تأكد للإدارة الأمريكية بما لا يدع مجالا للتردد أو الشك، وبعد عدد من التنبيهات والإشارات والاستدعاءات والتحقيقات والإنذارات والتحذيرات الموجهة لدولة العصابة الحاكمة في الجزائر، أن هذه العصابة غير قادرة على أن تكون شريكا موثوقا وذا مصداقية يعول عليه في ضمان الاستقرار والأمن والسلام في منطقتها وجوارها، ومن ثمة كان الإلحاح الأخير لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا جوشوا هاريس، خلال الزيارة التي قام بها بحر الأسبوع الفارط، على قادة العصابة الحاكمة في الجزائر لبحث السبل والتدابير العملية الكفيلة بتنزيل الحل السياسي بشأن النزاع المفتعل حول الصحراء، قطعا لدابر الغموض والتلبيس اللذين تحيط بهما العصابة موقفها من دعوات المنتظم الأممي لها للجلوس إلى طاولة المفاوضات برعاية أممية حصرية، وبحث الحل السياسي الواقعي والدائم والشامل والنهائي للنزاع المفتعل. وحتى نتعرف بدقة الرسائل الدقيقة والواضحة وشديدة اللهجة للزيارة الحاسمة للديبلوماسي الأمريكي إلى دولة العصابة الحاكمة في الجزائر، وبعيدا عن التضليلات الدعائية والأكاذيب الإعلامية للعصابة حول أسباب الزيارة، وتزويرها لأقوال وتصريحات على لسان الديبلوماسي الأمريكي، فإننا سنكتفي بجرد عدد من الرسائل التي تضمنها تصريحه المنشور في الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية في الجزائر، والذي هو النص الأصلي للحوار الصحفي المزور الذي أجرته معه إحدى قنوات العصابة وأذرعها الإعلامية وتداولت وسائل الإعلام الجزائرية هذه النسخة الحوارية المزورة التي أساءت أيما إساءة إلى مصداقية العلاقات الدولية، بنسبة مواقف وتصريحات كاذبة ومزورة ومختلقة لقيادات وزعماء وديبلوماسيين من غير حياء أو ذرة أخلاق، وترويجها في الإعلام الرسمي وعلى واسع نطاق. تضمنت تصريحات الديبلوماسي الأمريكي هاريس الرسائل الفاضحة والواضحة الآتية: الرسالة الأولى: أنه من حيث الشكل لا مجال بعد أحداث ووقائع مشابهة في إطلاق العصابة تصريحات كاذبة على ألسنة المسؤولين الأمريكيين، للتساهل أو التراخي في تكذيبها وتصحيحها من عقر الجزائر، ولذلك تكلفت السفارة الأمريكية في الجزائر بنشر النص الكامل باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية للحوار الصحفي الذي اعتبره البوق الإعلامي الجزائري الذي أجراه حصريا وحكرا عليه. مع تصدير هذا الحوار ب"بيان أولي" يشير إلى أسباب الزيارة ومتعلقاتها وعلى رأسها اختراق الموقف المتصلب والمتجمد للعصابة من مفاوضات الحل السياسي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وبعبارة البيان الأولي: " تمكين المبعوث الشخصي دي ميستورا من إحراز تقدم دون مزيد من التأخير. إن التصعيد واحتدام الصراع العسكري أمر مثير للقلق للغاية وسيبعدنا عن الحل السياسي الذي نحن في أمس الحاجة إليه. موقفنا واضح ومعروف لدى الحكومة الجزائرية وغيرها. وفي الوقت نفسه، لا يوجد طريق مختصر، ولا يمكن فرض السلام من الخارج. الحل الدائم والوحيد هو عملية الأممالمتحدة التي ستمكن الأشخاص الذين يعيشون في الصحراء الغربية من تقديم إسهام مناسب بشأن مستقبلهم". لقد وضع نشر النص الأصلي للحوار الصحفي في موقع السفارة الأمريكية في الجزائر، الأبواق الإعلامية للعصابة التي زورت الحوار ونشرت بالبنط العريض عبارات كاذبة لم ترد فيه، أمام فضيحة أخلاقية غير مسبوقة في مهن الصحافة والإعلام والنشر المسؤول، وتتحمل العصابة الحاكمة في الجزائر كامل المسؤولية عن تحريف تصريحات الديبلوماسي الأمريكي، وعن إقحام أصوات البوليساريو وعبارات الاستفتاء وتقرير مصير الشعب الصحراوي، في كلام رجل دولة مسؤول حمل إلى الجزائر مواقف بلاده الحاسمة والواضحة بكلمات دقيقة وموزونة من مثل تأييد الحكم الذاتي وحديث عن ساكنة الصحراء لا عن بوليساريو أو الشعب الصحراوي أو جمهورية الوهم… ولعلم الولاياتالمتحدةالأمريكية المسبق بالنوايا السيئة للعصابة لتحريف مواقفها الرسمية الواضحة من النزاع المفتعل حول الصحراء، تخرج بيانات الديبلوماسية الأمريكية عند كل لقاء مع المسؤولين الجزائريين، ببيانات التوضيح والتصحيح، والتي منها تعمد نشر النص الكامل للحوار مع هاريس مترجما بدقة إلى عدد من اللغات، تفاديا لتلاعب العصابة بالحدث وبالتصريحات الأمريكية، وهو التلاعب الذي حصل بالفعل وتم ضبطه في نشرات إعلام العصابة بما فيه النشرة التي نسب إليها إجراء الحوار المزور في موقع صحيفة "الجزائر الآن". الرسالة