مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    23 قتيلا و 2835 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    هشام العلوي يدعو المغرب إلى قطع علاقاته مع حكومة نتنياهو مع الحفاظ على الروابط مع المجتمع والشعب الإسرائيلي    ترامب: لم يكن لدينا الوقت الكافي لمنع ضرب قطر    تعليمات قضائية لتشديد مراقبة تراخيص الإذن بتعدد الزوجات في المغرب    في ظل انتشار إشاعة الراحة البيولوجية.. مهنيو الصيد البحري بالداخلة يطالبون بالوضوح والشفافية    3 أندية إسبانية تتنافس على خدمات حكيم زياش    فرنسا: تعيين سيباستيان ليكورنو رئيسا جديدا للوزراء    قطر تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها لن تتسامح مع "السلوك الإسرائيلي المتهور"            بونو يحصل على جائزة أفضل تصدي    تراجع في كميات وقيمة مفرغات الصيد الساحلي بميناء الحسيمة    فيديوهات أسطول غزة تفند بيان الحرس الوطني التونسي بشأن حريق القارب    "البام" ينادي بزجر تدليس الانتخابات    توقيف ضابط شرطة ممتاز متلبس بالابتزاز والرشوة    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    المملكة المغربية تدين بقوة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    محمد حفيظ يرد على الأزمي.. حين يكذب الشيخ لا عجب أن يكذب المريد! 1/2        الذراع النقابي ل "العدالة والتنمية" يرفض السياسة الاجتماعية للحكومة وتُحذر من تصاعد الاحتقان    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    توسع عالمي .. افتتاح فرع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنيويورك    المنتخب المغربي يتجه للحفاظ على مركزه ال12 عالميا    اتحاد طنجة يطرح تذاكر مباراته الافتتاحية أمام الحسنية    أخبار الساحة    أكادير تحتضن أول مصنع مغربي لإنتاج الذباب المعقم لحماية بساتين الحمضيات    إفراج مؤقت عن مئات الأبقار المستوردة بميناء الدار البيضاء بعد تقديم ضمانات مالية    إضرابات وطنية جديدة لموظفي الجماعات في شتنبر وأكتوبر        وزارة النقل تكشف حقيقة الغرامات على صفائح التسجيل الدولي للمركبات    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا        طالبة مغربية تتألق بالصين وتحصد جائزة مرموقة في مسابقة "جسر اللغة الصينية"    احتجاجا على التهميش والتدبير الأحادي للمديرية الإقليمية للتعليم بالمحمدية المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم.. فدش ينسحب من اجتماع رسمي ويخوض اعتصاما    المختار العروسي يعلن ترشحه لرئاسة نادي شباب أصيلا لكرة القدم    المغرب: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد اليوم الثلاثاء بعدد من المناطق    مديرية الأرصاد تحذر: زخات رعدية قوية بعدة مناطق اليوم الثلاثاء    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"        تسريع التعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة محور مباحثات الوزيرة بنعلي مع نظيرها الموريتاني    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    بطولة اسبانيا: برشلونة يؤكد إصابة دي يونغ    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة        أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        انتشار السمنة بين المغاربة يطلق دعوات إلى إرساء "خطة وطنية متكاملة"        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور الأسود لأسلاف أردوغان في تاريخ العربان (1-2)
