الأزمي: تأجيل عرض أخنوش لحصيلة حكومته "فضيحة سياسية"    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    سانشيز: سننظم كأس عالم ناجحة لأننا مجتمعات تعشق كرة القدم    تأجيل مباراة العين والهلال بسبب سوء الأحوال الجوية بالإمارات    بودريقة يوضح أسباب استبعاده من مكتب مجلس النواب    توقيف ثلاثة أشخاص في فاس بتهمة ترويج الأقراص الطبية المخدرة    الإعلان عن مواعيد امتحانات الباكالوريا وهذه التدابير الجديدة    الأمين بوخبزة في ذمة الله        بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع التراجع    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    سوق السندات (05 09 أبريل): اكتتابات للخزينة بقيمة 3.3 مليار درهم    البيجيدي ينتقد تعديل مرسوم حكومي لتوفير تمويلات لجماعة أكادير التي يرأسها أخنوش    اللجنة التحضيرية الوطنية للمؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال تعلن فتح باب الترشح لمنصب الأمين العام    ما حقيقة إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى هذه السنة؟    الرابطة المغربية السويسرية تعقد جمعها العام الثاني بلوزان    عدد العاملات المغربيات في حقول الفراولة الاسبانية يسجل ارتفاعا    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    موانئ الواجهة المتوسطية .. انخفاض كمية مفرغات الصيد البحري ب 12 في المائة    توقعات الطقس بالمغرب اليوم الثلاثاء    وفاة الأمين بوخبزة الداعية و البرلماني السابق في تطوان    انتخاب محمد شوكي رئيساً لفريق "الأحرار" بمجلس النواب    المغرب يدكّ مرمى زامبيا ب13 هدفا دون رد في أمم إفريقيا للصالات    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    العالم يشهد "ابيضاض المرجان" بسبب ارتفاع درجات الحرارة    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    حماة المستهلك: الزيادة في أسعار خدمات المقاهي غير قانونية    مسلم أفندييف مواطن أذربيجاني يتسلق أعلى قمة في المغرب    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    دوري أبطال أوروبا.. "أم المعارك" بين سيتي وريال وبايرن لانقاذ الموسم امام ارسنال    المبعوث الأممي لليمن يحذر من عواقب وخيمة جراء استمرار التصعيد بالبلاد    أسعار النفط تستجيب صعودا لاحتمال رد إسرائيل على "هجوم إيران"    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    توقيف عضو في "العدل والإحسان" بمدينة أزمور مناهض للتطبيع مع إسرائيل (فيديو)    بعد دعم بروكسيل لمبادرة الحكم الذاتي.. العلاقات المغربية البلجيكية تدخل مرحلة جديدة    بعد إيقافه بأزمور.. وقفات تضامنية مع الناشط الحقوقي مصطفى دكار    بعد خوصصتها.. وزارة الصحة تدعو لتسهيل ولوج أصحاب المستشفيات الجدد إلى عقاراتهم وممتلكاتهم    بيدرو سانشيز: "كأس العالم 2030 ستحقق نجاحا كبيرا"    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    أكبر توأم ملتصق ف العالم مات.. تزادو وراسهم لاصق وحيرو كاع العلماء والأطباء    بعدما علنات القطيعة مع اللغة الفرنسية.. مالي غادي تقري ولادها اللغات المحلية وغادي تخدم الذكاء الاصطناعي    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    المغرب يعزز الإجراءات القانونية لحماية التراث الثقافي والصناعات الوطنية    عمل ثنائي يجمع لمجرد وعمور في مصر    تكريم الممثلة الإيفوارية ناكي سي سافاني بمهرجان خريبكة    دراسة: ممارسة التمارين الرياضية في المساء تقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 61 بالمائة    العالم الفرنسي الكندي سادلان ربح جائزة "أوسكار العلوم" على أبحاثو ف محاربة السرطان    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحة العمومية : اختلالات بالجملة وغياب أي أفق للإصلاح
نشر في زابريس يوم 21 - 08 - 2012

دق عدد من المهنيين والعاملين في قطاع الصحة بالمغرب ناقوس الخطر، بسبب استمرار تردي الأوضاع الصحية، وغياب أي أفق للإصلاح، واعتبر كثير من المهتمين أن المغرب متأخر بسنوات طويلة، ويحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة للقطاع حتى يتمكن من مواكبة التطورات التي يعرفها، موضحة أن هناك فرقا كبيرا بين الخطاب السياسي والواقع الميداني، الذي يكشف شجرة التوت التي ظل يختبئ وراءها القائمون على القطاع الصحي. وبقدر ما تزايد عدد المستفيدين من الخدمات الصحية، بقدر ما تضاعفت النقائص وتزايدت الاختلالات، إذ تحولت المستشفيات المغربية إلى ما يشبه المعتقل، حيث يقضي فيها المريض ساعات طويلة قد لا تتسعفه في الحصول على الخدمة الصحية.
