جملة "التطابق التام لوجهات النظر" خصوصا حول ما يتعلق بنزاع الصحراء، بين الجزائر وهذه الدولة أو تلك التي تربطها معها علاقات صداقة أو شراكة أو جوار أو حوار، هي اللازمة الأثيرة في بلاغات رئاسة نظام العصابة أو بيانات ديبلوماسيته أو نباحات وصياحات إعلامه، رغم أن الطرف الثاني في العلاقة عند كل لقاء أو اجتماع إما ينكر أن يكون ثمة تطرق أصلا لموضوع الصحراء، أو يكذب ما نسبته إليه بلاغات العصابة من تطابق وجهات النظر الملتبسة التي يضاف إليها في البلاغات زيادات من كيس العصابة، من مثل الاستفتاء وتقرير المصير والشعب الصحراوي، وما إلى ذلك من الأطروحات التي لا تعني إلا العصابة في مسارها الاندحاري والانحداري، ولا تعني المجتمع الدولي في انخراطه التام في مسار حل سياسي توافقي واقعي وجدي ومستقبلي تعرضه مبادرة الحكم الذاتي التي يشيد بها كل الرؤساء والديبلوماسيين الذين تلتقي بهم العصابة، وتدبج باسمهم بلاغات عن تطابق وجهات النظر بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء، ومسارات حله أمميا. والحال أن لا رؤساء هذه الدول، الذين تلتقي بهم العصابة وتلتقط معهم صورا وتتبادل معهم التحية والسلام، ولا وزراءها وديبلوماسييها معنيون من قريب أو بعيد بالأطروحة الانفصالية الجزائرية التي تسوقها العصابة على أنها موضوع تطابق وجهات النظر مع هذا الرئيس أو هذا الوزير وذاك الديبلوماسي. تكررت وقائع هذا التضليل والتزييف والتحريف لمواقف الدول إلى حد أنها صارت قاعدة تستنسخ من بلاغ إلى آخر، وبدون أدنى اعتبار لسمو العلاقات الدولية وأخلاق المعاملة، والصدق في نقل الخبر ونسبة المواقف والأقوال والتصريحات كما هي إلى أصحابها. فإذا كانت العصابة تستقبل أو تزور دولا تربطها مع المغرب علاقات قوية ومبادئ ثابتة، ولديها مواقف حاسمة وواضحة من النزاع المفتعل حول الصحراء، بدعم الوحدة الترابية للمغرب، بل وفتح قنصليات في أقاليمه الجنوبية، تصرح العصابة بأسمائهم كداعمين لأطروحتها الانفصالية في أي لقاء بهم، تحت لازمة "تطابق وجهات النظر"، فكيف صنيعها مع دول ليست بهذا الوضوح التام في مواقفها. آخر مثال – وليس الأخير- على تطابق التضليل والتزييف الجزائري لمواقف وتصريحات الدول بل ولثوابت سياستها الخارجية، ما روجته ديبلوماسية ووسائل إعلام العصابة أثناء وعقب زيارة رئيسها لدولة سلوفينيا، من تطابق وجهات النظر بين الدولتين بخصوص نزاع الصحراء… مع أن لا رئاسة سلوفينيا ولا خارجيتها أبدتا من قريب أو بعيد ما يفيد وجود اتفاق أو توافق مع العصابة في توجهها الانفصالي والعدائي ضد المغرب، وسواء قبل زيارة تبون العصابة أو أثناءها أو بعدها، فإنه لم يصدر عن سلوفينيا أي موقف تراجعي عن دعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، ومع ذلك أصر تبون العصابة على تمرير تضليله وتزييفه للموقف السلوفيني تحت عبارة الشكر والامتنان لرئيسة سلوفينيا على مواقفها المشرفة من القضيتين الفلسطينية والصحراوية، التي سيفرغها في ما بعد في القالب الجاهز لعبارة "تطابق وجهات النظر" التي