نشر في زابريس يوم 10 - 12 - 2015

التاريخ تيار متصل، لا يعرف الانقطاع أو الاقتطاع؛ والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي هذا التاريخ ويعي أنه يوجد "هنا والآن"، يعني المكان والزمان؛ و"الآن" تصبح ماضيا، ومن يَنْسَهَا بعدما سالت مع الزمن، قد ينتجْ أحداثَها مجددا ولجهله يبرر مآسيها، لأن سلسلة هذه [الآنيات] التي تشكل التاريخ، قد تعيد أحداثَها وإن كانت لا تعيد نفسَها، بعدما جرفها التيار المتدفق للزمن في سيرورته؛ والتاريخ هو سِجلّ الأحداث البشرية، وكل أمة تنسى تاريخها لا مستقبل لها كما يؤكد التاريخ نفسه؛ ونحن للأسف الشديد من بين الأمم التي تنسى تاريخها ولا تستخلص منه الدرس والعبرة، بعكس أمم أخرى؛ وقد يسألني القارئ الكريم: أين يتجلى نسياننا للتاريخ في واقعنا المأساوي؟ هذا سؤال وجيه لا محالة؛ والجواب عليه يتطلب الجمع بين نظرة تاريخية ماضية، وأخرى واقعية آنية، لنحصل على تركيبة مقارنة؛ والله سبحانه وتعالى، يشدد في كتابه العزيز على التاريخ: "أفلا تَذْكرون"؛ ويعرض علينا تاريخ أمم سادت ثم بادت، حتى نتجنب ما وقعت فيه، مما أدى إلى هلاكها المحتوم.. ها هو "هتلر" يستخف بالتاريخ، فيقع فيما وقع فيه "نابليون" سنة [1812]؛ كما يكرر أخطاء ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى.. وها هم العرب اليوم، يقعون في ما وقعوا فيه بالأمس، حيث عاث الفرس والأتراك فسادا في تاريخهم القديم، كما يعيثون فسادا في تاريخهم المعاصر. كيف ذلك؟
لقد تلاعب الفرس بنا قديما وراء ستار "آل البيت"، معتمدين عقيدة التشيع، لإخفاء مقاصدهم الدفينة، فأحدثوا شرخا في الصفوف وفي العقيدة، وما زالوا إلى يومنا هذا يعيثون فسادا في أمتنا، بهدف بعث التاريخ الصَّفوي قاتم السواد، وقد خصصنا لذلك حلقات خلال شهر رمضان الفضيل، ولا داعي للتكرار.. لكن الذي سنعرض له في هذه المقالة، هو دور الأتراك المشؤوم في تاريخنا قديما، على أن نعرض لدورهم حديثا في حلقة أخرى قادمة.. لقد قمتُ بجولة في أدغال التاريخ الرّهيبة، فعثرتُ على بصمات الأتراك بادية هنا وهناك، إلى جانب بصمات الفرس سواء بسواء؛ كما عاينتُ فيروسات الأتراك منتشرة في البلاد العربية في كل المجالات السياسية، واللغوية، والدينية، إلى درجة أن ملوك بعض أقطارنا كانوا أتراكا، حتى بعد نهاية صولة الأتراك، وانهيار إمبراطوريتهم، التي سُميت تعسفا "خلافةً إسلامية" وكأن أمتنا كانت كافرة، حتى جاء الترك وجعلوها مسلمة أيام سيطرتهم الجارفة، التي كان هدفها التوسع، والسلطان، والجاه، والمال والنساء باسم إسلام كاذب، واستعمار سُمي تعسفا بالفتوحات الإسلامية، لإخفاء طابعه الطّوراني التوسعي، وقد بلغ هذا المد حدود "النامسا" شمالا، إلى اليمن جنوبا، إلى أبواب المغرب الشرقية.. والغريب في الأمر، أن بعض العرب يثنون على هذه الإمبراطورية، التي كانت عليهم ولم تكن لهم، لمجرد أنها تأنّقت بوشاح سنّي خادع، وهو ما يجعلهم إلى يومنا ينخدعون بتركيا، بعكس دول أوربية لم تَنْس تاريخ الترك..