تردي الأوضاع الصحية بالمغرب
يجمع الخبراء والمهتمون والعاملون في القطاع الصحي، على تردي الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية، وصعوبة الولوج إلى المراكز الصحية وتفاقم مشاكل مهنيي القطاع، وأكدت مصادر مقربة، أن الولوج إلى الخدمات الصحية مازال صعب المنال في كثير من الأحيان، حيث يجد فقراء المغرب الكثير من المطبات وقد يضطرون إلى التخلي عن حقهم في الحصول على العلاج، وقالت المصادر ذاتها إن هناك اختلالات بنيوية تمنع توفير الخدمة الصحية وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية، وأرجعت المصادر صعوبة الولوج للخدمات الصحية إلى ضعف البنيات وتقادم الأجهزة الطبية، وعدم مواكبة هذه البنيات للتطور الذي عرفه المغرب واتساع دائرة سكانه، فيما المنظومة الصحية ظلت ثابتة ولم تتفاعل مع الخريطة الصحية بالمغرب.
تقارير صادمة عن وضعية المستشفيات العمومية
خلص تقرير أعدته المنظمة الديمقراطية للصحة بالمغرب إلى أن المستشفيات المغربية تعيش كثيرا من الصعوبات تتمثل في وجود خصاص مهول على مستوى الموارد البشرية خاصة الموارد البشرية المختصة في مجالات طبية معينة، وأكد تقرير المنظمة على غياب استراتيجية واضحة في مجال التكوين الأساسي للأطباء والممرضين مما يحول دون توفير الموارد البشرية الكافية، مشيرا إلى أن العلوم الطبية والتمريضية من العلوم المتطورة والمتغيرة باستمرار تستلزم المواكبة الدائمة والاستراتيجية الفعالة في مجال التكوين المستمر، وسجل التقرير الذي صدر قبل أشهر، تراجع السياسة الصحية عن أولوية الرعاية الصحية وتيسير الولوج إلى العلاجات بالنسبة إلى الفئات الأكثر هشاشة وسكان العالم القروي، خاصة في ما يتعلق بصحة الأم والطفل والوقاية، وأشار التقرير ذاته إلى ما اعتبرها التحديات التي يواجهها النظام الصحي، وعدم قدرته على تحقيق أهداف الألفية في نهاية سنة 2015، بسبب الفوارق الكبرى على مستوى توزيع الخدمات الصحية والعلاجية وضعف الشبكة الوقائية الاستشفائية، علاوة على الخصاص الكبير في الأدوية واللوازم الطبية الأساسية وضعف الطب الاستعجالي، مع معاناة مستمرة للمواطنين المعوزين وذوي الدخل المحدود لولوج العلاج خاصة الذين لا يتوفرون على بطاقة الراميد. وأرجع التقرير النقائص التي تعاني منها المستشفيات المغربية، إلى سوء التسيير والتدبير وهدر المال العام وغياب الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية حتى داخل مصالح المستعجلات، وعدم التنسيق بين مراكز العلاجات الصحية الأساسية والمستشفيات، مع سيادة التدبير التقليدي للأدوية.
