تسجل مدينة طنجة واحدة من اعلى كلف العلاج في البلاد، في وقت تظهر فيه المؤشرات الدولية ضعفا في جودة الخدمات الطبية، ما يفاقم الشعور بانعدام التوازن بين ما يدفعه المواطن وما يتلقاه من رعاية. بحسب بيانات منصة "نامبيو"، لا يتجاوز مؤشر جودة الرعاية الصحية في طنجة 33.1 نقطة من اصل 100، فيما يستقر مؤشر الرضا عن تكلفة العلاج عند 32.8 نقطة، وهي ارقام تضع المدينة ضمن ادنى التصنيفات وطنيا، الى جانب مدن اقل تجهيزا على مستوى البنيات التحتية الصحية. - إعلان - لكن هذه المعطيات تعكس في جوهرها تقييمات القطاع الخاص فقط، اذ لا تشمل مؤشرات "نامبيو" واقع المستشفيات العمومية، التي تعاني في طنجة من ضغط مزمن على الموارد البشرية ونقص في التخصصات وتعطل متكرر في التجهيزات. وفي احياء واسعة كأكزناية وبني مكادة، يضطر المرضى الى الانتقال لمسافات طويلة نحو مستشفى محمد الخامس، حيث تنتظر الحالات غير المستعجلة اسابيع قبل الحصول على فحص او تحليل بسيط. غياب الخدمة العمومية الفعالة يدفع شريحة واسعة من السكان الى اللجوء الى العيادات الخاصة رغم كلفتها المرتفعة. وتبدأ تسعيرة الاستشارة الطبية من 200 درهم، وترتفع حسب التخصص والموقع الى 400 درهم واكثر، في غياب اطار قانوني يحدد الاسعار او ينظم هوامش الربح بين المراكز. ويرى مهنيون ان بعض المصحات تستغل هشاشة العرض العمومي لتقديم خدمات متوسطة الجودة مقابل اسعار مرتفعة، دون رقابة او تقييم مؤسساتي واضح. في شهادات متقاطعة، يؤكد مواطنون ان الانتقال من العمومي الى الخاص لا يتم رغبة في الرفاه، بل تحت ضغط الاضطرار، خصوصا مع غياب الولوج السلس الى العلاجات الاساسية. وفي ظل ضعف ثقة المرضى بالنظام، تتحول الرعاية الصحية في طنجة الى عبء اجتماعي واقتصادي لا يقل ثقلا عن ازمة السكن او النقل. ورغم توسع العرض الصحي في السنوات الاخيرة من حيث عدد الوحدات والمراكز، الا ان غياب التوازن بين القطاعين العمومي والخاص، وتضارب مؤشرات الجودة، يجعل من الحق في العلاج مشروعا مؤجلا لدى آلاف الاسر، في مدينة تنمو عمرانيا وتنهك صحيا.