لقد كانت دولة الأمويين عصيةً على كل اختراق فارسي أو تركي؛ لأنها كانت متعصبة للعروبة؛ ولكنّ التاريخ الأسود للفرس في الأمة، بدأ مع العصر العباسي، وبسببهم قتل "المأمون" المتعصّب للفرس، أخاه "الأمين" المتعصّب للعرب، إذ كانت أمُّ "المأمون" فارسيةً، فيما كانت والدة "الأمين" قُرشيةً قحّة.. لكن ماذا عن الأتراك، وهو موضوع هذه المقالة؟ كان أول خليفة عباسي استعان بالمرتزقة الأتراك للدفاع عن ملكه، هو "المعتصم"، حيث اقتناهم بالترغيب تارة، وبالشراء تارة أخرى؛ فجعلهم من بِطانته، وتقدّم بعضُهم في مناصب الدولة حتى استبدّوا بالأحكام؛ فانتقلت سياسة الدولة من أيدي الموالي الفرس وأكثرهم شيعة، إلى الجند الترك وأكثرهم سُنّة؛ وهذا الصراع ما زال قائما إلى يومنا هذا بين إيران وتركيا في وطننا العربي.. لكن في عهد "المتوكل" استفحل إرهابُ الأتراك. وازداد استبدادهم، وبرز طمعهم في الدولة؛ فمات "المتوكل" بعد بضعة أشهر، وضميره يَخِزُهُ، بعد فوات الأوان.. والآن إليكم المفاجأة، يا من تَأْمنون جانب الأتراك، وتجهلون حقائق التاريخ، فتقعون في نفس الأخطاء.. لقد قتل الأتراك السُّنة الخليفةَ "المعتز" شرّ قتْلة؛ كما سَملُوا عيني الخليفة "المسْتَكْفي"، ثم حبسوه حتى مات؛ كما عذّبوا الخليفة "القاهر بالله" حتى لفظ أنفاسَه في السجن؛ وبعدما كانوا يحلفون بحياة الخليفة، صار الخليفة هو الذي يحلف بحياتهم؛ اُنظرا "تاريخ ابن الأثير" صفحة: 167؛ جزء: 08..
يحكي "الفخري" في كتابه: "الآداب السلطانية" صفحة: 220؛ أنه لما تولى الحُكمَ الخليفةُ "المستعين بالله"، اجتمع بعض خواصه وأحضروا منجّمين، لمعرفة متى سيموت، وكم سيدوم حكمُه، وكان في المجلس أحد الظرفاء فقال: "أنا أعرف كم سيعيش، وكم يملك" فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: "مهما أراد الأتراك"، فلم يبقَ في المجلس إلا من ضحك.. ويقول "جرجي زيدان" في كتابه "تاريخ التمدّن الإسلامي"؛ المجلد الثاني؛ صفحة: 454، إن الأتراك بطبعهم يكرهون اللغة العربية، وحتى وإن كان تركي يتقنها، فإنه لا يتكلمها تكبُّرا هكذا ويظهر ذلك اليوم، عندما يستضافون في قنوات عربية.. فالأتراك هم قومُ بطشٍ، وإرهابٍ، وأصحاب أطماع، وسوء طباع.. يقول "ابن الأثير" في "تاريخه"؛ صفحة: 264؛ جزء: 09: "كان أهل البلاد يهابون الأتراك، ويخافون بطشهم، إذ كان الأتراك يدخلون بيوت الناس، ويعترضون طريق النساء والغلمان؛ فأصبح عامةُ بغداد يكرهونهم كرها شديدا؛ فهم بطبعهم لا يحترمون حرمة أهل البلاد، ولا أخلاقهم، ولا أمنهم"، وهو ما اكتشفناه نحن المغاربة بالدليل القاطع منذ أيام، حيث أُلقي القبض على بعضهم، يخدمون أهداف "داعش" الإرهابية في بلادنا، دون احترام لنا، أو حفاظ على أمننا..
لقد قرع الأتراكُ الأبواب الشرقية للمغرب بعنف أيام الغزو التركي، ولكنّ المغاربة وقفوا لهم سدّا منيعا، فولّوا الأدبار يجرّون أذيال الخيبة، ويتجرّعون كأس الهزيمة؛ ولكن لحسن حظنا نحن المغاربة أنه لم يكن في المغرب آنذاك "بنكيران"، وإلا لكان فتَح لهم الأبواب، كما فعل ذات يوم "ابن العَلْقمي" الشيعي، مع التتار، فدخلوا بغداد، وعاثوا فيها فسادا.. ولكنّ "بنكيران" فتح اليوم للأتراك أبواب المغرب التجارية؛ فنشط التهريب بين شمال المغرب وتركيا، وفُتحت الطريق للإرهاب، واستفادت "داعش والنصرة"؛ وهو ما سنعرض له في مقالة الغد، مع ذكْر جرائم التُّرك الشنيعة في العصر الحديث، بعدما ذكرنا أثرهم السيئ في التاريخ القديم.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.