حينما يؤتمن السارق ، ويجوع المحتجز ، وتنتهك الحرمات لتشكل عنوان حقوق الإنسان، فتش عن المساعدات. وحينما يتحول الباطل الى شك، ويتحول الشك الى زور، فتش عن القيادات . من حقائق التاريخ ،أن كل ألم لمحتجزي تيندوف يسبقه ويسير بحدائه وتعقبه قيادات فاسدة من داخل تيندوف ،صنوان لا يفترقان ،لكننا اليوم أمام وضع خطير يمثله تفشي فيروس كوفيد19 وإغلاق الجزائر وصنيعتها البوليساريو لمداخل المخيمات ،فلا معدات طبية ولا طعام وكل مايصل من مساعدات تستولي عليها القيادة الوهمية والمخابرات العسكرية الجزائرية وتغير وجهتها، من هنا تبدأ الأزمة في ضل أزمة فيروس كورونا . ضع ما يسمى بالمساعدات الدولية تحت المجهر وانت ترى حجم المأسات ،إن ما وقع من منع السلطات الجزائرية لسفينة محملة بمساعدات إنسانية موجهة لمخيمات تندوف من الرسو بموانئها دليل على الخرق السافر للقانون الدولي ،فالجزائر هي المسؤولة الوحيدة عن حياة محتجزي المخيمات ولا يمكنها بأي حال من الأحوال تفويض هذا الامر لجبهة البوليساريو . ولوضع الاصبع على موطن الداء فيما تعيشه مخيمات تندوف من أوضاع مأساوية في ضل تفشي فيروس كورونا والتي ندعوا من خلال مقالنا هذا الى تدخل دولي عاجل ،لابد من الاشارة الى نقطة أساس ،بل نقطة تفصيلية وفيصلية ،تحتاج لجواب شاف لسؤال محوري هو ما شرعية المساعدات الدولية ؟وماهي شروط الاستفادة منها ؟ يمكن أن نعرف المساعدات الدولية بشكل مختصر، كونها عملية دعم تقوم بها الدول المانحة وعن طواعية بتقديم موارد الى الدول المحتاجة. وإذا ما أسقطنا هذا التعريف على مخيمات تندوف ،وعلى قيادة جبهة البوليساريو ،وقفنا على خلل مبدأ الدولة ،فالمساعدات تقدم من دولة الى دولة ، في حين، قضية الصحراء المغربية تقوم على وجود صراع مع جبهة البوليساريوا ترعاه الجزائر ،وهنا فالجبهة الوهمية لا تمتلك صفة الدولة المعترف بها من طرف الأممالمتحدة وأنما بعض الاعترافات المترامية وحتى هي تتأرجح بين الإعتراف حينا وسحب الإعتراف أحيانا . أضف في هذا الباب كون المساعدات التي تقدم لمحتجزي تيندوف هي على شاكلة مساعدات للاجئين، وهو مانجده أيضا يتعارض مع الواقع المعاش ،فمخيمات تندوف هي المخيمات الوحيدة في العالم التي لا تخضع لأدارة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ،والجزائر ترفض الى اليوم التعاون مع المفوضية لمنح صفة لاجئ لساكنة تيندوف ومنذ سنوات ومجلس الأمن الدولي يطالب حكومة الجزائر بالسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإحصاء سكان مخيمات تندوف ، لكن دون جدوى . فضلا عن أن البوليساريوا وبأيعاز من عسكر الجزائر تضخم أعداد الاجئين ( المحتجزين ) للحصول على المزيد من المساعدات من الدول المانحة والتي يتم اختلاسها وتغيير مسارها والاتجار فيها. وأمام هذه الثغرة القانونية نقف على واقع الإتجار بأفواه محتجزي تيندوف ،ونجد أنفسنا بين مطلبين جوهريين بين اللقمة والإحتجاز ،هنا أحيلكم الى مبلغ 8,7 مليون دولار سنويا توفره المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتوفير الغداء ناهيك عن أزيد من عشرة آلاف طن كمساعدات من الجمعيات والمنظمات الدولية، وهذا طبعا قبل أزمة الفيروس التي إجتاحت العالم بأكمله ،هذه المساعدات التي يرجى منها الوصول لأصحابها بتندوف ،نظرا للوضع الغير مقبول واللاإنساني الذي يعجز كل وصف ، تنتهي في جيوب قيادات فاسدة للأسف، إستغلت ملفا وتاجرت بإسم قضية زائفة . أما والحال وفي ضل أزمة كوفيد 19 وما آلت اليه اوضاع المخيمات وتشديد الحصار عليها ومنع دخول أية مساعدات طبية أوغيرها