واصلت مدينة شفشاون حصد الاعترافات الدولية بجاذبيتها العمرانية، معززة رصيدها من الألقاب العالمية بحلولها في المرتبة الثامنة ضمن قائمة أجمل مدن العالم وفق تصنيف مجلة "أركيتكتشرال دايجست" الأمريكية، في تتويج جديد يؤكد أن سحر المدينة الزرقاء لم يكن ظاهرة عابرة، بل معطى ثابتا في مشهد السياحة العالمية. ويأتي هذا التصنيف الجديد لينضاف إلى سلسلة من التقديرات الدولية التي راكمتها المدينة خلال السنوات الأخيرة، مرسخا موقعها ضمن نادي النخبة للوجهات السياحية الأكثر تفردا. واعتبرت المجلة الأمريكية المتخصصة أن استمرار شفشاون في تبوؤ مراكز متقدمة يعود بالأساس إلى نجاحها في الحفاظ على هويتها البصرية "أحادية اللون"، حيث يشكل الطلاء الأزرق الذي يكسو تفاصيلها المعمارية علامة مسجلة تزداد قيمتها الجمالية مع مرور الزمن، مقاومة تغيرات الموضة السياحية العالمية. وأشار التقرير إلى أن قوة النموذج الشفشاوني تكمن في أصالته واستدامته، حيث تمكنت الحاضرة الجبلية من التفوق مجددا على مدن كبرى مثل إسطنبول وبرشلونة، مما يعكس رسوخ مكانتها في الوعي الجماعي لخبراء التصميم والهندسة عبر العالم. ولم يعد تقييم المدينة يرتبط بمجرد اكتشاف وجهة جديدة، بل أصبح إقرارا بجودة نسيج عمراني يمزج ببراعة بين الإرث الأندلسي والخصوصية الجبلية، مقدما تجربة بصرية وهدوءا يندر وجودهما في الوجهات السياحية التقليدية. ويرى مراقبون للقطاع السياحي أن تكرار وجود شفشاون في قوائم "الأفضل عالميا" يحمل دلالات اقتصادية واستراتيجية هامة، إذ يثبت نجاعة التسويق الترابي للمدينة الذي تجاوز مرحلة "الإشهار الظرفي" ليتحول إلى "علامة تجارية" قائمة بذاتها. ويساهم هذا الحضور المستمر في تعزيز استقرار التدفقات السياحية على مدار السنة، ويحمي الوجهة من تقلبات السوق، حيث باتت المدينة مرجعا عالميا في سياحة المدن العتيقة. ويحمل هذا التكريس المتجدد في طياته تحديات للحفاظ على المكتسبات، إذ يضع المسؤولين والفاعلين المحليين أمام مسؤولية صيانة هذا الرصيد الجمالي الذي بوأ المدينة هذه المكانة المرموقة. وتتجه الجهود حاليا نحو ضمان ألا يؤثر التوسع العمراني أو الضغط السياحي على الطابع الأصيل للمدينة، لضمان استمراريتها كوجهة مفضلة قادرة على منافسة كبريات العواصم السياحية، ليس فقط بجمالها الطبيعي، بل بنموذجها المتفرد في العيش والعمارة.