قالت المنظمة الوطنية لمهيني الصحة التجمعيين إنها "تتابع باهتمام بالغ النقاش العمومي الدائر حول واقع المنظومة الصحية الوطنية، في ظل تصاعد المطالب الاجتماعية المشروعة التي تخص قطاع الصحة بالدرجة الأولى"، مؤكدة أن المغرب يعيش منذ أربع سنوات، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، "مرحلة إصلاح صحي تاريخي وغير مسبوق، جعلت من الصحة ركيزة أساسية لبناء الدولة الاجتماعية الجديدة، ومن خدمة المواطن المقياس الحقيقي لنجاعة السياسات العمومية وفعالية الإصلاحات المهيكلة". وأوضحت المنظمة، في بلاغ لها، أن "هذا الورش الملكي مكّن من إرساء إصلاح هيكلي عميق شمل جميع مكونات القطاع، من خلال إحداث مؤسسات إستراتيجية كبرى مثل الهيئة العليا للصحة، والوكالة المغربية للدواء والمنتجات الصحية، والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، بما يمكّن من ضمان الجودة، والاستقلالية، والشفافية في تدبير الصحة العمومية؛ كما تم إطلاق المجموعات الصحية الترابية لتقريب القرار والخدمة من المواطن، وتوظيف أكثر من 20.000 مهني صحي وتحسين أوضاعهم المادية والمهنية بشكل ملموس". وذكّر البلاغ ب"إطلاق بناء المستشفيات الجامعية وكليات الطب والصيدلة المتبقية على مستوى مختلف الجهات، والرفع من عدد طلبة المهن الصحية في إطار اتفاقية إطار ثلاثية بميزانية مرصودة خصيصاً لذلك، فضلاً عن تأهيل 50% من المستوصفات وعدد مهم من المستشفيات الجهوية والإقليمية، وتوسيع وتحديث البنيات التحتية الصحية، ورقمنة الخدمات الطبية، ورفع ميزانية القطاع إلى 32,6 مليار درهم سنة 2025′′، مسجلا أن "هذه الإنجازات تؤكد أن الصحة أصبحت أولوية وطنية وإستراتيجية حكومية محورية وليست مجرد شعار سياسي أو وعد انتخابي". وأكدت المنظمة أن "هذه المنجزات تُعد الركيزة الصلبة لورش إعادة هيكلة المنظومة الصحية، إذ مثّلت المرحلة التأسيسية التي كان لا بد من إنجازها بكل شجاعة ومسؤولية، من خلال استكمال الأسس القانونية والتنظيمية التي تُمهّد للانتقال إلى مرحلة الأجرأة والتنزيل الميداني الفعلي للإصلاح". وأبرزت المنظمة الوطنية لمهنيي الصحة التجمعيين أن "الحكومة، منذ بداية ولايتها، واجهت هذا التحدي البنيوي بشجاعة سياسية، مدركةً أن الإصلاح الحقيقي يتطلب نفساً طويلاً وتراكماً واستمرارية، وأن نتائجه ليست آنية، بل تُبنى تدريجياً عبر الزمن، وأن أي ثمن سياسي مترتب عليه هو ثمن مقبول طالما أنه مقابل إرساء دعائم إصلاح ملكي شامل يروم بناء منظومة صحية عادلة وقوية ومواطِنة"، معتبرةً أن "مصلحة الوطن ومستقبل أجياله تظل أسمى من كل اعتبار وأرفع من أي حسابات سياسية ضيقة أو ظرفية". وأشارت الهيئة ذاتها إلى أنها لم تتوقف يوماً عن العمل والانخراط الفعّال في هذا الورش الملكي، إذ عملت منذ الخطاب التاريخي للملك محمد السادس سنة 2018 على "بلورة مقترحات عملية لتأهيل القطاع الصحي"، وواصلت انفتاحها وعملها الميداني لتتبع مراحل تنزيل الإصلاح الصحي، من منطلق وطني ومسؤول يضع مصلحة المواطن في قلب العمل الصحي والسياسي. وسجل البلاغ أنه "رغم ما تحقق من مكتسبات كبرى فإن المرحلة الراهنة تفرض تسريع وتيرة الإصلاح الميداني، عبر تنزيل الحكامة الطبية بمقاربة تشاركية عملية تشمل تنظيم مسالك العلاج الترابية بشكل متكامل، وتطوير أقطاب التميز الجهوية في التخصصات ذات الأولوية، وتوسيع دائرة الانخراط لتشمل جميع الفاعلين في المنظومة الصحية، وإحداث الهيئات المهنية للمهن الصحية وتنظيمها، باعتبارها رافعة لترسيخ الكفاءة والمسؤولية وأخلاقيات الممارسة المهنية وضمان