"الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري فيما يخص نتيجة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة    عقد أول اجتماع للمكتب المسير لجماعة تطوان بدون اليملاحي وسط حزن على مصيره    باكستان تطلق أول قمر اصطناعي لاستكشاف سطح القمر        للأسبوع ال30.. آلاف المغاربة ينظمون وقفات تضامنية مع غزة    الحسيمة.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 5 أطنان من الحشيش    "التلغراف" البريطانية تكشف تفاصيل النفق السككي بين المغرب واسبانيا    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    ماركا : أيوب الكعبي.. الميزة الرئيسية لنتائج أولمبياكوس الجيدة    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. رويس يغادر صفوف دورتموند بعد 12 عاما    باستعراضات فنية وحضور عازفين موهوبين.. الصويرة تحتضن الدورة ال25 لمهرجان كناوة    تكلف 20 مليارا.. هل توقف "زيادات" الاتفاق الاجتماعي نزيف تدهور القدرة الشرائية    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    عكس برنامج حكومة أخنوش.. مندوبية التخطيط تكشف عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب    العرض ما قبل الأول لفيلم "الثلث الخالي" للمخرج فوزي بنسعيدي بالدار البيضاء    واش السلطة منعات اجتماع مجموعة العمل المغربية للتضامن مع الشعب القبايلي؟..الفرياضي ل"كود": اللا وها علاش تأجل للسيمانا جايا بحضور قيادي فحكومة القبايل وحنا مجتمع مدني حر وكنعبرو على رأينا وفق الدستور    المغرب يكسب 15 مرتبة في التصنيف العالمي لوضعية الممارسة الصحافية    العصبة دارت وقت لمؤجل بركان وتطوان فالبطولة وبرمجت ربع نهائي كاس العرش    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا    إسبانيا تستقبل أزيد من 16 مليون سائح خلال الربع الأول من العام 2024، ما يعد رقما قياسيا    الحقوقي عبد العزيز النويضي في ذمة الله    بدعم من هولندا.. برامج رياضية غادي تبدا فلحبسات لإعادة إدماج النزلاء بعد الإفراج عليهم    أغراف ندونيت إيخصات أغاراس.. تنظيم بحال مونديال 2030 خاصو المعقول والجدية اللي دوا عليها سيدنا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس بولندا    حكومة فرنسا تفرق داعمي غزة بالقوة    ريم فكري تكشف عن معاناتها مع اغتيال زوجها والخلاف مع والديه    كوت ديفوار تكتشف أكبر منجم للذهب    ملاحظة الانتخابات امتداد طبيعي للرصد المنتظم لحقوق الإنسان    بعدما أوهموهم بفرص عمل.. احتجاز شباب مغاربة في تايلاند ومطالب بتدخل عاجل لإنقاذهم    المغرب يفكك خلية كانت تحضر لتنفيذ اعمال إرهابية    العجز التجاري للمغرب ينكمش 14.6% إلى 61.9 مليار درهم    بعد إلغاء موريتانيا الزيادة في رسومها الجمركية.. أسعار الخضر والفواكه مرشحة للارتفاع    سعر الذهب يواصل الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي    الوزير آيت الطالب يعطي انطلاقة خدمات 14 مركزا للرعاية الصحية الأولية بجهة فاس مكناس (صور)    المضيق تحتضن الدورة الثالثة لترياثلون تامودا باي بمشاركة مختلف الجنسيات    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    مراسلون بلا حدود عن 2024.. ضغوط سياسية على الاعلام والشرق الأوسط "الأخطر"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بركة يعلن عن خارطة طريق للبنيات التحتية استعدادًا لكأس العالم 2030    جدول مواعيد مباريات المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية تخريب تطاوين في القرن الخامس عشر
نشر في بريس تطوان يوم 20 - 10 - 2023

زعم مارمول أن مدينة تطاوين دمرت من طرف أسطول قشتالة وأسر جميع سكانها وبقيت خربة طوال تسعين سنة، ونقل عنه الأب كستيانوس زاعما أن التخريب كان سنة 1400م وأنها بقيت فارغة مدة تسعين عاما حتى اجتاز المنظري إلى إفريقية. وقد نقل جل المؤرخين الأوروبيين هذا الحدث وتبعهم في ذلك بعض المغاربة. وقد نقل مارمول الرواية عن إخباري إسباني هو Gonzalo Davila في مؤلفه عن « تاريخ حياة ووقائع ملك قشتالة» دون إنريكي الثالث وهي لا تقوم على أي سند صحيح.
