في تحد واضح للتوجهات الدولية الرامية إلى خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، توقعت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تقريرها السنوي لسنة 2025 أن يشهد استهلاك النفط العالمي ارتفاعا متواصلا حتى عام 2050، معتبرة أن الانتقال السريع إلى الطاقات المتجددة "غير قابل للتحقق"، وهو ما يضع المنظمة في مواجهة مباشرة مع أهداف اتفاق باريس للمناخ. أشارت أوبك إلى أن استهلاك النفط سيرتفع بنسبة 18.6 بالمائة من 103.7 ملايين برميل يوميا في عام 2024 إلى حوالي 123 مليون برميل يوميا في 2050. وأكد الأمين العام للمنظمة، هيثم الغيص، أنه "لا يتوقع حدوث ذروة في الطلب خلال فترة التوقعات"، مشددا على أن استهلاك النفط سيستمر في التوسع دون أي تراجع يذكر خلال العقود المقبلة. وقد رفعت أوبك من توقعاتها مقارنة بتقريرها لسنة 2024، حيث كانت تتوقع آنذاك ارتفاعا بنسبة 17 بالمئة في الاستهلاك. ويعكس هذا التحديث إصرار المنظمة على تأكيد مركزية النفط في مزيج الطاقة العالمي رغم التحولات المناخية والسياسية المتسارعة. تتناقض توقعات أوبك بشكل صارخ مع دعوات خبراء المناخ، الذين يشددون على ضرورة التخلي التدريجي والسريع عن مصادر الطاقة الأحفورية للحد من ارتفاع حرارة الأرض بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، كما نص عليه اتفاق باريس للمناخ. كما تختلف تقديرات أوبك عن توقعات الوكالة الدولية للطاقة، التي ترجح بلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته عام 2029، قبل أن يبدأ في التراجع الطفيف بحلول 2030، في سابقة تاريخية لم تحدث منذ أزمة كوفيد-19. تتوقع أوبك أن تبقى حصة النفط والغاز مجتمعة في حدود 54 بالمائة من إجمالي مزيج الطاقة العالمي بحلول 2050، بواقع 30بالمائة للنفط و24 بالمائة للغاز، رغم النمو المرتقب لمصادر الطاقة المتجددة غير الكهرومائية كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي سترتفع من 3 بالمائة في 2024 إلى 14 بالمائة بحلول 2050. وتوقعت المنظمة تراجعا وحيدا في الطلب على الفحم من 27 بالمائة في 2024 إلى 14 بالمائة في 2050، مما يعكس تحولا نسبيا نحو بدائل أقل تلويثا وإن لم يكن كافيا بحسب منظمات البيئة العالمية. ترجع أوبك هذا الارتفاع المتوقع في الطلب إلى عوامل عدة، من أبرزها ارتفاع عدد سكان العالم من 8.2 إلى 9.7 مليارات نسمة بحلول 2050، وتزايد الحاجة للكهرباء، خاصة في مراكز البيانات، إضافة إلى التوسع العمراني المتسارع وضرورة تزويد المناطق المحرومة بالطاقة في الدول النامية. ومن المنتظر أن تكون الهند أكبر مساهم في الزيادة، بارتفاع استهلاكها بمعدل 8.2 ملايين برميل يوميا خلال الفترة ما بين 2024 و2050، في حين يرجح أن يبدأ تراجع الطلب في الصين بعد 2040، وفي دول منظمة التعاون والتنمية بعد 2030.