التقدم والاشتراكية يستنكر فضيحة التسجيلات المسربة ويطالب بسحب مشروع "مجلس الصحافة"    توقيف متطرف موال ل"داعش" كان يعد لمخطط إرهابي خطير بتطوان    هذه تفاصيل الزيادة في مبالغ الدعم الاجتماعي المباشر    قنبلة الدواء تنفجر في وجه التهراوي    الرئيس التونسي ينهال "تقريعا" على سفير الاتحاد الأوروبي    اعتقال رئيس غينيا بيساو داخل القصر الرئاسي وسط حديث عن انقلاب    تسريبات تظهر المبعوث الأمريكي ويتكوف يقدم المشورة لروسيا وترامب يعلق    المنتخب المغربي يتعرف رسميا على منافسيه في كأس العرب    كربوبي تودع الصفارة وتحرج الجامعة    سيدات المنتخب المغربي تفزن على الجزائر بنتيجة عريضة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقعات الأرصاد الجوية لطقس الخميس بالمغرب    وفاة أسرة مغربية اختناقا في مالقة الإسبانية    دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر    كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم؟    طنجة المتوسط .. ضبط 12 ألف قنينة من غاز الضحك    المديرية الإقليمية للفلاحة بالحسيمة تكشف برنامج مشاريعها لسنة 2026    حموشي يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في الجمعية العامة للأنتربول    محكمة النقض الفرنسية تؤكد إدانة ساركوزي    القصر الكبير .. العثور على جثتي طفلين داخل حوض مائي    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    دراسة: 60 بالمائة من التونسيات تعرضن لعنف قائم على النوع في الفضاء الرقمي    محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تدين بودريقة بالسجن 5 سنوات نافذة    قتلى في حوادث سير بالجديدة وسطات    بعد مناورات دامت نصف قرن و24 يوما: فشل الحيلة الجزائرية في تأويل القرارات الأممية    قيوح يبحث التكوين البحري بلندن    ندوة الاستثمار تبرز موقع المغرب كفاعل صاعد في ربط البنية التحتية بالتصنيع وجذب الاستثمارات    ندوة علمية بالقصر الكبير تُسلّط الضوء على التحولات الكبرى في قانون المسطرة الجنائية    لوكيوس تنظم ورشات كتابة الرواية والقصة بالأمازيغية    نمو عدد ليالي المبيت السياحية بطنجة-أصيلة    السفير الصيني السابق بالرباط، لي شانغلينغ، يكتب عن الكسكس المغربي: « أبعد من مجرد وجبة طعام.. إنه تجربة إنسانية متكاملة»    حزب العدالة والتنمية يعارض تشجيع ترشيح الشباب المستقلين في الانتخابات    654 مليون ورقة نقدية جديدة لتعزيز السيولة بالمغرب    إيموزار تحتضن الدورة الحادية والعشرون لمهرجان سينما الشعوب    مهرجان اليوسفية لسينما الهواة يعلن عن فتح باب المشاركة في مسابقة الفيلم القصير    من نيويورك إلى الرباط .. كيف غير مجلس الأمن قواعد اللعبة في ملف الصحراء ؟    سفيان أمرابط، لاعب أساسي في ريال بيتيس (وسيلة إعلام إسبانية)    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يستقبل 82 فيلماً من 31 بلداً ونجوماً عالميين    بلجيكا.. زكرياء الوحيدي يتوج أفضل لاعب مغاربي في الدوري البلجيكي الممتاز    تقرير: ريال مدريد يتصدر قائمة الأندية الأكثر مبيعا للقمصان على مستوى العالم    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬        علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    دوري الأبطال.. أوسيمين يتصدر قائمة الهدافين بعد مباريات الثلاثاء    وسائل إعلام فرنسية تدعو إلى إطلاق سراح الصحافي كريستوف غليز المسجون في الجزائر    المخرج محمد الإبراهيم: فيلم الغموض والتشويق القطري "سَعّود وينه؟"    فيلم " كوميديا إلهية " بمهرجان الدوحة السينمائي الرقابة السينمائية في إيران لا تنتهي...!    الجيش الإسرائيلي يطلق عملية عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يسلّط الضوء على سرديات مؤثرة من المنطقة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    نصائح ذهبية للتسوق الآمن باستخدام الذكاء الاصطناعي    عصبة الرباط سلا القنيطرة تطلق موسماً استثنائياً باطلاق أربعة مراكز للتكوين في مجال التحكيم    آلام الأذن لدى الأطفال .. متى تستلزم استشارة الطبيب؟    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق سيادية ومصالح وطنية
نشر في رسالة الأمة يوم 01 - 09 - 2014

أكدت الرباط استعدادها لعقد، في أقرب الآجال، أشغال اللجنة المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي حدد تاريخها بطلب من الطرف الأوروبي في 10 شتنبر المقبل، وذلك في إطار اتفاقية الصيد البحري التي توجد حاليا في طور الاستفاء النهائي لمساطر المصادقة عليها،والتي جرى التوقيع بالأحرف الأولى على بروتوكولها الجديد في ختام الجولة السادسة من المفاوضات المنعقدة بالرباط يومي 18 و19 يوليوز من السنة الماضية .