وقد شكك المؤرخ البرتغالي دافيد لوبس في التخريب المزعوم لمدينة تطاوين على يد القشتاليين، بل ورفض وقوع هذه الحملة عام 1400 ميلادي مستندا في ذلك على كتاب « تاريخ العاهل دون إنريكي الثالث» لمؤلفه «لوبس دي أيالا» الذي لم يذكر شيئا في هذا الصدد. ونستنتج مما ذكر أن المدينة التي بناها أبو ثابت المريني عام 1308م لم يقع تهديمها سنة 1400 كما زعم مارمول وكاستيانوس. ويشهد التاريخ بأن البرتغاليين إبان احتلالهم لسبتة عام 1415 لم يقدروا على العيش في سلام بسبب الغزوات التي كانوا يتعرضون لها من قبل سكان تطاوين، وكان يرابط في ثغر الجهاد أنذاك الشيخ سيدي طلحة الدريج. " وذكر إخباريون معاصرون أن تطاوين كانت عام 1435 موقعا حصينا وأنها كانت من بين المدن القوية، كثيرة الجوار وتحظى بتقدير كبير لدى ملوك فاس، وأنها تشتمل على ألف بيت، كما تتوفر على عدد هائل من الرجال المدافعين عن أسوارها المتينة ضد أي هجوم قد يشنه المسيحيون عليها. وتتحدث الأخبار التي جمعها بلطسار أوسوريو عن تخريب المدينة عام 1437 حينما هيا دوم دوارطي دي مينيسيس ابن الحاكم البرتغالي بسبتة حملة ضد تطاوين، فلما بلغ خبرها السكان هاجروا المدينة مقتنعين بعدم قدرتهم على مواجهة القوات البرتغالية، فقام هؤلاء بهدم أسوار المدينة ومساجدها وإحراق أبوابها ودورها. ويورد الحسن الوزان أن البرتغاليين هاجموا تطاوين وخربوها وبقيت خربة زهاء ثمانين سنة إلى أن جدد بناءها قائد أندلسي دعاه البرتغاليون المنظري. وفضلا عن هذه النصوص من مختلف العصور التي تخبر بغزارة متفاوتة من حيث التفاصيل ودقتها، فإنها لم تكن لتجعل التعليق الأخير محل شك.
ونستنتج من معلومات الإخباريين والجغرافيين المسلمين أن البلد لم يحافظ على أثر كبير منذ الفتح الإسلامي الأول ومحاولة العرب الاستقرار فيه، ذلك أن معظم الأماكن ظلت بعد ذلك تحمل أسماء أمازيغية، مثل ناحية مجكسة حيث يعتقد أن تطاوين كانت هي المركز، ونهرها يحمل حسب البكري اسم واد مجكسة . وحسب تصور ابن خلدون فسكان هذه المنطقة يندرجون ضمن مجكسة فغمارة، وموطن غمارة إلى الجنوب الشرقي من تطاوين على ساحل البحر من ازلا إلى بادس. وقد احتفظت القبائل المجاورة بأسمائها أمازيغية مثل بني حزمر وبني يجم (يرغيث) وبني سكين وغيرها .
وقد شكلت هذه القبائل – بلا ريب – اهم نواة للقرية – المدينة، ثم انضم إليها فيما بعد وافدون جدد، والواقع أنه لم يتمكن من تكوين رؤية واضحة نسبيا عن سكان المنطقة إلا مع مجيء العرب إلى بلاد المغرب، وبالرجوع إلى كتابات البكري والإدريسي وابن خلدون. فالبكري عند إشارته لفروع مصمودة التي تقطن المنطقة الواقعة بين سبتة وتطوان يذكر واد نكرو وواد سمير حتى يصل إلى تطاوان، وعندما نتجاوز وادي راس في اتجاه الشرق نترك أرض مصمودة ونتجه نحو بلاد غمارة. وقد حدثت تغييرات كثيرة في مساكن القبائل المصمودية منذ القرن السادس الهجري الذي نزحت فيه نحو المغرب موجات من عرب بني هلال الذين زاحموا قبائل البربر ومنهم غمارة بالسهول وألجأوهم إلى الجبال. وإن هؤلاء « الحوزيين » اجتذبتهم وفرة المياه وجمال وخصوبة الموضع، فأقاموا في السفح الجنوبي لجبل درسة قرية بسيطة تطورت فيما بعد نتيجة للظروف المساعدة والموقع الإستراتيجي. ونظرا لكون هذه المدينة من تأسيس قبيلة الحوز التي قدمت من ناحية الريف، فإن أصل الملكية العقارية لم يكن ليختلف بطريقة عما حددته وشكلته نفس الجماعة الجبلية عند استقرارها الأولي بموريطانيا الطنجية، فالسكان الحوزيون الأوائل جاءوا من القبيلة الأصلية، وتكتلهم في هذا الموضع عند السفح الجنوبي لجبل درسة كان هو الأصل في تطاوين القديمة، ومنذئذ لم تنفصم حركية الروابط البشرية بين المدينة من جهة، والقبائل المجاورة لها من جهة أخرى. وإذا كانت المدينة عند إعادة بنائها في أواخر القرن الخامس عشر قد عمرت في جوهرها من طرف عناصر أندلسية، فإنه استقر بها فيما بعد من وفد عليها سواء من فاس أو من مختلف القبائل الجبلية والريفية، فوقع الالتحام – تدريجيا – بين هذه العناصر المختلفة.
ولما كانت الناحية المجاورة لمدينة تطوان والمعروفة ب «جبالة» قد شكلت منذ أقدم العصور منطقة عبور بين المغرب والأندلس، فإن الكيانات القبلية المستقرة بها شهدت بدورها حركية إجتماعية واسعة تخللتها عملية امتزاج بين جموع الطارئين على المنطقة. فكان الإحتكاك بالزحف العربي إبان الفتح الإسلامي، ثم مع الحركة السياسية خلال حكم الأدارسة، وكذلك مع حركة المد والجزر أثناء حروب الشمال الإفريقي، وأخيرا مع زحف عرب بني هلال ونزوح المهاجرين الأندلسيين. فكل هذه الهزات السياسية والهجرات المتعاقبة كان لها أثر في تشكيل ساكنة انصهرت فيما بينها وأصبحت تحمل لقب جبالة لها كيانها ومقوماتها ونظمها.
تطوان في القرن الثامن عشر (السلطة المجتمع الدين)
للمؤلف: د. عبد العزيز السعود
منشورات جمعية تطاون أسمير
يتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.