ميزانية هزيلة لعلاج فقراء المغرب رصد قانون المالية لسنة 2012 ميزانية هزيلة للقطاع الصحي، لا تتعدى 1000 مليار سنتيم، وأوضحت مصادر مهتمة أن هذه الميزانية لن تساهم في تحقيق مخطط الوزارة الرامي إلى إصلاح منظومة الصحة، خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف العلاج، ولا يتجاوز التمويل العمومي لوزارة الصحة 5% من ميزانية الدولة، (1.43 من الناتج الداخلي الخام) أما النفقات الصحية لكل مواطن فهي 230 دولارا للفرد في المغرب (مقابل 500 في تونس، و400 دولار في الجزائر). وبلغة الأرقام لا يتوفر المغرب إلا على خمسة مستشفيات جامعية تعاني بدورها من نقص في الوسائل اللوجستيكية ومشاكل في الصيانة ونقص في الأطر الصحية، كما تتضمن الخارطة الصحية عشرات المستشفيات الإقليمية تتوزع بين 39 مستشفى متخصصا و102 مستشفى عام والمراكز الصحية (2689 مؤسسة، بمعدل 12000 نسمة لكل مؤسسة في الوسط القروي و43000 في الوسط الحضري)، وتعاني مختلف هذه المؤسسات الصحية من مشاكل بنيوية حادة تتمثل في اهتراء بناياتها وتقادم أجهزتها وعدم تجديدها بسبب انخفاض الميزانيات المخصصة للتسيير والتدبير. ووفق أرقام رسمية، لا يتوفر المغرب إلا على سرير واحد لكل 1000 نسمة مقابل 2.2 سرير لكل ألف نسمة في تونس و7 أسرة لكل ألف نسمة في أوروبا، ولا تبلغ نسبة الاستشفاء سوى 4.7 % بالمغرب مقابل 14 % في تونس، زد على ذلك إشكالية غلاء الأدوية حيث تبلغ حصة الفرد منها 400 درهم سنويا.
نقص خطير في الأطر الطبية
من مظاهر معاناة قطاع الصحة في المغرب، وجود نقص مهول في الأطر الصحية، ففي بلد يتجاوز عدد سكانه 30 مليون نسمة لا يتجاوز عدد الساهرين على الصحة العمومية فيه 47 ألف موظف، حيث لا يتجاوز عدد الأطباء 46 طبيب لكل 100 ألف نسمة (مقابل 70 في تونس و300 في فرنسا) و10 ممرضين لكل 10 ألف نسمة، وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية تصنف المغرب من بين 57 دولة تعاني نقصا حادا في الموارد البشرية، إذ يعاني المغرب من خصاص في الميدان الصحي لا يقل عن 6000 طبيب و9000 ممرض (علما أن مؤسسات التكوين الموجودة غير قادرة على استدراك هذا الخصاص، فمثلا لا توجد في المغرب سوى 23 مؤسسة لتكوين الممرضين). ومع أن تدبير قطاع الصحة يدخل في إطار تدبير القطاعات الاجتماعية إلا أن ذلك لم يغير شيئا من الواقع المريض الذي تئن تحت وطأته الصحة العمومية، حيث يجد الآلاف من المغاربة صعوبات بالغة في الولوج إلى الخدمات الصحية إما بسبب البعد الجغرافي، أو غياب الضمانات المالية، وعدم مسايرة السياسة الصحية في المغرب للتطور الديمغرافي مما خلق إشكالات بنيوية خطيرة. وحسب تقارير ميدانية تعتبر الوضعية العامة للصحة مزرية، وتكشف عن تناقضات متعددة لم تستطع معها الاستراتيجية الوطنية للصحة عن الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012 أن تعطي الانطباع على وجود مؤشرات تحسن الخدمات الصحية، ورغم تعيين حكومة جديدة ووزير من داخل القطاع، إلا أن ذلك لم يغير شيئا من الواقع المريض للصحة العمومية، حيث عاش المغاربة على وقع ولادات تتم في الشارع، وفوق الأرض في غياب شروط الوقاية الصحية، فيما فشل آلاف المواطنين في الحصول على حقهم في العلاج، واستمرار العمل بنظام "سير حتى تجي" حسب ما أكدته مصادر نقابية.
