خلّف إعلان حزب التقدم والاشتراكية مغادرته حكومة العثماني، ردوداً واسعة بين المتتبعين للشأن السياسي الوطني، خصوصا حول خلفياته وأبعاده والسياق الذي جاء فيه، مع مُباشرة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إجراءات التعديل الحكومي المرتقب. ففي الوقت الذي شدد فيه الحزب على أن قراره يأتي لكون الأغلبية الحكومية الحالية " تفتقر لتدبير ونَفَس سياسي حقيقي يمكن من قيادة المرحلة، والتعاطي الفعال مع الملفات والقضايا المطروحة"، ولأن العلاقات بين مكوناتها يسودها الصراع والتجاذب والسلبي، رجح المحلل السياسي، محمد الغالي أن يكون قرار بنعبدالله ورفاقه، يدخل في إطار حسابات سياسية، خصوصا مع اقتراب الانتخابات المقبلة. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، في تصريح لموقع القناة الثانية، إن مغادرة الحزب الحكومة وانتقاله إلى المعارضة سيساعده في إعادة ترتيب البيت الداخلي للتأسيس لمشروعيته خلال الاستحقاقات المقبلة، مشيرا إلى أن أدوار الحزب خلال الأغلبية الحالية تقزمت مع التقليل من حقائبه الوزارية مقارنة بالنسخة الأولى من الحكومة. واعتبر المحلل السياسي، في تصريحه لذات الموقع، أن "حزب الكتاب" رأى أن مخاطر الاستمرار في الحكومة أكبر من الفرص المحتملة، مشيرا إلأى أن "الخروج سيكون أخف الضررين على الحزب". وحول مسار التعديل الحكومي، أوضح الغالي أن "الاختلالاتت البنيوية التي أشار لها جلالة الملك في خطاباته تلقي بظلالها على الحكومة، باعتبار أن التشكيلة الحكومة أكثر محافظة على مستوى تجديد النخب بالمعنى الفعلي وليس بالمعنى الشكلاني"، مشيرا إلى أن "هناك تعثرا كبيراً، على مستوى الإسراع والخروج بالتعديلات الضرورية والمهمة، والخلل ليس على مستوى اختيار الأسماء بل على مستوى بنية الأحزاب السياسية." من جهته، وصف الباحث في العلوم السياسية، كريم عايش، خطوة الانسحاب من الحكومة ب"الجريئة سياسيا"، مشيرا أنها تأتي بعد أن فقد الحزب مكانته وتأثيره داخل هذا التحالف الهجين، خصوصا بعد سحب عدد من الحقائب الوزارية منه. وأشار المتحدث، في تصريح لموقع القناة الثانية، أن انخراط الحزب في الحكومة الحالية، دفع به بعيدا عن أرضيته السياسية وتبنيه لبرنامج حزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى ضعف مردودية القطاعات التي يمسكها حزبه، وبروز خلافات بين مكونات الحزب وحليفيه الحكوميين العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، عناصر كانت كفيلة بخروجه من الحكومة. واعتبر عايش، في تصريح للذات الموقع، أن هذا الإعلان كان بمثابة "رسالة الانتحار السياسي" للحزب لأنه يعكس "تحوله الى مضمار سباق نحو المناصب والمكاتب، كما اعتمد ازدواجية في الخطاب، فتارة ينتقد عمل قطاعات حكومية وتارة أخرى يدافع عن حصيلة باهتة لقطاعاته في الحكومة، التي صار باديا ان صراع الكراسي داخلها هو ما يقلبها ويحركها بدل التوجيهات الملكية".