يواصل الدكتور عبد الرزاق الوزكيتي رئيس المجلس العلمي المحلي لأسفي، نشر سلسلة مقالات كتبت في ظلال الحجر الصحي لكورونا ، حصريا بجريدة " أسفي اليوم" الورقية والإلكترونية ، ننشرها تباعا إن شاء الله. .............................. سلسة مقالات كتبت في ظلال الحجر الصحي ( 12 ) إعداد : الدكتور عبد الرزاق الوزكيتي ( رئيس المجلس العلمي المحلي لآسفي ) مفهوم الدين ج2 الدين عند الله واحد حمله الأنبياء جميعا ولم يغيروا منه شيئا في العقيدة ، وبقيت نفس العقيدة يدافع عنها الأنبياء ويوصي بعضهم بعضا حتى أحدث فيها أتباع الأنبياء زعما انحرافات ، فجاء خاتم النبيئين محمد صلى الله عليه فصحح الأخطاء وبين وجه الانحراف ، وهنا لا بد أن نذكر شيئا يتصل بهذا النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم . فالله عز وجل وزع الفضائل على أنبيائه فعرف نوح عليه السلام بالعزم والتصميم ، وعرف إبراهيم عليه السلام بالكرم وعرف موسى عليه السلام بالصرامة وعرف عيسى عليه السلام بالرحمة ، كل نبي من الأنبياء له خصلة من الخلق يتميز بها . لكن شخصية محمد صلى الله عليه وسلم خاتمهم تجمعت فيها تلك الخصال الحميدة التي توزعت على الأنبياء السابقين ، اجتمع فيه ما تفرق في غيره فما من خير يعرف به أحدهم إلا وجد في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم قيل له انتفع بالتجارب التي مضت " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل " ( سورة الأحقاف الآية 34 ) فالتجارب التي مضت تظهر في طريقة انتشار الرسالة ومتابعة الأجيال لها وحسن التلطف بها مع الناس . مثلا نبي الله إبراهيم عليه السلام عدو الأصنام ومحاربها كسر الأصنام المعبودة ، لكن ماذا حدث بعد أن كسرها ؟ كان قد لمع في أذهان عبادها بريق أمل في التوحيد " فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون " ( سورة الأنبياء الآية 64 ) لكن سرعان ما أنطفأ ذلك البريق " ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " ( سورة الأنبياء الآية 65 ) إذن رجعوا إلى عبادة الأصنام مع أنها كسرت ؟ وإذن تكسيرها ليس هو الحل ؟ فما هو الحل ؟ هنا الاستفادة من التجربة فيكون الحل هو أن الدين والتوحيد لا يبدأ بتكسير الأصنام لأنه ما قيمة أن تكسر صنما فيجيء العابد الأبله ليصنع صنما آخر ليعبده ؟ ما قيمة أن تذبح بقرة في الهند فيجيء هندوسي أحمق ببقرة أخرى ويعبدها ؟ إذن الأساس تغيير النفس البشرية ، لذلك جاءت الرسالة الخاتمة تعمل بدأب وقدرة عقلية على تغيير النفس الإنسانية والارتفاع بمستوى الفكر شيئا فشيئا ( 13 سنة والرسول يصلي في الكعبة وفيها 360 صنما ) . حتى أصبحت الأمة الإسلامية بعد أن استمعت للقرآن ثلاثا وعشرين سنة ، على مستوى حضاري من حدة الذهن وصفاء البصيرة ونقاء الضمير وسعة الأفق ما جعلها لا نظير لها في العالمين ، هذا نوع من شخصية الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم وضع الخطة ما الخطة ؟ الخطة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم هي تطبيق قوله تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " ( سورة النحل الآية 89 ) هذه الخطة تقوم على أن الإسلام دين للنفس والمجتمع والدولة وأنه دين للسياسة والاقتصاد والتشريع والأخلاق والعبادات والمعاملات وأنه يستمد تعاليمه من الله الفرد الصمد وحده " قل أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا " ( سورة الأنعام 115 ) فانطلق النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم يصنع أجيالا تستمد من شخصية النبي صلى الله عليه وسلم الروحانية الفواحة بالتقوى والعبادة العامرة بالإخلاص ، فأقاموا للإسلام دولة استطاعت أن تمضي وهي ماضية إلى قيام الساعة إن شاء الله .