في شوارع مدينة بوزنيقة، تبدو الحياة اليومية للباعة المتجولين كرحلة مستمرة من المعاناة والصراع من أجل لقمة العيش. قرار عامل الإقليم الأخير بمنع الباعة من الاستقرار في الشارع العام وإجبارهم على التوجه إلى سوق الأسبوعي بشراط، أثار موجة واسعة من الاستياء والغضب ليس فقط بين الباعة، بل بين الساكنة أيضا التي أصبحت تعيش في فوضى يومية بسبب غياب التنظيم. في حي الرياض، حيث كان الباعة يتجمعون لسنوات، يقف محمد، بائع خضار في الأربعين من عمره، مستاء بعدما تم منعهم من البيع يوم أمس،يقول محمد: "لطالما كان هذا الشارع مصدر رزقي، أما الآن، سأضطر للذهاب إلى الشراط حيث لا يعرفني أحد، ولا أستطيع توفير قوت يومي". تضيف زوجته: "نحن نعتمد على البيع يوميا لسد حاجيات الأسرة القرار الجديد يجعل حياتنا مستحيلة". "أنا من ساكنة بوزنيقة، ولماذا أذهب للبيع في سوق الشراط؟" يتساءل محمد، بائع خضار من حي الرياض، بينما يعبّر عن إحباطه العميق. ويضيف: "لطالما كنا نعمل هنا، نلتقي بالزبناء ونسد حاجيات أسرنا. اليوم أصبح كل شيء ممنوع علينا، ونحن لا نعرف أين نبيع طيلة الأسبوع." الباعة يعانون منذ سنوات، لكن الأزمة تزداد حدة بعد إغلاق السوق الأسبوعي الذي كان يقام كل يوم الأربعاء، والذي شكل رئة تجارية للمدينة، فضلا عن كونه محطة رئيسية للساكنة لاقتناء احتياجاتهم أما اليوم، فيتوجب عليهم الانتقال إلى مكان جديد، لا يناسبهم، ويبعد عن الأحياء السكنية التي يعرفونها ويعتمدون عليها في مصدر رزقهم. يقول سعيد، بائع ملابس متجول: "المكان بعيد وهذا يعني خسارة كبيرة لنا كيف نعيش ونحن محدودو الحركة بهذا الشكل؟" المفارقة الكبرى تكمن في أن المدينة تمتلك ثلاث أسواق للقرب تم إنجازها منذ مدة، إلا أنها لا تزال مغلقة دون أي توضيح رسمي من الجهات المختصة. هذه الفضاءات كان من الممكن أن تكون حلا مناسبا للباعة، وتخفف من الاكتظاظ في الشوارع، لكن الإهمال الإداري يترك المدينة في حالة من الفوضى. الملاحظ أيضا أن الباعة يرفضون التحول إلى السوق الجديد بشراط، معتبرين أن هذا القرار غير عادل، إذ لا يحل الأزمة، بل ينقلها فقط إلى مكان آخر، ويجعلهم يعتمدون على يوم واحد فقط من البيع، وهو ما لا يكفي لسد حاجياتهم اليومية. يقول عبد الله، بائع فواكه: "البيع يوم واحد في الأسبوع؟ هذا مستحيل، نحن لا نحصل على قوت يومنا نحتاج إلى حل دائم يسمح لنا بالعمل في منطقتنا." ويبدو أن الجهات المختصة لم تضع بعد استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الأزمة المتكررة. بينما الباعة يستمرون في الاحتجاج والمطالبة بحقهم في العمل، لا تزال الأسواق التي بُنيت منذ سنوات مغلقة، والشارع يعاني من الفوضى والساكنة تضطر للتعايش مع هذا الوضع الصعب الذي يثير الأسئلة حول جدوى المشاريع البلدية وعدم تطبيق القوانين المتعلقة بالتجارة المتنقلة بشكل فعال. في النهاية، يبقى الباعة المتجولون في بوزنيقة حائرين بين التشريع المفروض عليهم وبين الحاجة الماسة لكسب رزقهم، بينما الساكنة تواجه الإزعاج اليومي والحلول الرسمية لا تزال غائبة تاركة الجميع في حالة من الغضب والاستياء المتزايد، وهو وضع يهدد بانفجار اجتماعي صغير إذا لم يتم التدخل عاجلا.