كشف فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، عن مكامن الخلل الجوهرية التي ما تزال تعيق دينامية الاستثمار في المغرب، مشددا على أن تعدد المتدخلين وتعقيد المساطر الإدارية يشكلان من بين العقبات الأساسية التي تم رصدها بوضوح من خلال الدراسات الميدانية والتقارير الرسمية. وفي معرض رده على سؤال برلماني يتعلق بتشجيع مغاربة العالم على الاستثمار داخل المملكة، أوضح لقجع أن الحكومة تشتغل على تغيير عميق في منهجية التعامل مع المستثمر، من خلال اعتماد مقاربة جديدة تبنى على تصور شمولي يسمى "مسار المستثمر"، يتجاوز النظرة التقليدية المجزأة في تدبير العلاقة مع الإدارة. وأضاف المسؤول الحكومي أن هذه المقاربة ترتكز على إعادة تنظيم المساطر الإدارية ذات الصلة بالاستثمار، وتوفير بيئة رقمية تتيح للمستثمرين الولوج إلى معلومات دقيقة وموثوقة. ولفت إلى أن العمل جار على تحويل منصة "CRI Invest" إلى أداة ديناميكية تتابع بشكل مستمر حالة تقدم المشاريع، موازاة مع تنزيل خطة عمل تستهدف تبسيط المسارات الإدارية ذات الأولوية. وفي سياق أوسع، شدد لقجع على أن تنفيذ خارطة الطريق الوطنية لمناخ الأعمال للفترة 2023-2026 يجسد إرادة سياسية قوية لإعادة تشكيل البيئة الاستثمارية وجعلها أكثر جاذبية وتنافسية، مشيرا إلى أن هذا المشروع يدار تحت إشراف وزارة الاستثمار وبتنسيق مع اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، مع تسجيل تسارع ملحوظ في وتيرة الإنجاز: حيث تم إطلاق 98 بالمائة من المبادرات المبرمجة، وتم إنجاز أكثر من نصفها بحلول نهاية ماي 2025. كما أبرز المسؤول أن الإصلاحات المتقدمة شملت رقمنة وتبسيط الإجراءات الإدارية، وإطلاق عملية إنشاء المقاولات عن بعد، فضلا عن دخول إصلاحات كبرى حيز التنفيذ، أبرزها تحديث المراكز الجهوية للاستثمار، وتحسين آجال الأداء، وإصدار مرسوم جديد للصفقات العمومية يضمن المزيد من الشفافية ويعزز فرص المقاولات الصغيرة في الولوج إلى الطلبيات العمومية. أما بخصوص تحفيز مغاربة المهجر على الاستثمار، فقد أكد لقجع أن خارطة الطريق أولت لهذه الفئة عناية خاصة، من خلال توفير منظومة دعم ومواكبة شاملة تشمل رقمنة المساطر وتسهيل عملية إحداث المقاولات، وتوفير منصات إلكترونية تقدم خدمات ومعلومات بطريقة مبسطة عن بعد. وفي هذا الإطار، تم إطلاق الصيغة الجديدة من برنامج "MDM Invest" الذي يمنح المستثمرين من مغاربة العالم منحة قد تصل إلى 10 بالمائة من قيمة المشروع، بحد أقصى 5 ملايين درهم، ويشمل مجالات متعددة كالصناعة، والاقتصاد الأخضر، والخدمات اللوجستية، والتعليم، والصحة، والسياحة، والتقنيات الرقمية. كما تم تفعيل آلية "MDM Tamwil" التي تعنى بتمويل مشترك بين الدولة والقطاع البنكي، لتسهيل ولوج المقاولين المغاربة بالخارج إلى مصادر التمويل، وتمكينهم من إنجاز مشاريع واعدة داخل التراب الوطني. من خلال هذه الحزمة المتكاملة من الإصلاحات، تؤكد الحكومة عزمها على تجاوز الحواجز البيروقراطية القديمة وفتح آفاق جديدة للاستثمار، سواء بالنسبة للمستثمرين المحليين أو لمغاربة العالم الباحثين عن بيئة محفزة ومستقرة لتجسيد مشاريعهم على أرض الواقع.