﴿بصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت؛ وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق، تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك. لذلك، حرصت دوماً على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.﴾ محمد السادس (29-7-2025) وجَّه الملك محمد السادس خطاباً إلى الأمة المغربية بمناسبة الاحتفال بالذكرى السادسة والعشرين لتربُّع جلالته على العرش. وقد شكَّل هذا الخطاب وقفة تأملية بالغة القيمة، جمعت بين التذكير بالمكاسب الهامة ذات الصلة بالتوجهات الاستراتيجية في المنحى الماكرواقتصادي: قطاع السيارات، والطيران، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية، والسياحة؛ والتنبيه إلى التحديات المرتبطة بالواقع غير المريح للظروف الاجتماعية الصعبة التي تواجه عديد المواطنين في مختلف مناطق وجهات المملكة. فضلاً عن توقُّف الملك عند قضايا جوهرية من قبيل: الدعوة إلى تكريس الجهوية المتقدمة، وتثمين الخصوصيات المحلية، وتضامن المجالات الترابية، والإسراع في الإعداد الجيد للاستحقاقات البرلمانية المقبلة. غير أن المقطع الخامس من هذا الخطاب المفصلي تضمَّن الالتزام بانفتاح المغرب على محيطه الجهوي، ونخص بالذكر الرغبة المغربية الثابتة في تطبيع العلاقة مع الشقيقة الجزائر. حيث عبَّر جلالته – باعتباره ملكاً للبلاد – عن تقديره واحترامه للشعب الجزائري الذي تربطنا به علاقات دينية ولغوية، وإنسانية وتاريخية عريقة، ومصير مشترك. مما حدا به في عديد المناسبات إلى نهج مسلك اليد الممدودة، رغبة منه في إجراء حوار ثنائي صادق ومسؤول؛ للتعاطي الإيجابي مع مختلف القضايا العالقة بين البلدين الجارين، والعمل من أجل تجاوز كل ما من شأنه أن يعرقل مسار التنمية الهيكلية والعمل المشترك بين القطرين الكبيرين في شمال أفريقيا؛ سعياً نحو إقلاع حضاري يعود بالخير العميم على مواطني إقليم المغرب الكبير، الذي يعاني راهناً ألواناً من الضعف والوهن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً. إن الحوار المباشر الصريح والصادق بين الملك المغربي والرئيس الجزائري – بعيداً عن الضغوط الإعلامية غير البناءة، والأطراف الإقليمية والدولية التي تريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه – هو وحده لا غير مفتاح السلام والاستقرار والأمن في منطقة بالغة الحساسية. لقد "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية"؛ لحظة التقارب والصلح وفتح الحدود بين البلدان المغاربية، لإنجاز ما فشلنا فيه طيلة مرحلة "الاستقلال" (60 سنة). إلى متى والخلف قائم بيننا؟ إلى متى والتعنت سيد الموقف في هذه المنطقة الغرائبية؟ ولماذا لا نطوي صفحة الشقاق والعناد، ونقتدي بقول الشاعر العراقي معروف الرصافي من زمان: وما ضَرَّ لو كان التعاون بيننا؟ فتعمُرُ بلدانٌ ويأمَنُ قَطَنُ؟