حذّر الدكتور طيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، من ظهور سلالة فرعية جديدة من فيروس الأنفلونزا الموسمية A(H3N2)، تتميز بسرعة انتشارها وتزامنها مع موسم مبكر للإصابات، ما ينذر بارتفاع عدد الحالات وحدّتها خلال الأسابيع المقبلة. وأوضح حمضي، في تصريح صحفي عمّمه الجمعة 12 دجنبر، أن هذه السلالة "تراكمت فيها سبع طفرات جديدة خلال صيف 2025"، ما يجعلها مختلفة بشكل واضح عن السلالة التي كانت متداولة في المواسم السابقة، ومكنها من الإفلات جزئيًا من المناعة المكتسبة. وأشار الباحث إلى أن المؤشرات الوبائية تُظهر موسم إنفلونزا مبكرًا وانتشارًا سريعًا، مع تسجيل إصابات أكثر حدة وحالات أكثر خطورة مقارنة بسنوات سابقة، وهو ما قد يفرض ضغطًا إضافيًا على المنظومة الصحية الوطنية. وبحسب حمضي، لوحظ انتقال مكثف للعدوى في البداية بين المراهقين والشباب والبالغين، قبل أن تمتد إلى الأطفال وبقية الفئات، على غرار ما سُجل في اليابان ثم في الولاياتالمتحدة وكندا وعدد من الدول الأوروبية، مؤكدًا أن ضراوة سلالة H3N2 معروفة مقارنة بسلالة H1N1. وفي انتظار المعطيات الرسمية لوزارة الصحة، قال حمضي إن حالات الإصابة بأعراض شبيهة بالإنفلونزا تسارعت منذ منتصف نونبر، وازدادت حدتها في الأيام الأخيرة، بدل أن تبدأ في شهر يناير كما جرت العادة. وتوقع المتحدث تسجيل عدد أكبر من الحالات وإصابات أشد، خاصة في صفوف الفئات الهشة، من بينها الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، والمصابون بأمراض مزمنة، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من السمنة أو ضعف المناعة، إضافة إلى الأطفال ما بين ستة أشهر وخمس سنوات، مع ما قد يرافق ذلك من ارتفاع التغيب عن الأنشطة الاقتصادية والتعليمية. وفي ما يتعلق بالتلقيح، أوضح حمضي أن لقاحات موسم 2025-2026 تتضمن سلالة H3N2 القديمة، وليس السلالة التي ظهرت مؤخرًا، غير أن المعطيات الوبائية المتوفرة، خصوصًا من المملكة المتحدة، تُظهر أن هذه اللقاحات لا تزال توفر حماية جزئية ضد الفيروس المنتشر، وحماية قوية ضد الحالات الشديدة. وأكد أن "الوقت ما زال مناسبًا للتلقيح، خصوصًا بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للخطر"، مبرزًا أن مفعول اللقاح يبدأ بعد نحو أسبوعين من تلقيه. أما الأعراض المرتبطة بهذه السلالة، فتظل، بحسب حمضي، مماثلة لأعراض الأنفلونزا الموسمية، وتشمل ارتفاعًا في درجة الحرارة قد يصل إلى 40 درجة، وقشعريرة، وصداعًا، وسيلان الأنف، وآلامًا في المفاصل والعضلات، وسعالًا جافًا، وقد يصاحبها أحيانًا إسهال أو قيء. وشدد الطبيب على أن التلقيح يبقى الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية، داعيًا، في حال ظهور الأعراض، إلى البقاء في المنزل وتقليل المخالطة، خاصة مع الفئات الهشة، مع الالتزام بنظافة اليدين وتهوية الفضاءات وعدم إرسال الأطفال المرضى إلى المدارس وارتداء الكمامة عند الضرورة.