في ظل انتقال العاصفة الأطلسية "كلوديا" إلى مرحلة التأثير الفعلي على الأجواء الغربية لشبه الجزيرة الإيبيرية، تتابع الأوساط الجوية والدينامية المناخية في شمال المغرب تطورات هذا المنخفض العميق، الذي يتّسم بنشاط واسع فوق المحيط الأطلسي، دون أن تسجّل إلى حدود صباح الأربعاء أي مؤشرات على اقتراب مباشر من السواحل المغربية. وبحسب بيانات الرصد الجوي الصادرة عن مراكز الأرصاد الأوروبية، فإن العاصفة المصنفة كمنخفض جوي عميق تتمركز غرب المحيط، على امتداد العرض البحري لجزر الأزور، وتتحرّك نحو الشمال الشرقي تحت تأثير التيار النفاث. وقد بلغ الضغط الجوي في مركزها عتبة 984 هكتوباسكال، وهي قيمة تُصنّف ضمن المنخفضات الأطلسية القوية، وفق المقاييس المعتمدة لدى وكالتي AEMET الإسبانية وMétéo-France الفرنسية. في المغرب، لم تُسجَّل أي بلاغات إنذارية صادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية بشأن هذه العاصفة حتى الآن، غير أن معطيات النماذج العددية تُظهر تأثّر المجال الجوي شمال المملكة ب"الذيل الجنوبي للمنخفض"، وهو الامتداد الذي غالبًا ما يُولّد اضطرابات جوية خفيفة إلى معتدلة تشمل الرياح وحالة البحر والسحب العابرة. وتُظهر توقعات الخرائط الدينامية أن السواحل الممتدة من طنجة إلى أصيلة ستشهد هيجانا بحريًا متوسّط الحدة، بفعل تصاعد الموج القادم من عرض الأطلسي، دون أن يتجاوز هذا الاضطراب العتبة المعتادة في مثل هذه الحالات الموسمية. كما يُرتقب تسجيل نشاط ريحي عرضي، خاصة في مناطق مكشوفة قريبة من المضيق، في حين تبقى التساقطات المطرية محدودة الاحتمال، ومقترنة بمرور سحب غير مستقرة قد تهمّ مناطق الريف الغربي خلال فترات متفرقة. ولا تندرج هذه الوضعية، بحسب التقييم العلمي لمسار العاصفة، ضمن الحالات الجوية الخطرة، بالنظر إلى تموضع مركز المنخفض بعيدًا عن المجال البحري للمملكة، وإلى غياب جبهة باردة نشطة في اتجاه الجنوب. كما لا يُنتظر أن يطرأ تغيير كبير على درجات الحرارة، باستثناء انخفاض طفيف خلال فترات الليل، بفعل التسرب البارد في طبقات الجو العليا. وفي غياب بلاغ رسمي مغربي يتحدث عن تأثير مباشر أو غير مباشر للعاصفة، تبقى الترقبات الجارية محصورة في حدود المتابعة التقنية لتطور الكتل الهوائية، خاصة وأن المغرب لا يوجد حاليًا ضمن النطاق التشغيلي للجبهات المصاحبة للمنخفض. وتتزامن هذه الوضعية مع بداية ما يُعرف في المناخات الأطلسية ب"النشاط الشتوي المتوسطي"، حيث تبدأ الكتل الباردة في التمركز غرب الأطلسي وتدفع نحو تنشيط الاضطرابات الهوائية في غرب البحر المتوسط. غير أن موقع المغرب الجغرافي، إلى الجنوب من المحور الإيبيري، يجعله غالبًا في منأى عن المسارات المباشرة لهذه العواصف، إلا في الحالات الخاصة التي تتقاطع فيها الجبهات مع التيارات العليا القادمة من الغرب. وبذلك، يُسجَّل مرور العاصفة "كلوديا" في الأفق المناخي المغربي كحدث جوي أطلسي واسع، دون أن يترك أثارًا مباشرة في شمال المملكة، التي تظل حاليًا في حالة استقرار جوي نسبي، وسط يقظة تقنية متواصلة من طرف المراكز المختصة.