334 ألف شقة فارغة في شمال المغرب.. ومدينة طنجة في الواجهة    بلجيكا.. هجوم إلكتروني يستهدف بيانات 850 ألف زبون لشركة "أورانج"    طنجة.. الوقاية المدنية تنتشل جثة شاب غرق بشاطئ الكاريان        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    تقرير: المغرب يعتبر ثاني أكبر مصدر للهجرة اليهودية العالمية نحو فلسطين المحتلة    إسبانيا: زوجة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز متورطة في قضية جنائية جديدة    عفو ملكي على 591 شخصا بمناسبة "عيد الشباب"    توقيف جانح قاصر حاول السرقة من محل تجاري تحت التهديد باستخدام طرد متفجر وهمي    إلغاء مباريات ولوج الماستر واعتماد انتقاء الملفات    ضربة قوية لتجار السموم.. أمن أكادير يحجز 7960 قرصا مهلوسا وكوكايين ويوقف شخصين    مخيمات الطفولة في قفص الاتهام : جريمة صادمة تعيد النقاش حول المراقبة والتأطير    "أورار" يحتفي بالأعياد والجالية بالناظور    بلال الخنوس قريب من الانتقال إلى كريستال بالاس في صفقة كبيرة    محمد السادس.. ملك الإصلاحات الهادئة    دلالات عيد الشباب    مطلوب من الأنتربول.. أجهزة الأمن المغربية تعتقل دنماركي من أصول فلسطينية    إسرائيل تعلن اتخاذ الخطوات الأولى في العملية العسكرية بمدينة غزة    مدينة تمارة تحتضن أضخم حدث فني هذا الصيف    خبير قانوني دولي: مساعدات الملك محمد السادس لغزة تجسد تضامن المغرب الدائم مع الفلسطينيين    الأمم المتحدة تشيد ب"كرم" الملك محمد السادس على إثر المساعدات الإنسانية إلى غزة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    الخميس تحت الشمس والغيوم.. حرارة مرتفعة وأمطار متفرقة    تعيين سيدي معاد شيخًا للطريقة البودشيشية: إرادة مولوية سامية ورؤية ربانية    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار        إيران تهدد باستخدام صواريخ جديدة    الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض        مقاولات المغرب الصغرى والمتوسطة "تحت رحمة" الأزمة: 90% منها لا تجد تمويلا بنكيا    دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%    تقرير: ثلث شباب المغرب عاطلون والقطاع غير المهيكل يبتلع فرص الشغل    شباب الريف الحسيمي يواصل تعزيز صفوفه بتعاقدات جديدة    إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد        للمرة الثالثة: الموقف الياباني من البوليساريو يصفع الجزائر وصنيعتها.. دلالات استراتيجية وانتصار دبلوماسي جديد للمغرب        مدرب تنزانيا: مواجهة المغرب في الشان مهمة معقدة أمام خصم يملك خبرة كبيرة    أمين عدلي ينتقل إلى الدوري الإنجليزي في صفقة ضخمة    إيزاك يخرج عن صمته: "فقدت الثقة بنيوكاسل ولا يمكن للعلاقة أن تستمر"    تخليق الحياة السياسية في المغرب: مطمح ملكي وحلم شعبي نحو مغرب جديد.    تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    مبابي يقود ريال مدريد لتحقيق أول انتصار في الموسم الجديد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات كبرى ورهانات قائمة
نشر في رسالة الأمة يوم 01 - 08 - 2018

الحدث الكبير والأبرز، بداية هذا الأسبوع وخلال هذه الأيام يظل، بالتأكيد هو حدث الاحتفال بعيد العرش، الذي يخلد هذه السنة الذكرى ال 19 لاعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين.
وعيد العرش بتاريخه المجيد، وبما تتميز به فعالياته وخصوصياته من أنشطة ملكية، واستعراضات واستقبالات، ومهرجانات ثقافية وفنية ورياضية، هو مناسبة وطنية كبرى تتجسد فيها تعابير الوفاء للرباط الوثيق الذي يجمع بين العرش والشعب، وهو كذلك فرصة سنوية دائمة يخاطب فيها ملك البلاد وأمير المؤمنين الشعب المغربي، في كل ما يهم حاضره ومستقبله، وهي ميزة سياسية وتواصلية سبقت، بعشرات السنين، ما يصطلح عليه اليوم بعصر المعرفة والاتصال.
