في البيان الختامي للمؤتمر الإقليمي الخامس .. من أجل تعاقد تنموي جديد يعيد الاعتبار لإقليم فجيج    غدا، الكاتب الأول إدريس لشكر يترأس المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بتطوان    أنيس بيرو يدعو شباب الشرق إلى الجرأة والمبادرة ويرفض "الركوب على المآسي"        صحيفة إسبانية تسلط الضوء على المغرب كنموذج للاستقرار الاقتصادي في إفريقيا    مقتل 93 فلسطينيا ينتظرون المساعدات في غزة بنيران إسرائيلية    هجوم "يوم الصفر" يهدد خوادم حكومية وتجارية حول العالم    تير شتيغن يخضع لجراحة في الظهر تُثير الشكوك حول استمراره مع برشلونة        طقس الاثنين.. حار نسبيا ورياح قوية في عدد من مناطق المغرب    كيوسك الإثنين | 390 سجينا استفادوا من البرنامج التأهيلي "مصالحة"    عندما تتظاهر العرائش دفاعا عن هويتها الجمالية!    أمام أعين والدتها.. فتاة مراهقة تلاحق فلوغر كوري وتعرض عليه الزواج        في صمت بعيدًا عن الضجيج.. المغرب يواصل إغاثة غزة    مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    مصرع خمسة أشخاص في حريق عبارة    مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر    الديكتاتورية العائلية تفتك بحزب أخنوش في طنجة .. والانهيار بات وشيكاً!        غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية    إبراهيم دياز يغرس قيم النجاح في شباب مالقة            هذه خسائر حريق المركز التجاري بإمزرون والتجار يتضامنون بالإغلاق    استثمار صيني جديد يعزز موقع المغرب كمركز صناعي إقليمي في صناعة السيارات    معركة أنوال .. صفحة مشرقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار    بالصدى .. «الإدارة المغربية» وثقافة الإنصات    فيلدا يؤكد جاهزية المنتخب النسوي لنصف نهائي أمم إفريقيا    قرعة الدوري الاحترافي لموسم 2025 – 2026 .. مواجهة قوية مع صافرة البداية والديربي في الدورة الخامسة    آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    تظاهرة حاشدة في الرباط تندد بعدوان اسرائيل على غزة وتجويع أهلها(صور)    بعد ‬موقف ‬جاكوب ‬زوما ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء.. ‬الجزائر ‬ترسل ‬مبعوثيها ‬إلى ‬بريتوريا    منتخب الشبان للجيدو يهيمن على بطولة إفريقيا    "حماية المستهلك" ترفض تلويح الصيادلة بالإضراب وتدعم الحكومة في خفض الأدوية    جمهور قياسي يختتم مهرجان تيفلت    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة        يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    مهرجان العيطة بآسفي.. أربع ليالٍ من الوفاء للتراث وروح الإبداع    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شفشاون مدينة تغْوِي الصينيين الحالمين بالألوان وشهور العسل
نشر في بريس تطوان يوم 09 - 04 - 2018

يكفي أن تتجول بين أزقة ودروب وفضاءات المدينة العتيقة لشفشاون، خاصة أحياء: العنصر، المدقة، الهوتة، السويقة، ريف الأندلس، شارع الحسن الأول وساحة وطاء الحمام، لتجد نبضا آخر يدق أبواب المدينة كل يوم، نبض حمله السياح الأسيويون من مختلف الأعمار والأصقاع، بمن فيهم من يمشي بخطوات مرتعشة، تحدوهم رغبة الاكتشاف والتطلّع وربط الصلات والعلائق مع الإنسان المغربي/الشفشاوني والتعرف على أبجدياته وثقافته.
تعلو سحنات الأسيويين من كوريا الشمالية واليابان وغيرهم، وخاصة الصينيين الذين يشكلون الموجة الأكبر، الابتسامات وكلمات رقيقة وأحيانا بعض التحايا التي تجمع بين اليدين مع انحناءة الرأس وهم يسترقون النظر إلى الجميع ببريق أعينهم، ويبحثون عن الدهشة الأولى وحروف الجسر.
يتجولون هناك وهناك بلباسهم المحتشم، أو ينحدرون ويصعدون في أعماق المدينة صوب سلالم الطريق أو على مشارف الأزقة، في جماعات منظمة أو فرادى، وكأنهم في سباق مع الزّمن، يقرؤون المعالم والزوايا والوجوه ويقتنصون الأمكنة والمشاهد، بل وحتى منتوجات وسلع البازارات، بمجاهر عدساتهم وكأنهم يمتهنون التفاصيل. وبين هذا وذاك تستوقفهم كثرة القطط التي تغفو في الظلال وفي والعتمات أو تتجوّل بحرّيتها المعهودة، والتي يعدّها البعض وجبات دسمة بمطاعمهم في الصين، وهي مُقتنصة بين حواجز الأقفاص.
تغمر الصينيين محبة شاسعة لردم المسافة بين الفاصل الزمني والمكاني واللغة حيث صاروا متآلفين مع الكل، بل منهم من ارتبط بالمكان وفصوله واستثمر فيه بفتح مطعم يقدم وصفات وأكلات صينية للسياح الأسيويين أو مقهى متخصص في الشاي بالأعشاب بنكهات مختلفة، يبعث الدفء في العروق. ومنهم فتيات جاورْنَ أواصر المحبة مع بعض الأسر، واخترن شريك العمر والحياة من شفشاون.
وما يثير في هذه الشعوب التي تفتخر بعاداتها وتقاليدها، ومنهم الصينيون دائما، بساطتهم وتواضعهم ورمزية ألوان الألبسة التي تحمل حرارة الأيام، في ارتباط وثيق بالمفاهيم الثقافية للشعوب، بحيث تبقى الألوان: الأسود والأحمر والأزرق والأخضر والأبيض والأصفر، ألوانا أساسية في الثقافة الصينية التقليدية؛ إذ تتوافق مع العناصر الخمسة: الماء، النار، الخشب، المعدن، والتراب أو الأرض، بل منهم من يغمر جسده بلباسه القومي الذي يصغي إلى حكمة الجذور وأنفاس الأجداد، ويمضي متفاخرا، مشيعا حوله سيلا من نظرات الاعجاب.
وإذا كانت الطبيعة تحرس المناظر والألوان والتداعيات الحرة والمدينة بتماوجاتها وتنوعها الثقافي والبشري، وهي تعيد الصلة مع العالم ومع الأفق وتفتح امتدادات أخرى، فقد أضحى الصينيون الذين يبرمجون رحلاتهم إلى شفشاون، يعتبرونها صلة وصل بينهم وبين ذواتهم وما تشكّله من بعد معرفي، بعد أن صار هذا المكان الكوني جزءا من ذاكرتهم ونزهاتهم، بل وحقلا لمراعي القلوب؛ إذ هناك الكثيرون ممن جعلوه وجهتهم المفضلة لتمضية شهر العسل والإنصات إلى حنين العواطف والأحلام وصمت المدينة التي تلمع تحت ضوء الفصول.
فهل تحافظ المدينة التي تغْوي الصينيين وغيرهم على ملامحها وتميزها ومضمونها الإنساني الذي يتطلع إليه الجميع، لتبقى في مِخيال سكانها وزائريها موطنا للرّوح، يسترجع عبره المكان هويته وعلاقته بذاته، حتى لا يتحوّل إلى مجرّد غابة يتآكل بفعل التشويه والهواجس الكثيرة وتُضطهد فيه المعالم، متمنين أن تصير المدينة مجدداً ضفّة تلتحف البياض الذي كان وتعبر الحدود والأزمان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.