تراجع المؤشرات العامة
شكك المهتمون والمراقبون في إمكانية وجود استراتيجية حقيقية لتطوير القطاع الصحي، موضحين أن ما يحدث الآن لا يعدو محاولة لإنقاذ الوضع العام وتفادي إفلاس القطاع الصحي، وشدد هؤلاء على فشل كل تدابير الخطة الوطنية للصحة التي راهنت عليها الوزارة منذ عهد الحكومة السابقة، وهو ما ساهم في تعميق أزمة القطاع، وضع تضرر منه بشكل خاص المواطن العادي الذي أصبح يجد صعوبة في طلب العلاج في المستشفيات والمراكز الصحية. وذكرت المصادر عن غياب أي مبادرة حقيقية لتفعيل الخريطة الصحية بسبب تراكم المشاكل والمراهنة على عامل الزمن لوقف اختلالات القطاع الصحي، موضحة أن كل التدابير التي اتخذها الوزير التقدمي الحسين الوردي لم تغير شيئا في الواقع الراهن، عبر تحقيق التوزيع العادل للخدمات الصحية وتقليص الفوارق بين الجهات، وتحدثت المصادر عما أسمته الإرث الثقيل الذي يصعب تدبيره، مما يهدد بفشل المنظومة الصحية ككل، واستمرار نفس الممارسات السابقة في ظل تنامي مجموعة من اللوبيات التي يمكن أن تشكل عائقا أمام اعتماد إصلاحات حقيقية ومتوازنة.
استمرار مظاهر الرشوة والفساد
دق البرلمان المغربي ناقوس الخطر حول تنامي حجم الفساد والرشوة والابتزار المستشري في المستشفيات المغربية في ظل حكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية، وعرى نواب من البرلمان ممارسات أطباء بمستشفيات عمومية، يبتزون المرضى ويساومون أسرهم أثناء إجراء عمليات جراحية لهم، منبهين إلى هجرة الأطباء لمستشفيات عمومية والعمل في المصحات الخاصة وتفشي الرشوة بشكل خطير في ظل غياب آليات لمحاربتها، والتلاعب بالمواعيد الطبية ومنح شهادات طبية مقابل رشاوى وغيرها من مظاهر الفساد الأخرى المنتشرة بمستشفيات حكومة عبد الإله بنكيران. وقد عرى مجموعة النواب في إحدى الجلسات العمومية بمجلس النواب ضمن أسئلة موجهة إلى وزير الصحة، واقع تنامي ظاهرتي الابتزاز والرشوة بالمستشفيات والمرافق الصحية في ظل حكومة بنكيران، ومن ضمنها قطاع الجراحة الذين أكدوا أنه أصبح موضع ابتزاز من طرف بعض الأطباء الذين يساومون أسر وعائلات المرضى ب1000 درهم و200 درهم، مؤكدين أن هناك حالات يتم فيها إخراج المريض من غرفة العمليات لأن أسرته لم تؤد الثمن المتفق عليه مع الطبيب أو أدت أقل من القدر المالي المتفق عليه. كما أثارت الفرق البرلمانية قضية الرشوة في منح الشهادات الطبية من طرف بعض الأطباء، مؤكدين أنها ظاهرة انتشرت كثيرا بمستشفياتنا، كما أشار مجموعة من النواب إلى هجرة المستشفيات العمومية من أطباء للعمل في مؤسسات صحية خاصة. هذا وطالب أحد النواب بسحب تحديد المواعيد الجراحية من الأطباء وإسنادها إلى إدارة المستشفى، مبررا ذلك بأنها أصبحت موضع ابتزاز من طرف بعض الأطباء. كما طالب نواب البرلمان بإنشاء مرصد لتتبع عمليات الجراحة بالمستشفيات العمومية وإعطاء أرقام دقيقة عن العمليات الجراحية واسم الطبيب الذي يقوم بكل عملية جراحية، وذلك للتحكم في الفساد والاختلالات التي يعرفها هذا القطاع. واقع اعترف به وزير الصحة الحسن الوردي الذي أكد بدوره انتشار مظاهر الفساد بمجموعة من المستشفيات المغربية ومن ضمنها الرشوة والعمل خارج المستشفيات، وكان الوردي أصدر دورية يمنع من خلالها على أطباء القطاع العام العمل في القطاع الخاص تحت طائلة العقاب، وقالت مصادر متطابقة إن كثيرا من الأطباء حولوا المستشفيات العمومية إلى مجرد محطة لاستقبال المرضى قبل توجيههم نحو المصحات الخاصة بمبرر عدم وجود التجهيزات الكافية، إضافة إلى التلاعب في مواعيد العلاج بغرض حمل المريض على التوجه إلى القطاع الخاص.