وينص الاتفاق الجديد حول الصيد البحري على ست فئات للصيد البحري مع تقليص إمكانيات الصيد مقارنة مع البروتوكول السابق من خلال الترخيص فقط ل 126 باخرة أوروبية مقابل 137 باخرة في إطار البروتوكول السابق،ويقدر المقابل المالي الإجمالي السنوي للبروتوكول ب 40 مليون أورو منها 14 مليونا مخصصة لمواصلة تفعيل مخطط "أليوتيس" بغية تعزيز قطاع الصيد البحري الوطني اقتصاديا مع ضمان تدبير مستدام ومسؤول للموارد البحرية.
ومعلوم ، أن السلطات المغربية كانت قد اقترحت على الطرف الأوروبي فور الموافقة على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي انعقاد اللجنة المشتركة، غير أن الطرف الأوروبي أطلع المغرب على عدم قدرته على عقد أشغال اللجنة في الحين نظرا لصعوبة التأكد من أجندات المؤسسات الأوروبية، حيث تم تحديد موعد هذه اللجنة في 10 شتنبر المقبل.
وخلافا للأخبار التي تم ترويجها حول رغبة المغرب في تأخير المصادقة على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي،أعلنت وزارة عزيز أخنوش أن انعقاد اللجنة المشتركة يوجد من بين المقتضيات المتضمنة في البروتوكول المنظم للعلاقات المغربية الأوروبية في مجال الصيد البحري، وتتم برمجتها حال موافقة الطرفين على البروتوكول،الذي تضطلع هذه اللجنة بمهمة مراقبة تطبيق مقتضياته وتحديد طرق تنفيذ بنوده الجديدة، وهي عناصر أساسية من أجل إصدار تراخيص الصيد وإحاطة بعض التنازلات التي منحها المغرب للاتحاد الأوروبي بوسائل تنفيذ جديدة.
وفي هذا الإطار، تقود أوساط اسبانية ،منذ الزيارة الرسمية التي قام بها ملك اسبانيا فيليبي السادس خلال شهر يوليوز الماضي للمغرب والتي كان يرتقب منها عودة الأسطول الإسباني للصيد في المياه المغربية ، حملة ضغوط على الرباط عبر الاتحاد الأوروبي بغاية لي أذرع المغرب الذي كان قد لوح بورقة الصيد البحري في مواجهة التصرف التفويضي الذي اعتمدته لجنة الفلاحة بالبرلمان الأوروبي في أبريل الماضي من جانب واحد ، بل و بدون أدنى اكتراث بنتائجه الكارثية على القطاع الفلاحي الذي يعد قطاعا رئيسيا في المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بحيث سيؤدي إلى انخفاض « حاد » للصادرات المغربية وانكماش جميع مكونات قطاعها وتهديد عمل عشرات الآلاف من المزارعين المغاربة.
وهذا في الوقت الذي تناقلت فيه بعض الصحافة في غضون شهر يونيو الماضي ، نص الدعوى التي نشرتها الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي والتي رفعها البوليساريو بدعم من بعض الأوساط المعادية للمغرب داخل البرلمان الأوروبي إلى المحكمة الأوروبية لإبطال اتفاقية الصيد البحري ،وفي هذا السياق ،وجب التذكير بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي بتاريخ 14 دجنبر من سنة 2011 والذي قضى بإلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بعدما نجح اللوبي الموالي للبوليساريو في ذلك ، وكذا بعودة ذات البرلمان يوم 10 دجنبر 2013،وبشروط مجحفة في حق المغرب ،للمصادقة على الاتفاقية.
وهكذا ورغم تطمينات سفير الاتحاد الأوروبي لدى الرباط، روبرت خوي، الذي صرح، مؤخرا، بأنَ الصيد البحري والفلاحة لا يزالان في قلب التعاون بين المغرب والاتحاد الأوروبي،إلى جانب تعهدات الأوروبيين بدعم المغرب ورفع استفادته المالية من برامج "الجوار" على مدى السنوات الأربع المقبلة ،فإن أجواء من التوتر والتوجس لا تزال تخيم على سماء العلاقات المغربية الأوروبية ، وإلى حد أن اعترف وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار في أعقاب تعديل الاتحاد الأوروبي سياسته الفلاحية المشتركة وتغييره الرسوم الجمركية المفروضة على نظام أسعار ولوج الفواكه والخضر المغربية للأسواق الأوروبية ،بتراجع جودة العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي نسب جزء منها الى البرلمان الأوروبي .
