حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناقشة أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في الدراسات العربية تحت عنوان"بلاغة الدعاء في نماذج من الخطاب الصوفي بالمغرب" البريد الوارد x
نشر في تطوان بلوس يوم 05 - 03 - 2018

تقرير عن مناقشة أطروحة الدكتوراه بَلاغة الدُّعاء في نماذج من الخطاب الصوفي بالمغرب للطالب الباحث عبد المومن زيطان
نوقِشَت صَباحَ يوم الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1439 الموافق ل 13 فبراير 2018، برحابِ كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أطروحة جامعية لنيل الدكتوراه، في وحدة التكوين: النص الأدبي العربي القديم، أعدَّها الطالبُ الباحث: عبد المومن زيطان، في موضوع: " بَلاغة الدُّعاء في نماذج من الخطاب الصوفي " بإشراف: الأستاذ الدكتور أحمد بوعود والأستاذ الدكتور عبد اللطيف شهبون.
وناقَشتها لجنة من الأساتذة الدكاترة تتكون من :
* أ.د محمد عبد الواحد العسري: رئيسا
* أ.د أحمد بوعود: مشرفا ومقررا
* أ.د عبد اللطيف شهبون: مشرفا ومقررا
* أ.دة سعاد الناصر : عضوا
* أ.د أحمد هاشم الريسوني: عضوا
* أ.د عبد الرحيم الإدريسي: عضوا
* أ.د مصطفى بوجمعة: عضوا
وبعد دفاع الطالب الباحث عن أطروحته - التي جاءت في (أكثر من 400 صفحة)- ومناقشة اللجنة لَه في الموضوع والعنوان والإشكال والخطة والمنهج والمصادر، امتدت لساعات طوال، مُنِحَتْ اللجنة للطالب الباحث عبد المومن زيطان درَجَةَ الدكتوراه في الآداب تخصص: النص الأدبي العربي القديم، بميزة مُشرِّف جدا.
وتقدم الطالب الباحث بتقرير موجز عن الرسالة العلمية المعروضة للمناقشة أمام لجنة علمية وحضور غفير من أساتذة وطلاب العلم وزملاء له، وأسرته الكبيرة والصغيرة؛ هذا نصها الكامل:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
يشرفني اليوم، السادة أعضاء اللجنة العلمية الموقرة أن أستهل هذا التقرير بتقديم امتناني الصادق، وشكري العميق، إلى الأستاذين الجليلين المشرفين على الأطروحة، الأستاذ الأديب الدكتور عبد اللطيف شهبون، والأستاذ الدكتور أحمد بوعود، على التوجيه السديد والتهذيب الدقيق والرعاية الفائقة، التي شملاني بها، وعلى ملاحظاتهما القيمة التي كان لها الأثر الكبير في إتمام هذه الأطروحة.
فالله، سبحانه وتعالى، أسأل لأستاذي الكريم الدكتور عبد اللطيف شهبُون عمرا مديدا وعطاء منه غير مجذوذ، وأن يديم عليه لباس العافية وموفور الصّحة وهو ولي ذلك والقادر عليه.
ولأستاذي الفاضل الدكتور أحمد بوعود مزيدا من التقدم العلمي والعملي والعطاء المثمر ومزيدا من الاحتضان العلمي لطلبته، إن ربي قريب مجيب.
كما أتقدم بخالص شكري وتقديري إلى أعضاء اللجنة العلمية المحترمة أساتذتي فضيلة الدكتور الأستاذ محمد عبد الواحد العسري، والأستاذة الفاضلة الدكتورة سعاد الناصر والأستاذ الدكتور أحمد هاشم الريسوني وفضيلة الدكتور مصطفى بوجمعة، وفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحيم الإدريسي البوزيدي، الذين عهدتهم أساتذة متمرسين في العلم والمعرفة، والذين تفضلوا بقبول مناقشة هذه الأطروحة وتقويمها.
وأتقدم بالشكر لكل من ساعدني للوصول إلى هذه المرحلة بالتشجيع أو النصح أو الإرشاد، كما لا يفوتني أن أشكر جميع الحاضرين الذين شرفوني بحضورهم.
وبعد، فإن البحث المسمى "بلاغة الدعاء في نماذج من الخطاب الصوفي بالمغرب" هو دراسةٌ تبتغي تحقيق غايات أذكر أهمها فيما يلي:
- أولا:– رغبتي الشديدة المستمرة في دراسة موضوع يتصل بالقرآن الكريم وربطه بعلم التصوف، إذ شرف العلم بشرف موضوعه.
