اجتمعت في الأيام القليلة الماضية مجموعة من الوقائع والأخبار والمعطيات التي أفرزتها التحركات العشوائية والمجانية لديبلوماسية عصابة الكوكايين الحاكمة في الجزائر، المهرولة إلى عدد من العواصم الأوروبية والآسيوية على عجل، ومن جملة هذه الإفرازات ما تراكم حولها من أكاذيب وتضليلات العصابة بشأن الزيارات سواء التي قام بها رئيسها المعين أو وزير خارجيتها الموتور إلى كل من البرتغال وروسيا وألمانياوإيطاليا وصربيا وإيران، وهي الأكاذيب المعهودة بشأن الملف الوحيد والأوحد لدى الديبلوماسية الخارجية والسياسة الداخلية للعصابة والمتعلق بموضوع الصحراء المغربية الذي يعتبر بالنسبة لها مسألة حياة أو موت. فكلما التقى مسؤول جزائري بنظيره في الدول المشمولة بزيارته إلا وكانت التصريحات جاهزة قبليا لتكرار أكاذيب وأخبار مزورة على لسان ديبلوماسيات هذه الدول مفادها وجود "تطابق وجهات النظر" بين الجزائر وهذا البلد أو ذاك بشأن النزاع في ملف الصحراء، مع حشو التصريحات والبيانات والبلاغات والتغطيات الإعلامية للعصابة بتفاصيل غير واردة في الخطابات الديبلوماسية لهذه الدول موضوع اللقاء وزيارة التعاون، من مثل الاستفتاء وتقرير المصير وتصفية الاستعمار والشعب الصحراوي، وما إلى ذلك من مصطلحات لا تلزم إلا العصابة وخدامها، أما هذه الدول التي تورطها العصابة في مثل هذه الدعاوى والادعاءات والتصريحات فإن بلاغاتها الرسمية وتصريحات مسؤوليها وقادتها التي يطلع عليها الجميع، سواء قبل الزيارة أو أثناءها أو بعدها، لا تشير من قريب أو بعيد إلى ما تزعمه العصابة من موافقتها والتطابق معها في أطروحتها الانفصالية، بل الأدهى والأمر أن في زيارة ديبلوماسية العصابة لصربيا وألمانيا أظهرت الدولتان مواقف داعمة لمغربية الصحراء وللحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية، بعبارات واضحة وصريحة، ومع ذلك ادعت العصابة وبلغة مستنسخة ومكرورة وجاهزة وجود تطابق لوجهات النظر مع البلدين في موضوع الصحراء… بل إن بلدانا زارتها ديبلوماسية العصابة رغم كل ما يربطها معها من وشائج وتواطؤات، لم تذكر في بلاغاتها وبياناتها الرسمية وتصريحات رؤسائها وديبلوماسييها أي تطرق لحديث ثنائي مع العصابة عن موضوع الصحراء، تصر العصابة وأذنابها الإعلامية على جعل موضوع الصحراء من بين أهم الملفات التي تم التطرق إليها، والتعبير بشأنها عن "تطابق وجهات النظر". ولطالما تفاجأت العديد من الدول التي ترتبط مع العصابة بزيارات متبادلة وشعرت بحرج كبير من تحريفات لتصريحاتها أو مواقفها عقب الزيارة، والتي تنسب إليها القول بالأطروحة الانفصالية لأقاليمنا الجنوبية ودعم العدوان على المغرب وعلى وحدته الترابية، فتضطر أمام وقائع تزييف مواقفها والكذب البواح عليها، إلى التوجه بخطابها إلى المغرب للبراءة من أي تصريح أو بلاغ لم يصدر عنها بشأن الموقف من نزاع الصحراء، مع إعادة تأكيد سواء مواقفها الحيادية من هذا النزاع، والداعم لمسارات الحل الأممي، أو إعلان دعم مغربية الصحراء وتبني الحل السياسي الذي تقترحه مبادرة الحكم الذاتي. وقع الأمر مع البرتغال مثلما وقع مع صربيا ومع ألمانيا ومع إيطاليا، مثلما وقع الأمر نفسه مع الحليف الروسي للجزائر الذي حملت العصابة تصريحاته الداعمة لمسارات الحل الأممي الحصري، ما لا يحتمله من هوامش وإضافات على مزاجها ومقاسها. وها هي إيران اليوم في الموقف المحرج نفسه مع العصابة، علما أنها كانت من أكبر حلفاء العصابة وداعميها في عدوانها على المغرب، وفي تسليح وتدريب ميليشياتها الانفصالية، قبل أن يدلي رئيس ديبلوماسيتها حسين أمير عبد اللهيان أثناء استقباله بمناسبة عيد الأضحى المبارك لسفراء الدول الإسلامية