يشكل المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا أحد أعمدة المنظومة الصحية بجهة الرباط، إلا أنه عانى طيلة عقود من اختلالات بنيوية أثرت سلبا على جودة خدماته. اليوم، يشهد المركز تحولا استثنائيا يعيد إليه الاعتبار كمؤسسة عمومية ذات أدوار محورية، بفضل دينامية إصلاحية يقودها فريق إداري جديد بعزيمة واضحة لبناء نموذج يحتذى به في الحكامة والتدبير. وفي هذا الإطار أكد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا يعيش اليوم تحولا جذريا وغير مسبوق، بعد عقود من التدهور وسوء التدبير وتفشي الفساد، حيث وضعت الإدارة الحالية، برئاسة البروفيسور محسن، حدا لسنوات من الاختلالات من خلال إطلاق مسار إصلاحي جاد يضع الحوكمة والشفافية والكفاءة في صميم عملية إعادة البناء. يبرز لطفي، أن أولى خطوات هذا التحول تمثلت في تدبير عملية نقل الموارد البشرية والتجهيزات من مستشفى ابن سينا الرئيسي، الذي تقرر هدمه، نحو مستشفيات جهة الرباط-سلا-القنيطرة. وقد تمت العملية في ظروف سلسة وشفافة، باحترام تام لمبدأ التخيير والرضائية، وبدعم من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وخبراء مختصين، ما أسهم في تجاوز كل التوقعات السلبية التي كانت تشير إلى إمكانية حدوث توتر أو اضطراب في صفوف العاملين. كما شدد على أن الإدارة الجديدة للمركز باشرت عملية إصلاح إداري غير مسبوقة، اعتمدت فيها معايير الكفاءة والنزاهة في التعيينات، وأعادت هيكلة مناصب المسؤولية بشكل يتماشى مع المرسوم المنظم للمناصب العليا، تحت إشراف لجان محايدة، مما أرسى مبدأ الاستحقاق وقضى على منطق الولاءات والشبكات غير الشفافة التي ظلت لسنوات تهيمن على القرار الإداري داخل المؤسسة. وأوضح أن الإدارة الحالية قطعت بشكل نهائي مع مظاهر الريع والفساد، حيث تم غلق الأبواب في وجه المتلاعبين بصحة المواطنين والذين اعتادوا الاستفادة من صفقات مشبوهة أو التستر خلف نقابات وجهات سياسية لا ترغب في تقدم المؤسسة. وقد أسهم هذا الحزم في استعادة الثقة داخل المركز وفي محيطه المؤسسي والمهني، وأعاد الاعتبار لمبادئ الشفافية والمسؤولية. يرى علي لطفي، أن الإدارة لم تكتف بالإصلاحات الإدارية بل واجهت أيضا جميع الادعاءات المغرضة والمزاعم الكاذبة بحزم ووضوح، مؤكدة أن جميع الإجراءات المتخذة تتم في إطار قانوني شفاف كما فتحت أبواب الحوار مع جميع الشركاء الاجتماعيين، وعلى رأسهم النقابات الجادة واعتمدت نهجا تشاركيا مع مختلف الفئات من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين، مما ساعد على حل عدد من الملفات العالقة وتحسين ظروف العمل داخل المركز. كما أشار إلى أن المركز يواصل اليوم تنفيذ خطة استراتيجية طموحة في إطار تنزيل مشروع المجموعة الصحية الترابية على مستوى جهة الرباط-سلا-القنيطرة. وتهدف هذه الخطة إلى إرساء تكامل فعلي بين مستشفيات الجهة، وتحديث التجهيزات وتوحيد البروتوكولات العلاجية، وتأهيل الموارد البشرية من خلال التكوين المستمر والتحفيز بما يضمن جودة الرعاية وتحسين تجربة المريض. وأكد أيضا، أن الإدارة تسعى أيضا إلى تفعيل التحول الرقمي، من خلال رقمنة التواصل بين مختلف أقسام المركز وتسهيل ولوج المرضى للخدمات كما تعمل على تبني معايير الجودة الشاملة مستلهمة نموذج مستشفى الأنكولوجيا سيدي محمد بن عبد الله، في أفق افتتاح مستشفى ابن سينا الجديد من الجيل الرابع الذي سيشكل قفزة نوعية في البنية التحتية الطبية بالمغرب. يختم المتحدث ذاته، بالتأكيد على أن هذه الدينامية الإصلاحية تنسجم تماما مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الهادفة إلى إصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية وجعل الحق في العلاج ركنا أساسيا في دولة العدالة الاجتماعية. ويشدد على أن المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا يكتب اليوم صفحة جديدة مشرقة من تاريخه، عبر تبنيه نهج الجودة والتغيير وجعل المواطن محور الاهتمام، تحت شعار: "رعاية آمنة وجودة شاملة… المواطن أولا".