في عمق التلال المُطلة على باب سبتة، وتحديدًا في منطقة حيضرة التابعة ترابيًا لعمالة المضيق-الفنيدق، يتصاعد القلق وسط السكان بعد ظهور مؤشرات لتحركات وصفها ناشطون محليون ب"المشبوهة"، تهدف إلى السيطرة على أراضٍ جماعية وسلالية يُفترض أن تبقى تحت تصرف ذوي الحقوق أو تُسترجع إلى حظيرة الدولة. ورغم أن المنطقة تعاني من ضعف البنية التحتية وغياب الربط المائي الشامل وندرة المرافق الأساسية، إلا أن أطرافًا توصف ب"النافذة" شرعت في ترويج مشروع سياحي جديد، وسط صمت رسمي وغياب تام لأي إشراك للسكان أو توضيح لمصير الأراضي المعنية. وبحسب ما يتداوله فاعلون محليون، فإن تحركات تمهيدية تتم على الأرض، تشمل جسّ النبض داخل بعض الدواوير، والتواصل مع وسطاء محليين، في أفق تسهيل عملية التفويت أو التنازل، رغم أن الأراضي المعنية تدخل ضمن الملك الجماعي، ولا يجوز التصرف فيها خارج الإطار القانوني. ويأتي هذا في وقت كان فيه وزير الداخلية قد نبه، قبل أسابيع، أمام البرلمان، إلى خطورة تفاقم ظاهرة السطو على الأراضي الجماعية، مشددًا على أن الدولة عازمة على استرجاع هذه الأراضي أو إحالة الملفات على القضاء عند الاقتضاء. وتبرز المفارقة بحدة في حيضرة، حيث يُطرح تساؤل ملحّ: كيف يمكن الترويج لمشاريع استثمارية "فاخرة" في منطقة تفتقر إلى الماء الصالح للشرب، وتعاني من آثار اقتصادية واجتماعية عميقة خلّفها إغلاق معبر باب سبتة؟ ويحذر سكان المنطقة من تكرار سيناريوهات "التحفيظ الصامت"، حيث يتم تمرير ملفات تحت غطاء المصلحة العامة أو التنمية، لتتحول لاحقًا إلى مشاريع موجهة لفئات ميسورة، دون أي مردود على الساكنة الأصلية التي تعيش التهميش. ويرى متابعون أن منطقة حيضرة كانت أولى ببرامج دعم البنية التحتية والمشاريع الاجتماعية، بدل الدفع بها إلى رهانات عقارية غير شفافة، مشددين على ضرورة تدخل السلطات الوصية لإعمال مبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، قبل أن تترسخ وقائع يصعب التراجع عنها.