اعتبرت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن العفو الملكي الذي شمل 23 من المحكومين بالإعدام يمثل خطوة متقدمة جديدة ضمن المسار المتواصل لتعزيز الحق في الحياة بالمغرب، مضيفة أن هذا القرار يندرج في إطار دينامية بدأت قبل أكثر من عشرين سنة للحد من تطبيق عقوبة الإعدام. وفي تصريح مكتوب، أوضحت بوعياش أن العفو الملكي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش شمل تحويل عقوبة الإعدام إلى السجن لمدد محددة لفائدة 23 من أصل 54 مدانا نهائيا بالإعدام، مشيرة إلى أن هذا المعطى يؤكد استمرار الدولة في تبني توجه تدريجي وثابت نحو التخلي عن هذه العقوبة، التي تعتبرها الأوساط الحقوقية قاسية وغير فعالة. وأضافت بوعياش أن عدد المحكومين الذين استفادوا من تخفيف عقوبة الإعدام منذ عام 2000 تجاوز 240 شخصا، وهو ما يفوق بأربعة أضعاف عدد المدانين حاليا بهذه العقوبة، مبرزة أن نحو 185 شخصا منهم استفادوا من هذا الإجراء خلال السنوات الخمس الأخيرة فقط، أي منذ سنة 2020. وأكدت المتحدثة أن الفصل العشرين من دستور المملكة يقر صراحة بالحق في الحياة، مذكرة في الوقت ذاته بأن تنفيذ أحكام الإعدام قد توقف منذ سنة 1993، رغم استمرار صدور هذه الأحكام من قبل المحاكم في إطار القوانين المعمول بها. وبخصوص الوضع الحالي، أوضحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن عدد المحكومين بالإعدام إلى غاية نهاية 2024 بلغ 86 شخصا، من بينهم 54 صدرت في حقهم أحكام نهائية، و32 لا تزال ملفاتهم رائجة أمام القضاء، من ضمنهم امرأة واحدة. وعن جهود المجلس في هذا الاتجاه، أبرزت بوعياش أن المؤسسة كثفت خلال السنوات الأخيرة أنشطتها الترافعية بشأن إلغاء هذه العقوبة، عبر إطلاق حملات سنوية بشراكة مع الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، تركز أساسا على الدفع نحو وقف تنفيذ الأحكام تمهيدا لإلغائها نهائيا. وفي هذا الصدد، اعتبرت بوعياش أن تصويت المغرب لأول مرة، في دجنبر الماضي، لصالح قرار صادر عن اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام على الصعيد العالمي، يمثل مؤشرا سياسيا واضحا على الانخراط المتزايد للمملكة في مراجعة موقع هذه العقوبة داخل منظومتها القانونية. واختتمت بوعياش تصريحها بالتأكيد على أن العفو الأخير لا يمكن اعتباره تدبيرا معزولا، بل يعكس إرادة سياسية تتعزز بمرور الوقت من أجل ملاءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية، وترسيخ مبادئ العدالة الجنائية العصرية وضمان الحق في الحياة كأحد الحقوق الدستورية الأساسية.