تحمل معاني المجاملة والمسايرة والمداهنة والخبث أكثر مما تعبر عن حقيقة ذات مصداقية في الواقع. وذلك أن الحقيقة بالفعل التي تسعى هذه العبارة إلى طمسها وتزييفها، بخصوص موقفي كل من دولة سلوفينيا المحترمة ودولة العصابة الكاذبة الخاطئة الفاقدة للمصداقية، هو أن سلوفينيا هي أولا دولة أوروبية لا تعترف بما يسمى بجمهورية الوهم الصحراوي، بينما جزائر العصابة تعترف بها وتدعمها وتبذل الغالي والنفيس لإبقاء الوهم حيا يرزق فوق أراض تحت سيطرتها، وسلوفينيا ثانيا عبرت في أكثر من موقف وعلى غرار سائر دول المعمور ودول الاتحاد الأوروبي خاصة، عن إشادتها بمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية، بل واعتباره "أساسا جيدا للتوصل إلى حل نهائي متوافق عليه"، أما جزائر العصابة فلا ترى للحكم الذاتي أي وزن أو قيمة أو حتى إمكانية لاقتراحه وطرحه أمام تصلبها وجمودها عند أطروحة استفتاء تقرير المصير المقبور تاريخيا وأمميا، وثالثا أن سلوفينيا منخرطة كجميع شركائها في الاتحاد الأوروبي في مسارات الحل السياسي الأممي وحصرية دور الأممالمتحدة في الإشراف على العملية السياسية لتسوية النزاع، في إطار آلية الموائد المستديرة، وعلى أساس التفاوض بين الأطراف الأربعة للنزاع، والتي تعتبر الجزائر منها، بينما العصابة الحاكمة في الجزائر تقف موقفا سلبيا وعدائيا ضد هذا التوجه أو المسار الأممي، دافعة ميليشياتها إلى الواجهة للتلويح بالحرب بل ولتدبيج البلاغات العسكرية، التي وصلت إلى غاية اليوم إلى عتبة الألف بلاغ عن دك المعاقل والتخريب والقتل والاستعداد لمعركة الحسم بقوة السلاح… الأمر الرابع والأهم في كل هذا أن جزائر العصابة لا يمكن أن تلعب دور المحايد، أو الطرف الملاحظ، أو الناصح الأمين، أو الحكم السديد الذي لا مصلحة له في هذا الملف، تلتقي فيه مع الدول للتعبير عن مواقف مشتركة تهدف إلى إيجاد حل أو المساعدة على تجاوز انحباس، لأنها طرف في التحريض ضد المغرب، بل طرف رئيس في ابتداء النزاع وإذكائه، فكيف تتوافق دولة محترمة تسعى بوضوح تام إلى إنهاء النزاع على أساس الحل السياسي التوافقي، باعتماد مرجعية الحكم الذاتي، وفي إطار حصرية المسار الأممي وقرارات مجلس الأمن التي أقبرت ما يسمى بمخطط استفتاء تقرير المصير، مع عصابة لا خلاق لها ولا عهد ولا مصداقية ولا هيبة ولا وزن، بل ولا موقف، تزعم انتظارها تنزيل استفتاء تقرير المصير، وفي الآن نفسه تقرر في مصير مرتزقتها وتمنحهم صفة الدولة والرؤساء والوزراء والسفراء والجيش، وتقتطع لهم أرضا وشعبا من الوهم، وتسلحهم بالخفيف والثقيل من الأسلحة، وتهرب إلى حساباتهم ثروات الجزائر ومدخراتها، تطوف بهم أرجاء المعمور، وتدسهم في المنظمات والملتقيات، وتنسف بهم أمن وطمأنينة الشركاء ومصالحهم، وتبتز بهم قارة بأكملها. فمَن مِن الدول الوازنة والشعوب المحترمة من ستتوافق رؤيتها ومواقفها مع هذه العصابة الموتورة التي تسعى في الأرض خرابا وفي العرض سبابا، ولا تريد حلا، حتى ولو كان سيحفظ ماء وجهها ويجنبها سوء العاقبة المشهودة.