أفرزت انتخابات الرابع من شتنبر واقعا سياسيا موبوءا خلاف ما كانت تروج له الأحزاب في شعاراتها و ما كانت تنقله وسائل الإعلام الرسمية ، ونتيجة لهذا الجو المشحون و غير الواضح فإن الشريحة الناخبة أصيبت بخيبة أمل بل تشعر بنوع من الضياع و التيه بين خطابات حزبية متناقضة ، فمن جانب تتكلم أحزاب الأغلبية عن أولوية التحالف بينها لتشكيل المجالس المحلية و الجهوية و من جانب آخر تصرح أحزاب المعارضة أن التحالف لن يخرج عن دائرة أحزابها ، لكن في الواقع ينقل عكس هذه التصريحات إذ تناسلت الوثائق المسربة من مراكز الأحزاب تعلن عن إبرام مواثيق شرف بين أحزاب الأغلبية الحكومية و أحزاب المعارضة و صلت إلى حد توقيع مواثيق شرف بين العدالة التنمية و حزب الأصالة و المعاصرة بل تعدى ميثاق الشرف بين الحزبين العدوين إلى التحالف ضد الحركة الشعبية وهو حزب من الأغلبية الحكومية. ما قام به و يقوم به حزب العدالة و التنمية يفصح عن ضبابية في الرؤية السياسية قد تؤدي بالحزب الإسلامي إلى انتحار سياسي يعلن عن نهايته الحتمية كحزب لا يحمل أي مشروع مجتمعي ، لكن الأغرب و الأعجب في هذا الحزب أنه يعيش نوعا من المرض النفسي الخطير ، أولا يعاني من تضخم الأنا إذ لم يعد يرى إلا نفسه و لا يعترف إلا بها و منح لنفسه العديد من الصلاحيات التي ليست من اختصاصه ، ففي برنامج تلفزيوني اتهم القيادي بوانو الأصالة و المعاصرة بتسخير مال المخدرات في الحملة الانتخابية و عندما طالبه المذيع بتقديم الدليل قال بوانو إنهم أي أعضاء العدالة و التنمية يراقبون أعضاء الأصالة و المعاصرة و عندما يثبت لديهم الدليل سيقودون المجرمين الحزبيين إلى السجون ، بأي منطق يفكر قياديو العدالة و التنمية هل سيتحولون إلى شرطة موازية أم سينشئون محاكم تفتيش جديدة ؟؟ ألا يعرفون أن البلد تحكمها مؤسسات فوق العدالة و التنمية و غيرها من الأحزاب ؟؟؟ إضافة لتضخم الأنا يعاني حزب العدالة و التنمية من انفصام عميق في الشخصية و لعلنا نلمس أعراض هذا المرض الذي أصبح مزمنا في قيادات الحزب الإسلامي في الخطابات المتناقضة بين القياديين حيث أن السيد بنكيران يؤشر بالإيجاب على التحالفات و يبارك مواثيق الشرف بين الحزبين العدوين بينما يرفع قياديون آخرون أصواتهم متهمين أعضاء الأصالة و المعاصرة بالمافيوزين و تجار المخدرات. يمثل أفتاتي النموذج القوي للقياديين المتناقضين مع سلوكات و تصريحات بنكيران و جماعته و لم يتوقف أفتاتي رغم التحالفات مع حزب الجرار عن اتهام أعضائه بتجار المخدرات دون أن يقدم و لو دليلا واحدا عن اتهاماته حيث جاء في تصريحه الأخير عقب التحالف بين الحزبين بالناظور و منح رئاسة الجماعة لمستشار الأصالة و المعاصرة : إن ما يثار حول تحالف قد يجمع بين مستشارين جماعيين من حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة في مدينة الناظور، عقب النتائج التي أسفر عيها اقتراع الرابع من شتنبر ،مستهجنة وغير منطقية . واعتبر أفتاتي، الذي يشغل رئيس قسم الشفافية بحزب العدالة والتنمية، في خرجة إعلامية أن التحالف مع حزب البام ،الذي وصفه بال "البامجية " خط أحمر، وخيانة وانتحار لمبادئ الحزب، مضيفا أن من يقود التحالفات مع "المافيوزيين" في إشارة لحزب "البام" ،يقود حزب العدالة والتنمية للهاوية وينحر مشروع الحزب ،و أنهى خرجته الإعلامية بقوله "الأفضل أن يظل في المعارضة 60 سنة خير من أن يتحالف مع الفساد". ما غاب عن أفتاتي أو ما يريد أن يغيبه هو أن التحالف مع الأصالة و المعاصرة واقع ملموس أكدته الاتفاقيات الموقعة بين أعضاء الحزبية و التي باركتها أعلى قيادة في الحزب و معلوم أن العلاقة المتحكمة في هرم أعضاء حزب العدالة و التنمية هي علاقة الطاعة من هنا نفهم أن خرجة أفتاتي لن تغير شيئا فهي نوع من الخطاب الموازي الذي ينتجه هذا الحزب ليزيد من ضبابية المشهد السياسي و بالتالي تكون الشيزوفرينية حلا ناجعا للحفاظ على ماء الوجه.....