في ظل ما باتت تشهده احتفالات عاشوراء بالمغرب من انزلاقات خطيرة، أطلقت جمعية أوكسجين للبيئة والصحة تقريرا خاصا وترافعيا تحذر فيه من تفاقم ظاهرة المفرقعات النارية والسلوكيات العنيفة المرافقة لها. ويأتي هذا التحرك الاستباقي للجمعية بعد تسجيل تصعيد غير مسبوق خلال عاشوراء 2025، حيث تكررت مشاهد التفجيرات العشوائية واستخدمت قنينات الغاز لإشعال النيران في الأزقة، فيما تم رشق القوات العمومية بالحجارة وسط ذهول وقلق السكان، مما خلق حالة من الهلع الجماعي داخل الأحياء السكنية، وعرى هشاشة منظومة الرقابة على المواد الخطرة التي تتسلل إلى الأسواق بطرق غير مشروعة وتروج أمام أعين الجميع دون حسيب أو رقيب. استنادا إلى تجربتها الطويلة في الرصد والتوثيق والعمل الميداني، توجهت الجمعية بتقريرها إلى مختلف الجهات المسؤولة محليا وجهويا ووطنيا، مناشدة إياهم باتخاذ موقف حازم إزاء هذه الظاهرة المتفاقمة وقد شملت مراسلاتها كلا من عامل إقليمالقنيطرة، باشا المدينة، رئيسة الجماعة الحضرية، والي جهة الرباط – سلا – القنيطرة، ووزراء القطاعات المعنية، كوزير الداخلية، وزير الصناعة والتجارة، وزير التربية الوطنية، وزير الصحة، وزير العدل، وزيرة الانتقال الطاقي، ورئيس مجلس النواب. وعبرت الجمعية في هذا الصدد عن استغرابها من استمرار التهاون إزاء بيع وتوزيع هذه المواد التي لم تعد مجرد "ألعاب نارية"، بل تحولت إلى أدوات تهدد سلامة الأفراد واستقرار الفضاءات العامة، وتخلف أضرارا جسدية ونفسية عميقة، خصوصا في صفوف الأطفال والمراهقين الذين يصبحون ضحايا أو فاعلين تحت تأثير الجماعة أو ضعف الرقابة الأسرية. حيث دعت جمعية أوكسجين في تقريرها إلى وقف فوري ونهائي لاستيراد وترويج المفرقعات النارية بجميع أشكالها داخل التراب الوطني، مشددة على ضرورة تجفيف منابع التهريب، وتفكيك شبكات التوزيع غير المشروع التي تنشط كل سنة بتزامن مع عاشوراء، مستفيدة من تراخي الأجهزة الرقابية، وتواطؤ بعض الجهات التي تغض الطرف عن هذه التجارة المحفوفة بالمخاطر. كما طالبت الجمعية بتعبئة شاملة لكل القوى الحية، بما فيها المجتمع المدني، المؤسسات التعليمية، وسائل الإعلام، والسلطات العمومية، من أجل تبني مقاربة وقائية وتحسيسية، تقوم على نشر الوعي وسط الأسر والتلاميذ، وتعزز ثقافة الاحتفال الآمن والمسؤول. ورغم تنوع النصوص القانونية المؤطرة لمجال السلامة البيئية والصحة العمومية، لاحظت الجمعية ضعفًا في تطبيق هذه القوانين وتفعيلها على أرض الواقع، وهو ما يسهم في تحويل عاشوراء من مناسبة ذات طابع روحي وشعبي إلى موسم للفوضى والترويع وانعدام الطمأنينة. لذلك دعت إلى ضرورة وجود إرادة سياسية واضحة تعيد الاعتبار لهيبة القانون، وتضع سلامة المواطن، خاصة الطفل، في قلب الأولويات. الجمعية. وفي ختام تقريرها، جددت التزامها بمواصلة الترافع والتوثيق ورصد الظاهرة على امتداد التراب الوطني، مؤكدة أن معركة منع المفرقعات النارية ليست تقنية فقط، بل هي معركة قيم ومسؤولية مشتركة تستوجب التنسيق بين جميع الفاعلين من أجل مغرب يحترم حق أطفاله في الأمان وحق أحيائه في السكينة، ويضمن لكل مواطن بيئة سليمة وآمنة خالية من الخطر والرعب.