- ثانيا: إن موضوع الدعاء في الخطاب الصوفي، لم يحظ بدراسة أسلُوبية بحسب المصادر التي راجعتُها، بل لم ينل حقه حتى من الدراسة الموضوعية الفنية، العلمية المنهجية، بوصفه أسْلُوبا إنشائيا، وفنيا أدبيا، مما يجعل درسه موضوعا جديدا، يُسهم في إبراز خصائصه الأسلوبية، وسماته الفنية.
- ثالثا: إن موضوع الدُّعاء، يجمع بين بُعدين قيمين: البُعد الديني التعبدي، والبعد الأسلوبي الفني، وهذا يجعل البحث بين مغنمتين قيمتين هما: التعبد إلى الله بالدُّعاء، والتذوق الأسلوبي الفني لنص تخاطبي جليل.
رابعا: الإسهام في خدمة الموروث الأدبي الصوفي للمكتبة العربية، في مجال اللغة عامة، والأدب خاصة.
والبحث في الخطاب الصوفي اشتمل على مختلف الأشكال التعبيرية منها الدعاء ولاشك أن هذا التوظيف لم يكن عشوائيا بقدر ما كان عن سابق تدبُّر وتفكُّر ويؤكد هذا اهتمام المتصوفة بدقائق الأمور المتصلة بعلمهم علم الباطن فقد جعلوا لكل مكونات خطابهم مرجعية وأساسا يستند عليه.
إشكال الموضوع:
انبثق إشكال الموضوع الذي عالجناه من مجموعة من الأسئلة؛ منها ما أثير خلال فترة التكوين في وحدة ماستر الأدب العربي في المغرب العلوي. ومنها ما جاء نتيجة الاطلاع على بعض المراجع التي لها علاقة بالدعاء في الخطاب الصوفي، ومنها ما نتج عن تتبع المفاهيم البلاغية .
- فما هي أهم القضايا البلاغية التي تناولها الدعاء في الخطاب القرآني والخطاب الصوفي؟ وما هي مقاصدهما؟
- وهل كانت الأدعية في تلكم القضايا أصيلةً أم هي منقولة عن غيرهم من المؤلفين؟
- وما هي المقاصد التربوية التي يتضمنها الدعاء في الخطاب الصوفي؟ وما هي التوجيهات الإصلاحية التي عالجها؟
- وهل النص الصوفي تأثر بآيات الدعاء في خطابه ؟ وإذا كان نعم إلى أي حد يمكن اعتبار النص الصوفي يمتح من النص القرآني؟
- وما تجليات متانة خطاب الدعاء في نصوص الأوراد الأحزاب والتّصليات ؟
وإلى أي حد شكل الدعاء غذاءً روحيا لشيوخ الزوايا ؟ علما أن جل النصوص التي بقيت إلى يومنا هذا كانت جلها مليئة بالأدعية التي تعالج الأزمات والأيام الصعاب والمحن التي تمر منها الزوايا في مواجهة المستعمر الغاصب؟
تصميم الأطروحة
اقتضت طبيعة البحث، أن يكون في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، أما المقدمة فبينت فيها أهمية الموضوع ودواعي اختياره، وأهدافه، والدراسات السابقة له، وأهم ما تميز به من غيره، وأجزاءه التي تكون منها، ومنهج الدراسة، ونوع المصادر التي أفدت منها في جمع معلوماته.
بعدها قسمنا الأطروحة إلى أربعة فصول:
عنونا الفصل الأول، ب"بلاغة الدعاء في الخطاب القرآني والصوفي: دراسة في المفاهيم" حيث سعينا إلى تحديد مفهوم الدعاء والبلاغة ومفهوم التصوف، ، دون أن نَغْفَل الجانب النقدي لدارسي هذه المفاهيم الثلاثة، ثم قمنا بإبراز الجوانب التربوية والمقاصدية التي يملكها الدعاء في حياة كل سالك إلى الله، كما تطرقنا إلى اهتمام الجيل الأول بالدعاء وجعلُه سلاحَ كل بلاء، مع التطرق لخصائص الخطاب الصوفي بالمغرب وذكر الفرق بينه وبين الخطاب القرآني.
أما الفصل الثاني من الأطروحة فقد تناول موضوع "بلاغة الدعاء في الصلاة المشيشية" خصصنا فيه الحديث عن معاني التصلية ومكانتها في نصوص الأوراد وآدابها وكيف ظهر نص التصلية في المغرب مع إبراز علاقتها بالتوسل والدعاء والمناجاة من حيث توسيع المفهوم ليشمل الصورة البلاغية معاً والتطرق لشروح هذا النص الدعائي، وذكر أهم الخصائص الأسلوبية التي جاءت في نص الشيح ابن مشيش رحمه الله.