الدواء في المغرب شر لابد منه
أكدت تقارير صادرة عن هيئات ومنظمات سياسية ونقابية، استمرار أسعار الدواء في المغرب حيث تعتبر الأعلى مقارنة مع مثيلاتها في دول أخرى، وذكرت التقارير نفسها أن سعر الدواء في المغرب أعلى بنسبة تتراوح بين 30 إلى 189 في المائة مقارنة مع تونس بالنسبة للأدوية الأصلية، ومن 20 إلى 70 في المائة مقارنة مع فرنسا، وأشارت التقارير إلى أن معدل استهلاك الفرد المغربي من الدواء لا يتعدى 220 درهما سنويا. وظلت وزارة الصحة تتعهد بخفض أثمنة الدواء دون أن تتمكن من ترجمة هذه الوعود إلى أرض الواقع، كما لجأ إلى تشجيع استعمال الدواء الجنيس، مع الوعد باعتماد مجانية الأدوية بالنسبة لبعض الأمراض المزمنة كالسكري وأدوية القصور الكلوي، مع الرفع من الميزانية المخصصة للأدوية بقطاع الصحة. وكانت الوزارة الصحة وضعت استراتيجية لخفض سعر الأودية، عن طريق تشجيع استهلاك الدواء الجنيس وتصنيعه ووصفه من قبل الأطباء حيث وصل حجم تصنيع الأدوية الجنيسة بالمغرب إلى 70 في المائة من حجم الأودية المصنعة بالمغرب، كما تم خلق لجنة خاصة لوضع قانون لتحديد الأسعار تعوض القانون الحالي الذي سيرتكز على المقارنة بين الدول وتحيين الأسعار كل خمس سنوات، إضافة إلى إحداث لجنة تعنى بولوج المغاربة للأدوية إضافة لخلق نظام إعلام حول الأدوية يستطيع المواطن من خلاله الاستعلام عن جميع الأودية. في المقابل يؤكد المختصون في مجال الصيدلة ضعف مجال استعمال الدواء الجنيس إذ أن 60 مليون وحدة فقط من الأدوية الجنيسة من أصل حوالي 200 مليون وحدة تباع في القطاع الخاص كل سنة، ورغم أسعارها المنخفضة فإن هذه الأدوية لم تحقق سوى زيادة من 19 إلى 30 في المائة من المبيعات خلال السنوات الماضية.
"راميد" مشروع طموح لإنقاذ حياة الفقراء
شكل مشروع "راميد" فرصة أمام فقراء البلد من أجل الاستفادة من العلاجات الطبية، حيث يتوزع المستفيدون من هذا النظام ما بين ساكنة يقدر عددها ب 4 ملايين شخص يعيشون في وضعية الفقر القصوى ويستفيدون من المجانية الكاملة للعلاجات٬ وذلك حسب معايير الاستفادة المعتمدة٬ في حين سيستفيد منه نحو 160 ألف شخص بحكم القانون٬ ويتعلق الأمر بنزلاء المؤسسات السجنية والأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار ونزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيام والملاجئ، في المقابل٬ سيستفيد 4,5 ملايين شخص في وضعية الهشاشة من المجانية الجزئية٬ حيث سيؤدون مبلغا جزافيا سنويا حدد في 120 درهم للفرد على أن لا يتعدى سقف 600 درهم للأسرة الواحدة. كما حدد القانون، مصادر تمويل نظام المساعدة الطبية في ميزانية الدولة والجماعات المحلية، بالإضافة، إلى مساهمة بعض المستفيدين، وتقدر التكلفة الإجمالية لتمويل هذا النظام حسب نتائج الدراسة الاكتوارية، بحوالي 2.7 مليار درهم، تتوزع كالتالي 75 % تمويل الدولة، 6 % مساهمة الجماعات المحلية، و19 % مساهمة المستفيدين في وضعية الهشاشة. ويرتكز نظام المساعدة الطبية الموجه لذوي الدخل المحدود وفق الفلسفة الملكية٬ على التضامن الوطني٬ وضمان حق المواطنين وواجب على الدولة التي قررت تحمل تكاليف علاج ثلث المغاربة الذين يجدون صعوبة بالغة في توفير وسائل العلاج داخل المستشفيات، خصوصا، أن نصف عدد المستفيدين المستهدفين يعيشون في فقر مطلق وأن النصف الآخر يعانون من فقر نسبي أو من الهشاشة ويصعب عليهم توفير ثمن