مشاركة فعلية ومنظمة للمهنيين في الحكامة الصحية الوطنية والجهوية". وقالت المنظمة إن "مواكبة مهنيي الصحة ودعمهم عملياً ومهنياً لم يعد خياراً بل ضرورة وطنية، فيما الانفتاح الذكي على جميع مكوّنات المنظومة الصحية يجب أن يتم في إطار شراكات إستراتيجية متوازنة تُبنى على أسسٍ من المسؤولية والشفافية وبُعد النظر، تفعيلًا لمقتضيات الباب السادس من القانون الإطار 06-22′′، مشددة على أن "الغاية ليست فقط سدّ الخصاص في الموارد البشرية، بل إرساء العدالة الصحية وضمان الحق الدستوري لكل مواطن في العلاج اللائق والجيد أينما كان موقعه الجغرافي أو وضعه الاجتماعي". وورد ضمن المصدر ذاته أن "الوقت حان لتعزيز الدور المحوري للهيئة العليا للصحة، ليس فقط كجهاز تقنين وتقييم، بل كضامن فعلي لجودة الخدمات العلاجية وسلامة المرضى، من خلال اعتماد المؤسسات الصحية ومنحها الاعتماد وفق معايير دقيقة تضمن النظافة وسلامة الممارسات الطبية والجراحية وحسن استعمال الأدوية وتدبير المستعجلات"، مؤكدا أن "الهدف الأسمى من هذه المقاربة هو أن يطمئن المواطن المغربي إلى أن كرامته وجودة علاجه مصونتان في كل مؤسسة صحية، عمومية كانت أو خاصة، دون تمييز أو تباين في الكلفة أو مستوى الرعاية". وأوضحت المنظمة أن "إصلاح المنظومة الصحية ليس رهين ولاية حكومية واحدة بل هو ورش وطني ممتد ومهيكل يتطلب نفساً إصلاحياً طويلاً وشجاعة في التقييم والتقويم"، داعية إلى أن "يكون التعامل مع المطالب الاجتماعية مبنياً على الموضوعية والمسؤولية، لا على ردود الفعل الآنية، خاصةً أن القطاع يعرف اليوم دينامية ملموسة في البناء والتأهيل، مع مستشفى جامعي في طور الإنجاز بكل جهة، وورش رقمنة في مرحلة متقدمة، وموارد بشرية في مسار تكوين وتأهيل مستمر". وأكدت الهيئة ذاتها، في خضم هذه الدينامية الإصلاحية، أن "خروج المواطن للاحتجاج لا يُفترض أن يُقرأ كرفض للإصلاح أو اعتراض على خياراته الوطنية الكبرى، بقدر ما هو تعبير طبيعي عن معاناة متراكمة لسنوات ارتبطت بصعوبة الولوج إلى العلاج وطول مسارات الانتظار وضعف جودة الاستقبال في بعض المرافق"، معتبرةً أن "صوت الشارع يمكن اعتباره عنصراً مكمّلاً لمسار الإصلاح ودعوة بنّاءة لتسريع وتيرة التنزيل وضمان أن يشعر الجميع بأن المنظومة الصحية الجديدة أُنشئت لخدمتهم وجعل كرامتهم في صلب كل تحول". وأشارت المنظمة الوطنية لمهنيي الصحة التجمعيين إلى أنها "انفتحت ومازالت منفتحة على مهنيي الصحة الشباب، من خلال لقاءات مستمرة ونقاشات ميدانية صريحة، إيماناً منها بأن الجيل الصاعد يجب أن يكون جزءاً أساسياً من هذا البناء الإصلاحي الكبير، باعتباره امتداداً طبيعياً للمهنة وضمانة لاستدامة منظومة صحية مواطِنة قادرة على مواكبة التحولات المجتمعية والتكنولوجية المقبلة". وأكدت المنظمة أن "المرحلة الراهنة تتطلب تعبئة وطنية شاملة وتنسيقاً ميدانياً حقيقياً مع أسرة القطاع الصحي، على أساس مؤشرات دقيقة قابلة للقياس والمساءلة، من أجل إعادة بناء الثقة بين المواطن ومنظومته الصحية، وتحويل هذا الورش الملكي إلى قصة نجاح وطنية متكاملة"، واعتبرت في ختام بلاغها أن "الصحة ليست قطاعاً إدارياً عادياً، بل عماد الكرامة الوطنية وركيزة العدالة الاجتماعية، ورهان وطني لا يقبل التأجيل ولا المزايدة، يتطلب جرأة في القرار، والتزاماً صادقاً، وتعبئة جماعية بروح وطنية عالية، تحت القيادة الحكيمة والمتبصّرة للملك محمد السادس"، مؤكدةً أنها، وهي جزء من نسيج الوطن، "تضع يدها في يد كل الغيورين على صحة المغاربة لخدمة هذا الورش الوطني الملكي الكبير".