المعتمدين في بلاده، بتصريحات أكد فيها توجه إيران لتطبيع علاقاتها مع المغرب، ومن ثمة وجود استعدادات إيرانية جديدة لإعادة النظر في علاقاتها مع الدول العربية في إطار سياسة خارجية جديدة تنأى عن التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وتحترم وحدتها الترابية. ولأن العصابة الحاكمة في الجزائر استشعرت خطورة التوجه الإيراني الجديد على أطروحتها العدوانية ضد المغرب، سارعت إلى تكليف رئيس ديبلوماسيتها القادم توا من زيارات فاشلة ومخزية إلى أوروبا، لزيارة إيران ولقاء نظيره هناك لاعتماد تصريح أو بلاغ أو بيان يؤكد على "تطابق وجهات النظر" بين الجزائروإيران بشأن نزاع الصحراء وتقرير المصير والاستفتاء وشعب محتل… وما إلى ذلك من ألفاظ مموهة ومنتهية الصلاحية أمميا وعلى أرض الواقع. وفعلا قامت العصابة بمناسبة الزيارة بإصدار بيانها الذي يهمها منه ملفها الصحراوي الوحيد ممهورا بعبارة "تطابق وجهات النظر" بين الدولتين بشأن تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية. والحقيقة أن طهران لم تصرح من جانبها وعلى الإطلاق بأي موقف يهم الصحراء في هذا اللقاء مع رئيس ديبلوماسية العصابة، بل تجاهلت تصريحات ديبلوماسيي دولة إيران وبلاغاتها وقصاصات أنبائها هذا الموضوع جملة وتفصيلا، لأنه بكل بساطة إما أنه لم يكن موضوع مناقشة أو تداول، فضلا عن أن يكون موضوع اتفاق وجهات النظر والموقف، أو أن إيران تحفظت، في سياق تحولات إصلاح علاقتها المرتقبة مع المغرب، من العودة إلى ما كان سببا في قطع هذه العلاقة وهو الموقف من الصحراء المغربية، ومسك المغرب أدلة قاطعة وملموسة عن تورط ملالي إيران ووكلائها في المنطقة العربية والمغاربية في تسليح وتدريب ميليشيات البوليساريو. لقد ميعت العصابة ولوثت كل مفاهيم التعاون الدولي والعلاقات الثنائية بين حلفائها وشركائها وفرقائها، بإصرارها على تحميل المفاهيم السياسية النبيلة في العلاقات الدولية مضامين مقيتة وكاذبة ومغالطة، ومن بينها إسناد تصريحات وتأويلات إلى المواقف المعبر عنها من أجهزة الدول ومؤسساتها، بدعوى افتراض وجود تطابق وتوافق في وجهات النظر. ومن ثمة وفي غياب رادع أخلاقي أو محاسبة سياسية رسمية أو شعبية على هذه الزوائد المرضية والعصابية لدى العصابة، سيجعلها تتمادى في هذا التهريج والعبث إلى حين مروقها النهائي عن مقتضيات الصدق والمصداقية، وعزلها دوليا كما يعزل الأجرب اتقاء العدوى والضرر. ولعل مماطلة العديد من قادة الدول في الاستجابة لطلبات العصابة بلقاء ديبلوماسي أو زيارة خاطفة وتبادل مجاملات أو تصريحات… يدخل في باب الحذر من الاستغلال المَرَضي من طرف العصابة لمثل هذه المناسبات النبيلة للإيقاع بالدول في الفخاخ، والتحريش بين الشعوب، وخلط الأوراق، والتسبب في أزمات، والوقوع في أفعال وسلوكات طائشة لا تتحرج منها العصابة. فإذا كان العقلاء يصونون أفعالهم وأعمالهم وسلوكاتهم من العبث، حفاظا على مصداقيتهم وتأمينا لموثوقية العلاقة معهم من الوقوع في المحاذير والمخاطر، فإن مجانين العصابة يعتبرون زعزعة الثقة في سياسة البلد، والعربدة بين الدول، واستفزاز مشاعرها، والتحريش بين الشعوب، والكذب والتضليل والتزوير بطولة وزعامة وقوة ضاربة ومحورية قادرة على هز العالم وإقامة الدنيا والقيامة، كما صرح قبل أسابيع رئيسها المعين… ومن كان هذا حاله في التهريج والعربدة وفقدان البوصلة، فإن احتجازه والتحجير عليه وإيداعه في أقرب مصحة عقلية وبيمارستان أصلح له وللناس جميعا من متابعة الشريط الكارثي والمؤلم لسقوط دولة وانهيار كيان، وسماع كل هذا الهذيان والبهتان الذي يدفع الشعب الجزائري ثمنه غاليا من مكتسباته ومن مستقبل أجياله الصاعدة.