الثانية التي بعثها الديبلوماسي الأمريكي في تصريحاته في الحوار المذكور، هو تأكيده على الدور المحوري للجزائر في النزاع المفتعل، وتكراره طلب انخراط الجزائر في بحث مسلسل الحل السياسي، والخروج بالتالي إلى العلن كطرف رئيس في النزاع من منطلق انكشاف اللعبة السياسية الجزائرية للعالم والقائمة على التمترس خلف جبهة وهمية آثر الديبلوماسي هاريس أن لا يستدعيها لا في حواره وحديثه ولا في زيارته للمنطقة، حيث أكد أن "صوت الجزائر حاسم للغاية في دعم عملية الأممالمتحدة، لذلك أتطلع إلى الاستماع من أصدقائنا الجزائريين حول كيفية رؤيتهم للوضع وكيف يمكننا معًا تهيئة الظروف اللازمة لعملية الأممالمتحدة للمضي قدمًا"، كما طالب بشكل واضح بأن يرتقي الشريك الجزائري إلى مستوى مسؤولياته وانتظارات المجتمع الدولي منه، فقط يلزم شيء من الصدق والصراحة المفتقدة في العصابة يقول هاريس بواضح العبارة: "نتوقع من أصدقائنا الجزائريين أن يكونوا صادقين وصريحين معنا". وقال أيضا عند سؤاله حول ما إذا كانت الجزائر صديقا وشريكا حقيقيا، أن "الشراكة الحقيقية مبنية على وجهات نظر صادقة". الرسالة الثالثة في الموضوع، أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ليس كما تدعي العصابة مجرد تغريدة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإنما هو قرار للدولة، ومن ثمة أعاد هاريس التأكيد في تصريحه الأصلي والرسمي غير المزور، أن موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية واضح تعلمه الجزائر، وأن "الولاياتالمتحدة تعتبر مقترح المغرب للحكم الذاتي جديًا وذا مصداقية وواقعيًا… نحن بحاجة إلى المبعوث الشخصي لتحقيق النجاح. لذا، فقد عدت إلى الجزائر لإجراء جولة أخرى من المشاورات مع شركائنا الجزائريين حول الخطوات العملية لإنجاح العملية السياسية للأمم المتحدة". وهذا المقطع بالتحديد، المثبت في النص الأصلي للحوار، محذوف من الحوار المزور المنشور على أوسع نطاق بدولة العصابة المزورة. الرسالة الرابعة، أنه بعد إقرار مسلسل الحل السياسي التفاوضي النهائي، قد نسخت جميع التجارب السابقة لما يسمى بتقرير المصير أو الاستفتاء، ولا إمكانية على الإطلاق للعودة إلى الوراء بينما المطلوب التقدم خطوات إلى الأمام بمراعاة التطورات الأخيرة التي انتهت إليها مقررات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وهي الموائد المستديرة بمشاركة جميع أطراف النزاع بما فيها الطرف الرئيسي وهو الجزائر، يقول الديبلوماسي الأمريكي بواضح العبارة: "يتطلب الأمر الإبداع والبراغماتية والواقعية. إن نفس النوع من الجهود التي أدت إلى عمليات سياسية غير ناجحة في السنوات الماضية من غير المرجح أن تسفر عن نتائج. ولهذا السبب تحدث مجلس الأمن بوضوح شديد عن خلق روح الواقعية والتسوية وأهمية قيام جميع المعنيين بالتوسع في مواقفهم". لا حديث إذا عن أي خيار آخر من مثل الاستفتاء أو تقرير مصير شعب البوليساريو، بل حتى عن البوليساريو نفسه، وهي العبارات التي أقحمتها زورا وبهتانا وكذبا وغشا وتضليلا عصابة الكوكايين في تصريحات هذا المسؤول الأمريكي، بل في الحوار المزعوم والمرقع الذي خرجت به صحيفة "الجزائر الآن" زعما منها أنه حصري لها، والحال أن موقع السفارة الأمريكية في الجزائر كان يقظا ومتحسبا لهذه السقطة السياسية والأخلاقية المعتادة من العصابة، فنشر في اليوم نفسه النص الأصلي والصحيح للحوار الصريح توجيها للعصابة إلى ما يتعين القيام به لتلبية نداء الحقيقة والصراحة والصدق، وما يتعين الاعتقاد فيه من المواقف الحقيقية للإدارة الأمريكية من نزاع مفتعل بات تلاعب الجزائر بنيرانه محط قلق للمجتمع الدولي، ومحل تدخل أمريكي حاسم لإنهائه بإلزام الطرف الجزائري بتحمل مسؤولياته الكاملة في إيقاف نزيفه كما بدأته وعقدته. المطلوب إذا حسب هاريس "تمكين المبعوث الشخصي دي ميستورا من إحراز تقدم دون مزيد من التأخير. إن التصعيد واحتدام الصراع العسكري أمر مثير للقلق للغاية وسيبعدنا عن الحل السياسي الذي نحن في أمس الحاجة إليه. موقفنا واضح ومعروف لدى الحكومة الجزائرية وغيرها". فهل بالتزوير تلو التزوير المكشوف والمفضوح، يمكن للعصابة أن تخفي إخفاقاتها المتكررة في تجريب الفوضى والعدمية والتطاول والاستفزاز؟ وهل بمثل هذه القفزات والتضليلات يمكنها أن تواجه الفاعل الأمريكي الذي يترقب منها انخراطا فعليا في عمليات السلام والاستقرار في المنطقة، وفي الحل السياسي ولا شيء غير الحل السياسي؟