حظيت تجربة مدينة طنجة بإشادة واسعة من قبل ممثلي مدن عربية وأوروبية خلال فعاليات النسخة الأولى من منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية"، باعتبارها نموذجا حضرياً متقدما يجمع بين التحديث العمراني، وجاذبية الاستثمار، والانخراط في استراتيجيات الاستدامة البيئية والاجتماعية. وينعقد هذا المنتدى بالعاصمة السعودية الرياض خلال الفترة ما بين 11 و13 ماي الجاري، بتنظيم من المعهد العربي لإنماء المدن، وبشراكة مع منظمة اتحاد البلديات والأقاليم الأوروبية، والمركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد. ويعرف المنتدى مشاركة وفود تمثل كبريات المدن المغربية، بينها الدارالبيضاء، الرباط، فاس، مراكش، وطنجة، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية وصناديق مانحة وخبراء حضريين. وفي كلمة بالمناسبة، شدد منير ليموري، عمدة مدينة طنجة، على أن التحولات المناخية المتسارعة تفرض تحديات هيكلية على المدن الساحلية، خاصة تلك التي تشهد نمواً ديمغرافياً متسارعاً، كما هو الحال في طنجة. وأشار ليموري في كلمته ألقاها خلال الجلسة الثانية لورشة التغيرات المناخية، والتي ضمت رؤساء بلديات بغداد، كولون الألمانية، وتوركو الفنلندية، إلى أن جماعة طنجة أطلقت عددا من المشاريع المهيكلة، من بينها مخططات لتدبير الفيضانات، وتوسيع المساحات الخضراء، والحد من التوسع العشوائي، مع تعزيز نجاعة شبكات الإنارة العمومية والمرافق الجماعية. وأكد أن "التعاون بين المدن لم يعد خيارا تكميليا، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة تحديات مشتركة تتجاوز حدود الجغرافيا"، داعيا إلى إنشاء آليات تنسيق حضري دولي أكثر نجاعة، تأخذ بعين الاعتبار الفوارق المحلية والتحديات البيئية. وفي نفس السياق، أبرز نائب عمدة طنجة، محمد غيلان الغزواني، خلال مشاركته في ورشة حول الإنتاجية وخلق فرص الشغل، أن المدينة عرفت في السنوات الأخيرة تحولات عميقة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، بفضل استراتيجيات استباقية اعتمدت على تحسين مناخ الأعمال وتوجيه الاستثمارات نحو قطاعات عالية القيمة. وقال الغزواني: "لقد لاحظنا أن عددا كبيرا من المشاركين، من رؤساء بلديات ومسؤولين دوليين، يستشهدون بنجاح تجربة طنجة في مجال الإنتاجية والتوظيف، ويعتبرونها نموذجاً حضرياً صاعداً في جنوب المتوسط وإفريقيا". وأضاف أن المدينة استفادت من موقعها الجغرافي وانفتاحها اللوجستي عبر ميناء طنجة المتوسط لتكريس دورها كقطب اقتصادي متوسطي، مع العمل على تحسين جودة الحياة، وتوسيع نطاق الخدمات الاجتماعية، وتحديث البنية التحتية الحضرية. وكان عمدة طنجة منير ليموري لقاء ثنائيا مع معالي أمين محافظة جدة، صالح بن علي التركي، تناول سبل تعزيز التعاون بين المدينتين في مجالات التخطيط الحضري وتطوير البنيات التحتية والخدمات الرقمية، إلى جانب التعاون الثقافي والرياضي. وشدد الطرفان على أهمية تنسيق الجهود داخل الهيئات الدولية المعنية بالحكامة المحلية، وتعزيز تبادل الخبرات بين المدن التي تتقاسم نفس التحديات، خاصة في ظل تسارع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية. ويطمح المنظمون إلى جعل هذا المنتدى منصة دائمة للحوار الحضري المشترك، عبر تنظيم دوراته المقبلة بالتناوب بين المدن العربية والأوروبية، ومتابعة مخرجاته من خلال آليات تقييم منتظمة. كما يتضمن برنامج المنتدى ستة أنشطة رئيسية تشمل جلسات حوار رفيعة المستوى، وورش عمل تقنية، وعروضاً لمبادرات حضرية مبتكرة، فضلاً عن زيارات ميدانية في مدينة الرياض. وكان الأمير فيصل بن عبد العزيز بن عيّاف، أمين منطقة الرياض، قد أكد في كلمة افتتاحية أن هذا المنتدى يسعى إلى ترسيخ علاقات مستدامة بين المدن، تستند إلى الشراكة المتوازنة والاحترام المتبادل والتنوع الثقافي، بما يضمن مواجهة التحديات المشتركة من موقع الفعل لا من موقع الترقب. ويُنتظر أن تُختتم أشغال المنتدى بوثيقة ختامية تتضمن توصيات عملية لتعزيز التعاون اللامركزي، وتشجيع الشراكات بين البلديات، وتوجيه الدعم الدولي نحو مشاريع تنموية ملموسة على مستوى المدن المشاركة.