نال منير الشيخي، رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بوزان، شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا عن أطروحته الموسومة بعقود التمليك الجبري بين الفقه المالكي والتشريع الوضعي من كلية الشريعة بجامعة سيدي عبد الله بفاس، وهي دراسة علمية رصينة تناولت أحد المواضيع الدقيقة المرتبطة بحق الملكية وحدود حمايته وانتقاله. ووفق ملخص الأطروحة التي قدمها الطالب الباحث، السبت الماضي، أمام اللجنة، فإن حق الملكية يعد من أوسع الحقوق العينية وأقواها، لما يمنحه للمالك من سلطات تخول له الانتفاع بالشيء والتصرف فيه، وهو ما جعل مختلف التشريعات تحرص على كفالته وصيانته من كل مساس، ما لم تفرض المصلحة العامة خلاف ذلك ووفق ضوابط قانونية محددة. وأشار إلى أن المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، أكدت قدسية هذا الحق، وأسندت للقضاء مهمة حمايته باعتباره الحارس الطبيعي له. وفي هذا الإطار، استحضرت الأطروحة ما ورد في التصريح العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789، الذي نص على أن حق الملكية مقدس ولا يجوز حرمان أي شخص منه إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة عامة ثابتة وبمقتضى القانون. كما تناول الباحث مفهوم الملك في الفقه الإسلامي، مميزا بين الملك التام والملك الناقص، ومبرزا أسباب اكتساب الملك التام في الفقه المالكي، والتي تشمل إحراز المباحات وإحياء الموات وما يتولد عن المملوك، إضافة إلى العقود الناقلة للملكية، بما فيها العقود الجبرية كبيع مال المدين عند امتناعه عن الوفاء بدينه. وفي المقابل، توقف البحث عند مدونة الحقوق العينية رقم 39.08، التي نظمت أسباب كسب الملكية، وحصرتها في مجموعة من الوسائل القانونية، مع الإحالة على الفقه المالكي في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص، وفق ما تقضي به المادة الأولى من المدونة. وأبرزت الأطروحة أن الملكية قد تنتقل جبرا عن مالكها دون إرادته، كما هو الشأن في الشفعة ونظائرها، مثل استرداد الحصة الشائعة قبل القسمة، واسترداد الحق المتنازع عليه، والمزاد الجبري عند تنفيذ الدائن على أموال المدين. واعتبر الباحث أن التمليك الجبري يشكل أحد أهم طرق اكتساب الملك، لما يترتب عنه من نقل قهري للملكية متى توفرت شروطه شرعا وقانونا. كما بينت الدراسة أن المشرع المغربي كرس قواعد متعددة لتنظيم التمليك الجبري، بما يسهل مهمة القضاء، الذي أصبح يزاوج بين أحكام الفقه المالكي والنصوص القانونية، وهو ما تجلى في عدد من الأحكام والقرارات القضائية الصادرة عن مختلف محاكم المملكة. واعتبرت اللجنة التي ترأسها الدكتور الحسين العمريش أن هذه الأطروحة إضافة نوعية للحقل التشريعي، حيث أسهمت في تأصيل مفهوم التمليك الجبري وضبط شروطه من خلال المزاوجة بين الفقه المالكي والتشريع الوضعي، بما يعزز الأمن القانوني ويوفر مرجعا عمليا للقضاء ويساعد على تطوير الاجتهاد التشريعي في مجال حماية الملكية، قبل أن تقرر بعد المناقشة منح هذا الاستحقاق للطالب الباحث منير الشيخي بميزة مشرف جدا. - Advertisement -