخر التي تحمل أسلحة لإسرائيل والناقلات التي تزود جيشها بالوقود    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الركراكي: نحترم جميع الخصوم وهدفنا الفوز أمام زامبيا    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف    ميناء طنجة المتوسط يربك مدريد.. وحزب "فوكس" يرفع منسوب التصعيد ضد المغرب    النقابات التعليمية بالحسيمة تنتقد تدبير الادارة للدخول المدرسي وتدعو إلى احترام المقاربة التشاركية    زخات رعدية وهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من المناطق    الحكومة تصادق على مشروع قانون تعويض المصابين في حوادث سير    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    المنتخب المغربي يواجه زامبيا وعينه على مواصلة سلسلة انتصاراته    الاشتراكي الموحد يقترح "هيئة مستقلة" و"رقمنة" شاملة للانتخابات لضمان النزاهة    الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء        تل أبيب تتهم إسبانيا بمعاداة السامية    الدريوش.. هزة أرضية خفيفة تثير القلق بسواحل تمسمان        مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار قواعد الحرب حول العالم    القدس الشرقية.. هجوم مسلح يوقع خمسة قتلى إسرائيليين    بورصة البيضاء تبدأ الأسبوع ب"الأخضر"    ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    فرنسا.. تصويت حاسم على الثقة في الجمعية الوطنية يهدد بسقوط حكومة بايرو    وسط استقبال "مهيب"... سفن "أسطول الصمود" القادمة من إسبانيا تصل إلى تونس                تيزنيت : وقفة احتجاجية غاضبة من تردي أوضاع المستشفى الإقليمي و المراكز الصحية بالإقليم ( فيديو )    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وزامبيا اليوم في تصفيات كأس العالم    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    الإصابات تربك حسابات الركراكي    بعثة منتخب الجزائر تصل إلى البيضاء    البيئة ليست قضية اختيارية أو محلية بل هي قضية وجود الإنسان والحياة    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الزفزافي‮:‬ ‬سجين ‬من ‬على ‬سطح‮..‬ ‬الحرية‮!‬    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفشاون مدينة تغْوِي الصينيين الحالمين بالألوان وشهور العسل
نشر في بريس تطوان يوم 09 - 04 - 2018

يكفي أن تتجول بين أزقة ودروب وفضاءات المدينة العتيقة لشفشاون، خاصة أحياء: العنصر، المدقة، الهوتة، السويقة، ريف الأندلس، شارع الحسن الأول وساحة وطاء الحمام، لتجد نبضا آخر يدق أبواب المدينة كل يوم، نبض حمله السياح الأسيويون من مختلف الأعمار والأصقاع، بمن فيهم من يمشي بخطوات مرتعشة، تحدوهم رغبة الاكتشاف والتطلّع وربط الصلات والعلائق مع الإنسان المغربي/الشفشاوني والتعرف على أبجدياته وثقافته.
تعلو سحنات الأسيويين من كوريا الشمالية واليابان وغيرهم، وخاصة الصينيين الذين يشكلون الموجة الأكبر، الابتسامات وكلمات رقيقة وأحيانا بعض التحايا التي تجمع بين اليدين مع انحناءة الرأس وهم يسترقون النظر إلى الجميع ببريق أعينهم، ويبحثون عن الدهشة الأولى وحروف الجسر.
يتجولون هناك وهناك بلباسهم المحتشم، أو ينحدرون ويصعدون في أعماق المدينة صوب سلالم الطريق أو على مشارف الأزقة، في جماعات منظمة أو فرادى، وكأنهم في سباق مع الزّمن، يقرؤون المعالم والزوايا والوجوه ويقتنصون الأمكنة والمشاهد، بل وحتى منتوجات وسلع البازارات، بمجاهر عدساتهم وكأنهم يمتهنون التفاصيل. وبين هذا وذاك تستوقفهم كثرة القطط التي تغفو في الظلال وفي والعتمات أو تتجوّل بحرّيتها المعهودة، والتي يعدّها البعض وجبات دسمة بمطاعمهم في الصين، وهي مُقتنصة بين حواجز الأقفاص.
تغمر الصينيين محبة شاسعة لردم المسافة بين الفاصل الزمني والمكاني واللغة حيث صاروا متآلفين مع الكل، بل منهم من ارتبط بالمكان وفصوله واستثمر فيه بفتح مطعم يقدم وصفات وأكلات صينية للسياح الأسيويين أو مقهى متخصص في الشاي بالأعشاب بنكهات مختلفة، يبعث الدفء في العروق. ومنهم فتيات جاورْنَ أواصر المحبة مع بعض الأسر، واخترن شريك العمر والحياة من شفشاون.
وما يثير في هذه الشعوب التي تفتخر بعاداتها وتقاليدها، ومنهم الصينيون دائما، بساطتهم وتواضعهم ورمزية ألوان الألبسة التي تحمل حرارة الأيام، في ارتباط وثيق بالمفاهيم الثقافية للشعوب، بحيث تبقى الألوان: الأسود والأحمر والأزرق والأخضر والأبيض والأصفر، ألوانا أساسية في الثقافة الصينية التقليدية؛ إذ تتوافق مع العناصر الخمسة: الماء، النار، الخشب، المعدن، والتراب أو الأرض، بل منهم من يغمر جسده بلباسه القومي الذي يصغي إلى حكمة الجذور وأنفاس الأجداد، ويمضي متفاخرا، مشيعا حوله سيلا من نظرات الاعجاب.
وإذا كانت الطبيعة تحرس المناظر والألوان والتداعيات الحرة والمدينة بتماوجاتها وتنوعها الثقافي والبشري، وهي تعيد الصلة مع العالم ومع الأفق وتفتح امتدادات أخرى، فقد أضحى الصينيون الذين يبرمجون رحلاتهم إلى شفشاون، يعتبرونها صلة وصل بينهم وبين ذواتهم وما تشكّله من بعد معرفي، بعد أن صار هذا المكان الكوني جزءا من ذاكرتهم ونزهاتهم، بل وحقلا لمراعي القلوب؛ إذ هناك الكثيرون ممن جعلوه وجهتهم المفضلة لتمضية شهر العسل والإنصات إلى حنين العواطف والأحلام وصمت المدينة التي تلمع تحت ضوء الفصول.
فهل تحافظ المدينة التي تغْوي الصينيين وغيرهم على ملامحها وتميزها ومضمونها الإنساني الذي يتطلع إليه الجميع، لتبقى في مِخيال سكانها وزائريها موطنا للرّوح، يسترجع عبره المكان هويته وعلاقته بذاته، حتى لا يتحوّل إلى مجرّد غابة يتآكل بفعل التشويه والهواجس الكثيرة وتُضطهد فيه المعالم، متمنين أن تصير المدينة مجدداً ضفّة تلتحف البياض الذي كان وتعبر الحدود والأزمان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.