العلاج. ولأن مشروع راميد هو نظام متكامل، فإنه سيشمل الرعاية الطبية بشكل كامل بما فيها عمليات الوقاية وصولا إلى الاستشفاء والجراحة٬ كما أن هذا النظام يروم أيضا تسهيل الحصول على الأدوية، مع التكفل التام بالأمراض المزمنة على غرار نقل المرضى بين المستشفيات بواسطة سيارة إسعاف إضافة إلى علاج الأسنان. والمشروع كما تم تقديمه هو بديل حقيقي للتغطية الصحية، حيث سيمكن والحالة هذه من تبني سياسة اجتماعية متطورة في المجال الصحي وفق منظومة شمولية تضمن ليس العلاج فقط ولكن أيضا الحصول على الأدوية، وولوج المستشفيات في إطار من الكرامة وبشروط إنسانية، كل هذه العمليات سيتم الاستفادة منها مقابل الإدلاء ببطاقة النظام صالحة لكافة أفراد الأسرة٬ وصادرة من قبل السلطات المحلية لمدة ثلاث سنوات٬ في إطار احترام تام لكرامة المواطن وإنسانيته. إن المشروع كما أراد له الملك محمد السادس هو نوع من إعادة الاعتبار للفئات المعوزة التي كانت تجد صعوبة في تلقي العلاج داخل المستشفيات لعدم توفرها على المال الكافي، وهو ما كان يخلق نوعا من الفوارق الطبية، بين فئات تتوفر على كل سبل العلاج وفئات أخرى محرومة من هذا الحق، وحتى إذا توفرت لها شروط العلاج فإنها تكون جد محدودة، ووفق شروط من الكرامة. وستواكب عملية انطلاق العمل بهذا النظام إطلاق مستعجلات القرب بالمغرب لأول مرة٬ من خلال تخصيص 80 وحدة لانطلاق هذه العملية٬ إلى جانب العمل على تعزيز الترسانة القانونية وكذا الموارد البشرية، التي يمكنها أن تواكب المشروع وتعمل على إنجاحه وفق منظور جلالة الملك، الذي أراد أن يكون راميد مشروعا مجتمعيا بامتياز، خصوصا، أن هناك اتجاها عاما لوضع طرق جديدة للتمويل بهدف إرساء هذا النظام بشكل دائم ومتكامل، ويمكن من توفير فرصة للعلاج وبأقل تكلفة، وقد عملت الدولة وبتعليمات من الملك محمد السادس على تجنيد كامل للطاقات والإمكانيات لمواجهة ارتفاع الطلب، حيث ستهم المرحلة الثانية، تعزيز المكتسبات وإعادة تأهيل جميع المستشفيات التي ستوفر العلاجات٬ أما المرحلة الثالثة، والتي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2013 فستعمل على توطيد هذا النظام بشكل متجانس مع البرنامج الحكومي واستراتيجية وزارة الصحة 2012- 2016 . ووفق شروط راميد، فإن حاملي بطاقة نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود ملزمون بالمرور عبر المراكز الصحية٬ وستخول للطبيب العام بها وحده صلاحية إيفادهم إلى المستشفى الجهوي أو الإقليمي أو إلى المراكز الجامعية الاستشفائية٬ كما أن النظام يتضمن العلاجات المتوفرة بالمستشفيات وليس جميع أنواع العلاجات. وفي إطار العرض الصحي٬ تضع الدولة لفائدة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية 2581 مؤسسة للعلاجات الصحية الأساسية من بينها 2030 مركزا صحيا٬ إضافة، إلى 111 مستشفى محليا وإقليميا و12 مستشفى جهويا و19 مستشفى جامعيا. وهكذا يستفيد المسجلون في إطار هذا النظام من تجهيزات خاصة بمستعجلات القرب والتي ستتعزز بإحداث 80 وحدة طبية مجهزة ومسلك العلاجات (2030 مركزا صحيا)٬ وقوافل طبية متخصصة بالأقاليم وتنظيم استشارة طبية أسبوعية قارة لمرضى السكري وارتفاع الضغط الدموي٬ إلى جانب الرفع من عدد الوحدات الطبية المتنقلة ليصل إلى 602 وحدة متنقلة و19 وحدة متنقلة لطب الأسنان.عبد المجيد أشرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.