وفي هذا الإطار،يأتي تأجيل الجولة الخامسة من المفاوضات بشان التوقيع على اتفاق شامل ومعمق للتبادل الحر بين المغرب مع الاتحاد الأوروبي يوليوز الماضي ، والذي تزامن والتغيير الحاصل في رئاسة المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي إثر الانتخابات التي جرت يوم 25 ماي الماضي و صعود أحزاب تتصدر برامجها إجراءات حمائية ضد رفع الواردات من الخارج وأساسا منها الزراعية،ليشهد على تدني جودة العلاقات الثنائية التي أصبحت مصدر قلق حقيقي للمغرب.
هذا ، وحسب البلاغ الصادر يومها عن الوزارة المنتدبة المكلفة بالتجارة الخارجية ،فإن تأجيل الجولة الخامسة من المفاوضات إلى تاريخ غير محدد ،أملته ضرورة الوقوف على الدراسات المصاحبة التي تقوم بها الحكومة حول مدى تأثر قطاعات اقتصادية من التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والتي سيجري اعتماد نتائجها في مباشرة المفاوضات ، والذي سبق التنبيه إليها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ،الذي خلص إلى أنَ اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها المغرب، قد أضرت بالاقتصاد الوطنِي وعمقت عجزه التجاري، ونالت من دوائر إنتاجه الوطني عوض تحسين مردوديته.
وهو الأمر الذي بات يستوجب إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي ، لأن هناك عجزا كبيرا بين الصادرات والواردات، كما أن الاستثمارات في القطاع الفلاحي التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي في المغرب تضر البيئة والفرشة المائية ، حسب رئيس الجمعية الوطنية للفلاحين في المغرب.
وكون المغرب يستورد أكثر مما يصدر ، كما يشهد على ذلك ميزانه التجاري الفلاحي الذي يسجل عجزا متفاقما ،بلغ 19 مليار درهم سنة 2010،حسب بعض الإحصاءات الرسمية ،فقد انتقدت بعض الأوساط المهنية اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوربي في المجال الزراعي غداة مصادقة البرلمان الأوروبي على مقتضياتها ، من زاوية تشجيع المغرب لبعض المنتوجات مثل الطماطم أو بعض الخضراوات وإغفال الحبوب التي يستورد منها حاجياته ، ومن زاوية محدودية الإمكانات التي تتيحها الاتفاقية للمغرب بغاية مساعدته على التغلب على هذا العجز.
وتنص اتفاقية التبادل الحر التي صادق عليها البرلمان الأوربي في غضون شهر فبراير من سنة 2012 بستراسبورغ ،على تحرير بأثر فوري ل 55 %من الرسوم الجمركية على المنتوجات الفلاحية ومنتوجات الصيد البحري للاتحاد الأوروبي مقابل 33 % حاليا و 70 % من الرسوم الجمركية على المنتوجات الفلاحية والصيد البحري المغربية على مدى عشر سنوات مقابل 1 % حاليا، ومن حيث القيمة سيمكن الاتفاق من التحرير الفوري ل 45 %من الواردات الأوربية من المغرب و من زيادة التنازلات في قطاع الفواكه والخضر.
وفي هذا الصدد ،توصي الدراسة التي أنجزتها مديريّة الدراسات والتوقعات المالية في وزارة الاقتصاد والمالية، المغرب بتنويع صادراته نحو الخارج، وعدم الاقتصار على منتوجات معينة، مثل الطماطم والحوامض، فيما عملية تعديل الاتحاد الأوروبي لسياسته الفلاحيَة المشتركَة وإقراره رسوما جمركيَة إضافية، تدخل حيز التنفيذ في مجرى أكتوبر القادم، والتي أثارت ولا تزال غضبا واسعا في أوساط مهنيي الفلاحة الذين يصبون اليوم، إلى الاستفادة من التوتر الغربي الروسي لتنويع صادراتهم واقتحام أسواق جديدة ، رغم التحذير الأوروبي لشركائه من مغبة استغلال هذه الأزمة لرفع صادراتهم الزراعية نحو السوق الروسية لتعويض المنتوجات الأوروبية التي تعاني من الحظر لأسباب سياسية.
لذا، وبموازاة تشبث المغرب بمصالحه الحيوية في مجرى جولات مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاق للتبادل الحر شامل ومعمق، فإن حرص المغرب على انعقاد اللجنة المشتركة المغربية الأوروبية بخصوص الصيد البحري وفق بنود ومقتضيات البرتوكول الجديد للاتفاقية ، وحسب العديد من المراقبين الدوليين ، يندرج داخل المجال السيادي للمغرب ودائرة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، في الوقت الذي يؤشر فيه انتعاش قوى متطرفة وتراجع القوى الكلاسيكية على بداية منعطف في السياسة الأوروبية وعلى مستقبل مقلق للغاية للعلاقات المغربية-الأوروبية في غياب استراتيجية وبدائل لمواجهة هذه التحديات والحد من مضاعفاتها على مصالح المغرب الحيوية وعلى مرتكزات استقراره الاقتصادي والاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.