فيما سمينا الفصل الثالث بِ "بلاغة الدعاء في دلائل الخيرات" ناقشنا فيه مقاصد المعنى والمبنى في دلائل الخيرات، وكيفية تشكله، وآلياته، ثم المقاصد والأغراض المراد التوصل إليها من الرسائل الضمنية المنضوية في النص، والمتمثلة في الافتقار إلى الله ، والتقرب إليه وطلب الشفاعة من خاتم النبيئين ودفع المضار وجلب المنافع وكذلك جعل الدعاء رابطة بين ذوي السابقة من الأنبياء والأولياء والأصفياء، وكيفية إسهام تلك المقاصد في تشكيل بلاغة المعنى في الخطاب الصوفي للدعاء والتصلية وامتداد هذا النص رغم بعدنا عنه لمدة طويلة، علما أن النص لا زال قائما في أوراد شيوخ التصوف، فتناولنا المؤلف والمؤلف بنظرة جديدة وذلك بإبراز مستويات الدرس اللغوي في دلائل الخيرات، والأبعاد الجمالية وبلاغة التصلية.
أما الفصل الرابع فعنوناه "بلاغة الدعاء في توسل الناصري سيدي محمد بن ناصر الدرعي رحمه الله " حيث لاحظنا أن هذه الشخصية لم تنل حقها من الدراسة. ولا تستقيم الدراسة إلا بتناول هذا الدعاء من جوانب مختلفة تفرض سلطتها على القارئ، مما يخلِّفُ في نفسه أثراً عميقاً ليس من السهل تجاهله، فتطرقنا لحياة الشيخ وتكوينه العلمي والتربوي ومكانته الروحية في الزوايا ، ثم ذَكَرنَا أنماط الدعاء ومضامينه في توسل سيدي محمد بن ناصر، ثم ختمنا الفصل بمعالجة المقاربة الأسلوبية في هذا الدعاء ومقارنته بالنص القرآني كونه يقتبس العديد من المصطلحات من الخطاب القرآني مع ذكر أهم المقاصد البلاغية في الدعاء عموما .
وأنهينا الدراسة بخاتمة بيننا فيها أهم النتائج العامة التي توصلنا إليها.
منهج البحث:
رأينا أن نعتمد على منهج يتشكل من أدواتٍ متعددة من بينها الاستقراء والموازنة والنقد.
فأما الاستقراء فأفدتُ منه في تتبع الموضوعات البلاغية التي نالت نصيبا من مسألة الدعاء في الخطاب الصوفي وشغلت حيزا كبيرا، كما أفدتُ منه في تتبع حضور نصوص الدعاء وشروحه البلاغية رغم أنها قليلة على المستوى البلاغي.
وأما الموازنة فيبدو أثرها واضحا في المباحث التي خصصتها للخصائص الأسلوبية في نصوص الدعاء؛ إذ كنتُ أوازن بين المصطلح واقتباساته في النص القرآني لتَبيُّن أوجهِ التشابه والاختلاف وجوانبِ التميز والتحيز.
وأما النقد فقد اعتمدتُه منذ الصفحات الأولى للبحث حيث قوَّمتُ ما بدا لي من أخطاء في الدراسات التي اطلعتُ عليها وكان موضوعها بلاغة الدعاء، كما اعتمدتُه في تعاملي مع المتن الصوفي نفسه؛ إذ كانت قراءتي للدراسات التي درست النمص الصوفي مصحوبة بقلم النقد والتقويم.
نتائج الدراسة آفاق البحث
- أولا: إن هذه الدراسة اهتمت بتحديد مصطلح الدُّعاء، وحدت له حداً جامعاً مانعاً، بينتْ من خلاله ما دخل إلى التعريف وما خرج عنه.
- ثانيا: إن هذه الدراسة صنفت بحسب المظاهر الأسلوبية الموجودة في نصوص الدُّعاء، وليس بحسب موضوعاته، أو أصناف الداعين، وأنماط مطالبهم، وغير ذلك من الاعتبارات التي نجدها في بعض الدراسات السابقة .
- ثالثا: إن الدراسات السابقة كانت تختص بجانب معين من الدُّعاء على وفق حدودها المقررة في العنوان، فتدرس فقهه، أو دلالاته الإيمَانية أو تركيبه النحوي، أما هذه الدراسة فقد جعلت نصوص الدُّعاء مادة درْسِها الأسلوبي، لتشمل النص الدعائي وجماليته وتأثيره، فتنطلق منه وتعود إليه .