خطاب الذكرى 19 كان بالفعل خطابا من الجيل الجديد للخطب الملكية، في تركيزه، في دقته، في موضوعيته وصراحته، وفي القضايا التي تناولها والتي هي بالفعل من القضايا الرئيسية في هذه الظرفية.
بهذه الدقة والتركيز، تناول الخطاب الملكي ثلاثة محاور، أولها يهم واقع المشهد السياسي أو الحزبي، والثاني يتعلق بتقويم الشأن الاجتماعي بما له وما عليه، أما الثالث فيخص مستلزمات إنجاح الأوراش الكبرى ودعم المقاولات الوطنية.
استهل الخطاب بتوطئة قد تبدو وكأنها (مقدمة) للموضوع، في حين أنها، كما نعتقد، هي عمق الموضوع وجوهره الفاصل. فحين يذكر الخطاب بأن المغرب هو "البيت المشترك لكل المغاربة، ويجب علينا جميعا أن نحافظ عليه ونساهم في تنميته وتقدمه"، وبأن الوحدة بين أبناء المغرب هي التي تعطي للبلاد مناعتها، وبأن الروح الوطنية هي التي ترسخ الوحدة بين كل مكونات وجهات الوطن… حينها يحضر معنى تلازم الحقوق والواجبات، ويكون الأمر واضحا في الفصل بين هذه القناعة وبين مروجي الفتنة والفوضى والإشاعة…
وفي ما يخص النقطة الأولى المتعلقة بالحقل الحزبي، فالواضح أن الأحزاب السياسية ومساهماتها، في الحياة السياسية وتدبير الشأن العام، هي من ثمار التجربة الديمقراطية التي خاض المغرب غمارها قبل عقود، وفي هذا الخطاب، كما في غيره، ينوه جلالة الملك بمجهودات الأحزاب السياسية التي تبقى دعامة أساسية من دعائم الصرح الديمقراطي، ونظرا لدورها الحيوي، بالذات، فالأحزاب، كل من موقعها، مطالبة دائما ليس فقط بأن تكون في مستوى الأحداث، بل وأن تكون فاعلة ومساهمة في صنع الحدث وفي استيعاب التطورات والتأقلم معها على مستوى التأطير والتوجيه والتكوين، وقبل ذلك وبعده على مستوى الحضور بجانب المواطنين في كل ما يتعلق بالدفاع عن حقوقهم ومطالبهم المشروعة.
لذلك، فالإشارة الملكية إلى أن الأحزاب السياسية "يتعين عليها استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، لأن أبناء اليوم، هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم. كما يجب عليها العمل على تجديد أساليب وآليات اشتغالها" … هذه الإشارة الهامة هي تأكيد أيضا على ما يجب أن يثمره عمل الأحزاب السياسية في تقوية مناعة المغرب وفي توفير المستلزمات السياسية والفكرية والبشرية المطلوبة للنجاح في رفع التحديات وتحقيق أهداف وطموحات وانتظارات المواطنين، وتعزيز صورة المغرب وموقعه ضمن الدول الصاعدة.
وفي المحور الثاني، أي الشأن الاجتماعي وتحسين مستوى الحياة، كان من الطبيعي أن يأخذ حجما أكبر، وذلك بالنظر إلى كون جلالة الملك، وطوال ال 19 سنة الماضية، خص هذا الموضوع باهتمامه المتواصل، وجعله كعنصر محوري في توجهات البلاد واختياراتها، كما تشهد على ذلك الكثير من المحطات والمبادرات العملية، ومنها على سبيل المثال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ورش الجهوية المتقدمة المدعوة للمساهمة في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، والدعوة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي، والتأكيد على جعل التنمية الاقتصادية متلازمة مع التنمية الاجتماعية… إلى غير ذلك من القرارات الهادفة إلى بناء العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
هذا الحرص والاهتمام بالشأن الاجتماعي والتنموي يتأكد مجددا في خطاب العرش لهذه السنة، حيث دعا جلالة الملك إلى "إعادة هيكلة شاملة وعميقة، للبرامج والسياسات الوطنية، في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، وكذا رفع اقتراحات بشأن تقييمها"، مع الأخذ، في نفس الوقت بمنهجية التدقيق والتركيز، من خلال التركيز على المبادرات المستعجلة الأربعة التالية:
* إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي ابتداء من الدخول المدرسي المقبل .. وذلك من أجل التخفيف من التكاليف التي تتحملها الأسر.
* إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .. ودعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل .
* تصحيح الاختلالات التي يعرفها برنامج التغطية الصحية (راميد)، بموازاة مع إعادة النظر، بشكل جذري، في المنظومة الوطنية للصحة التي تعرف تفاوتات صارخة، وضعفا في التدبير.
* الإسراع بإنجاح الحوار الاجتماعي، ودعوة كل الفرقاء الاجتماعيين إلى التحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، بالقطاعين العام والخاص.
هكذا نكون أمام نماذج جديدة أو متجددة من المبادرات والقرارات والتوجيهات الملكية في المجال الاجتماعي، والتي تبرز المكانة المركزية التي يحتلها الشأن الاجتماعي في اهتمامات جلالته، وإذ يمكن القول، وبدون أية مبالغة، أنها تضع إلى جانب لقب (ملك الفقراء) لقبا آخر هو (ملك التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية) .
وتناول خطاب العرش أهم مشاغل وقضايا الساعة يعني أيضا ملامسة الشأن الاقتصادي، وما تفرضه الوضعية من تدابير وقرارات مستعجلة. وهنا يورد الخطاب الملكي، وبالصراحة والدقة المعهودة، إجراءات دالة على الحاجة إلى بلورة مجموعة من الإصلاحات الجديدة، التي من شأنها تنشيط الحياة الاقتصادية وإنعاش الاستثمار حيث يتعين، على الخصوص، إنجاح ثلاثة أوراش، وهي:
* إصدار ميثاق اللا تمركز الإداري، داخل أجل لا يتعدى نهاية شهر أكتوبر المقبل، بما يتيح للمسؤولين المحليين، اتخاذ القرارات، وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة.
* الإسراع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، وبتفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها..
* اعتماد مقتضيات قانونية تنص على تحديد أجل أقصاه شهر للإدارات المعنية للرد على الطلبات المتعلقة بالاستثمار، وعلى أن لا تطلب أية إدارة عمومية من المستثمر وثائق أو معلومات تتوفر لدى إدارة عمومية أخرى …
هكذا، وبكل مضامينه الهامة الأخرى، يكون خطاب الذكرى 19 لاعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه المنعمين، قد أعطى انتعاشة جديدة للحياة السياسية الوطنية، وكان له من الأصداء والوقع، ما يبعث على الثقة في قدرة المغرب على كسب رهاناته في مختلف المجالات، وأيضا ما يحفز على المزيد من العمل الجاد والمثابر.
وإن كانت مجموعة من المهام التي تطرق إليها الخطاب تندرج ضمن الأوراش المفتوحة، فإن في ذلك ما يعيد طرح سؤال الحكامة ومسؤولية الإسراع في الإنجاز والتنفيذ، سيما وأن هناك مواعيد مضبوطة وحاجيات مستعجلة.
ولابد أيضا من الانتباه إلى أن قضايا متعددة وأساسية مطلوب فيها اعتماد المنهجية التشاركية التي تحتم بالضرورة المقاربة التشاركية والعمل الجماعي، وبالتالي التنسيق والتكامل بين جهود مختلف المتدخلين.
هي بالفعل تحديات كبرى ورهانات قائمة.. قضايا حيوية وأهداف سامية تستوجب بالفعل حضور الروح الوطنية والغيرة الوطنية والحماسة الوطنية التي ينبغي أن تكون هي المحرك لكل الجهود والموحدة لكل الطاقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.