أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أمس الخميس بالدارالبيضاء، على تدشين مجموعة من المشاريع الكبرى ضمن إعادة هيكلة وتطوير المركب المينائي للمدينة، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة العاصمة الاقتصادية للمملكة كمركز اقتصادي وسياحي رائد على المستوى القاري والدولي. وتمثل هذه المشاريع استثمارا حيويا في البنية التحتية بقيمة 5 مليارات درهم، تشمل تهيئة ميناء للصيد، وورشا لإصلاح السفن ومحطة للرحلات البحرية إلى جانب مجمع إداري لتوحيد المتدخلين في الميناء وتحسين الخدمات المقدمة للمستعملين. وتعد هذه التدشينات جزءا من رؤية شاملة ترتكز على تطوير الموانئ المغربية، وجعلها قادرة على الاستجابة للمعايير الدولية، مع دعم الأنشطة الاقتصادية والسياحية، وتحسين ظروف عمل الصيادين وتنظيم قطاع الصيد التقليدي والساحلي. كما تعزز الورشات الجديدة لإصلاح السفن وتنمية صناعة السفن الوطنية قدرة المملكة على تلبية الطلب الداخلي والخارجي، ورفع مكانتها في السوق العالمية. وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي محمد جذري ل"رسالة 24″ إن المملكة المغربية اليوم تتوفر على رؤية اقتصادية واضحة، تسعى إلى تحقيق نمو مستدام وشامل، يتمثل أبرز مؤشراته في مضاعفة الناتج الداخلي الخام من 130 مليار دولار سنة 2021 إلى أكثر من 260 مليار دولار بحلول سنة 2035. وأوضح أن الوصول إلى هذه الغاية الطموحة يتطلب توفير بنية تحتية متطورة وحديثة، تشمل المطارات والموانئ والطرق السريعة والطرق المحلية إلى جانب القطاعات الصناعية فائقة السرعة، مؤكدا أن تطوير العرض المينائي يشكل حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية لما له من تأثير مباشر على تعزيز القدرة الاقتصادية للمملكة وربطها بسلاسل القيمة العالمية. وأشار جذري إلى أن تعزيز القدرات اللوجيستيكية وجذب الاستثمارات الأجنبية يشكلان ركائز أساسية للنمو المستدام مشددا على ضرورة تسهيل حركة البضائع والصادرات عبر موانئ مجهزة ومتطورة، وأضاف أن تجربة ميناء طنجة المتوسط الذي يحتل اليوم مكانة مرموقة على المستوى العالمي باعتباره أحد أفضل 20 ميناء في العال، تمثل نموذجا ناجحا، وأن المملكة تتجه نحو توسيع هذا النجاح من خلال تطوير موانئ أخرى مثل ميناء غرب الناظور والميناء الأطلسي للداخلة إلى جانب التدخل الملكي في تطوير المركب المينائي للدار البيضاء، وهو ما يعزز بشكل ملموس شبكة الخدمات اللوجستية ويفتح آفاقا اقتصادية واسعة ومتعددة. وأوضح المحلل أن المركب المينائي الجديد يشمل ميناء للصيد من الجيل الحديث، مصمما لتوفير مجموعة متكاملة من الخدمات تشمل الصيد والتخزين والتعبئة والتغليف وهو ما يسهم في تسهيل العمليات اللوجستية وتحسين الكفاءة التشغيلية. كما أشار إلى أن المشكلات المتعلقة بالصيانة وتحديد مواقع البواخر، والتي كانت تمثل عائقا في السابق ستتم معالجتها بفضل هذه الورشات الحديثة التي تم تدشينها مؤخرا في الدارالبيضاء بما يعزز فعالية الإدارة البحرية ويسهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة لجميع الفاعلين في القطاع. واختتم جذري تصريحه بالتأكيد على أن المغرب يضع أمامه هدفا طموحا يتمثل في استقبال 26 مليون سائح بحلول عام 2030، وهو ما سيشكل دفعة قوية للنشاط السياحي ويزيد من جاذبية مدينة الدارالبيضاء للفاعلين في قطاع السياحة بما في ذلك السياحة البحرية وسياحة الأعمال، مؤكدا أن هذه الجهود تمثل جزءا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة وربطها بالمشهد الدولي بشكل مباشر ومستدام.