* رابعا: إن هذه الدراسة جاءت لتحقيق الهدف الذي حددته بمنهج واضح المعالم، يرجو الباحث أن تكون مكملة لتلك الدراسات من ناحية وفاتحة لدراسات أخرى يتطلَّبها النص الدعائي خاصة، والنص الصوفي عامة.
خامسا: إنّ خطاب الدعاء في الأدب الصوفي ينبني على أسس ووحدات كبرى منها ما هو بنائي معماري، وعلائقي تخاطبي، وما هو معنوي مثل: الهيللة والتوحيد الإلهي، والنص القرآني، وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، وتعظيم الولي بالدعاء له. ومنها ما هو لغوي تركيبي تجلى في بنيات الطلب والتوسل، والتكرار، والتقابل مع الائتلاف، والتداخل النصي، إضافة إلى النمط السردي، وسلطان بلاغة الفكرة أو الصورة المعنوية، مع حضور الصورة اللفظية البديعية والبيانية بحسب النصوص وإمكانات
- ساسا: لقد جمع خطابُ الدعاء بين سرد صفات الرّسول صلى الله عليه وسلم وفضائله، وشكوى النفس الأمارة بالسوء والدُّعاء وجوابه، وتصريح بالهدف الدرعي ونُشدَان التغيير الواقعي الأشمل، يتخذ غاية له توجيها للكيان الإنساني نحو الكمال. فكان الدعاء ذا بلاغة وظيفية ترتبط بالحياة وتفاصيلها تنشد إخضاعها لمنظورات الدين والفلسفة عامة.
- سابعا: استطاع أدب الدعاء أن يرسم تميزه في لوحة الأدب المغربي المنظوم والمنثور إن في المعاني والأفكار أو المباني والأساليب، وسواء كان موضوعه إلهيا أم محمديا أم ولويا أم مشتركا بين تلك الذوات المرجعية في الدعاء.
* ثامنا: إن الدعاء أدب ذوقي وجداني صادق أخلاقيا وفنيا يستبطن بشكل منظم تجربة روحية تتغير تجاوز الواقع الفعلي للموجودات التي كشف واقعها الجوهر وأصلها الصافي المقدس، ومأواها النقي في الروح الإنسانية، مسخرة لأجل ذلك كل الطاقات التعبيرية والمكونات اللغوية والأدبية في أجوائها المألوفة وغير المألُولفَة النابِعة من خصوصية التجربة الصوفية.
أخيرا: تهيمن لغة الرمز والإشارة على لغة المطابقة والعبارة، وتحضر حضورها الغلاب في خطاب الدعاء، وفي أدب التَّصْليات.
الآفاق التي يفتحها البحث
إننا لا ندعي أن بحثنا قد استشرف جميع القضايا التي يثيرها الدعاء وبلاغة الخطاب الصوفي، فالنتائج التي انتهت إليها هذه الدراسة يمكن أن تكون منطلقات لأبحاث أخرى تتولى تحليل وتأويل الخطاب الصوفي في التراث النثري العربي وتحليله من زوايا مختلفة. وحافزا لنا أيضا لتتبع مسير البحث، حيث يمكن أن يكون أفقا من آفاق الدراسات البلاغية .
في الختام أغتنم الفرصة لأوجه الشكر الجزيل لوالدتي، التي تدعو معي كل يوم خمس مرات والتي كان لها الفضل بعد الله في استكمال هذه الأطروحة لما بذلت معي والله تعالى أسأل أن لا يحرمني بِرّها ورِضاَهَا.
كما أشكر كافة أفراد عائلتي الكبيرة والصغيرة، وخصوصا إخواني وأخواتي وكل من ساهم في تربيتي الروحية.
كما لا تفوتني الفرصة بأن أتقدم بأسمى آيات الشكر والامتنان والتقدير والمحبة إلى الذين حملوا أقدس رسالة في الحياة، إلى الذين مهدوا لنا طريق العلم والمعرفة إلى جميع أساتذتنا الأفاضل، الذين أخذت عنهم واستفدت منهم.
كما يسعدني أن أجدٍّد شكري للسادة أعضاء اللجنة العلمية لتقبلهم مناقشة هذه الأطروحة، وأن أستمع إلى ملاحظاتكُم وتوجيهاتكُم وتصويباتكُم التي لاشكَّ ستُغني هذا العمل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.