دخلت المديرية العامة للضرائب، ابتداء من الأسبوع الجاري، مرحلة جديدة في مسار توحيد المنظومة الجبائية في المغرب، بعد أن أُسندت إليها بصفة رسمية مهام تحصيل ضريبة الخدمات الجماعية، في إطار إصلاح شامل يهدف إلى تجاوز الإكراهات المرتبطة بتدبير هذه الموارد من طرف المصالح الجماعية المحلية. وبموجب هذا التحول الذي يندرج في تفعيل مقتضيات القانون رقم 14.25، أصبحت المديرية العامة للضرائب الجهة الوحيدة المختصة بتحصيل واجبات الخدمات الجماعية، إلى جانب ضريبة السكن، وهي مهام كانت سابقا موزعة بين الخزينة العامة للمملكة والمصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية. وتروم هذه الخطوة معالجة مظاهر القصور التي وُصفت بالبنية في منظومة الجبايات المحلية، لا سيما ما يتعلق بضعف مردودية التحصيل وغياب آليات ناجعة للمراقبة والتتبع، حيث تُظهر بعض المعطيات الرسمية أن نسبة الأداء لا تتجاوز 20 في المئة من الملزمين، وهو ما ينعكس سلبا على الموارد الذاتية للجماعات وقدرتها على تمويل الخدمات الأساسية والبنيات التحتية. ويُرتقب أن تُسهم هذه الخطوة في تحسين مستوى التعبئة الجبائية وتعزيز الشفافية، من خلال اعتماد آليات إلكترونية موحدة تسمح بتتبع وضعية الملزمين وتبسيط إجراءات الأداء، مع ما يرافق ذلك من تقليص لهوامش التقدير البشري التي كانت تثير العديد من التظلمات والنزاعات. وتؤكد مصادر من المديرية العامة للضرائب أن الانتقال إلى هذا النموذج المركزي "يُفترض أن يُسهم في توسيع الوعاء الضريبي وتحسين العدالة الجبائية"، عبر حصر الملزمين بدقة وربط الأداء بالخدمات الجماعية المستفاد منها، وفق منطق "المستفيد المساهم". في المقابل، تبدي بعض الجماعات الترابية تخوفها من فقدان السيطرة على مصادر دخلها التقليدية، رغم أن القانون الجديد ينص على تحويل المبالغ المستخلصة تلقائيا إلى حسابات الجماعات وفق نسب محددة، مما يضمن استمرارية التمويل مع تحسين المردودية. وتندرج هذه الإجراءات في إطار رؤية أوسع لإصلاح الجبايات المحلية، كما ورد في التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية للجبايات، التي دعت إلى عقلنة النظام الجبائي وتوحيد قنوات التحصيل، بما ينسجم مع متطلبات الجهوية المتقدمة والتدبير العصري للشأن المحلي. ويُنتظر أن ترافق هذه الخطوة حملة تواصلية واسعة لتوعية المواطنين بأهمية الأداء الجبائي في تمويل الخدمات العمومية، خصوصا في مجالات النظافة الحضرية، والإنارة، وصيانة الطرق، والتجهيزات الجماعية، التي تشكل جوهر الانتظارات اليومية للساكنة.