بل وقمع لكل الاحتجاجات وقتل لابرياء حاولوا الهروب الى التراب الوطني من جحيم لا يطاق ، الأمر الذي ادانه المغرب بشدة والاتحاد الاوروبي والبرلمان الاوروبي ومنظمات المساعدات الدولية، لوضع يندر بكارتة انسانية تقتضي التدخل الدولي العاجل خاصة بعد الضجة التي اثارتها منظمة ميديكوس ديلموندو الإسبانية والتي اصدرت تقريرا صحفيا يجسد الوضع الخطير الذي تعيشه مخيمات تندوف بعد تأكيد السلطات الجزائرية وجود حالات اصابة بفيروس كورونا . بل ويدعوا مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الانسان برئاسة ميشيل باشليت الى التحرك للتحقيق في الوضع اللاإنساني والانعكاسات الخطيرة لتفشي فيروس كورونا على مخيمات تندوف والأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس وتعداد الأموات منهم ومصير المساعدات الإنسانية الموجهة لهم والانتهاكات التي وصلت الى حد قتل الفارين من جحيم المخيمات وكل ما تتكتم عنه الحكومة الجزائرية بهذا الخصوص . في أي ملة وفي أي دين يحق للسجان تجويح السجين وتركه حتى الموت ؟ حوالي 56 مليار دينار جزائري تبخرت سنة 2019 في تندوف بسبب قيادة البوليساريو في أكبر نهب للمساعدات ، الفضيحة فجرها مسؤول فيما يسمى بالبرلمان الصحراوي بعد إعتصامه ومطالبته بكشف الحقيقة عن التجاوزات والإنتهاكات التي تعرفها المخيمات . تخصص المديرية العامة للحماية الاجتماعية التابعة للاتحاد الاوروبي سنويا 9ملايين دولار ،وأمام نهب المساعدات الإنسانية على حساب معانات محتجزي مخيمات تندوف يجعل التساؤل مشروعا ،أين تدهب الملايين التي تقدم كمساعدات إنسانية والتي تتجاوز 60 مليون أورو سنويا ؟ *على المستوى الدبلوماسي فقد أكد عمر القادري ،الدبلوماسي في البعثة الدائمة للمغرب لدى الأممالمتحدة في تدخله أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك سنة 2017 ،أن الجزائر و البوليساريو اللتان تتبجحان بدفاعهما المزعوم عن سكان المخيمات ،ثبتت مسؤوليتهما في إختلاس المساعدات الانسانية المخصصة لهاؤلاء السكان ،وفي هذا النطاق فقد اعتمد البرلمان الأوروبي في29ابريل 2015 قرارا ،حث مفوضية الاتحاد الاوروبي على ضمان حصول مخيمات تندوف على جميع المساعدات الممنوحة لها بشكل مباشر . مع العلم أن المدير العام للمساعدات الإنسانية في المفوضية الأوروبية يشير كون الجزائر تفرض ضريبة تقدر بنسبة 5%على المساعدات التي يتم صرفها سنويا لمخيمات تندوف . حتى الآن ،لاتزال التطورات السلبية والخطيرة لواقع المخيمات بتندوف تضع المساعدات وأمام ضعفها نظرا لتفشي الخطير لفيروس كورونا وما قامت به الجزائر وملشيات البوليساريوا من تطويق غير مسبوق للمخيمات في سؤال عن المجهول نظرا لما تعرفه الجزائر نفسها من أزمة سياسية بعد حكومة بنصالح الانتقالية وضعف المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفوز تبون وتعيينه اللواء سعيد شنقريحة والذي سبق له المشاركة في حرب الرمال، التي لم تنسى الجزائر عقدتها الى اليوم ،فضلا عن أزمة إجتماعية وإقتصادية خانقة بسبب قلة المواد الغدائية مع مواجهة تداعيات إنتشار فيروس كوفيد19 والتدني الخطير لاسعار البترول، أمور لامحالة ستكون لها تداعيات خطيرة على الوضع بمخيمات تندوف مع عجز الجزائر عن تحمل مسؤوليتها بتوفير المواد الطبية والأغدية بل واستيلائها المباشر على جميع المساعدات الدولية المقدمة لمحتجزي تندوف وتوجيهها لقاعدتها العسكرية المتواجدة بها ولا غرابة أن يتوجه أحد قادة البوليساريوا المسمى الشيخ لولاد الى رئيس الجبهة الوهمية إبراهيم غالي عن مصير المخيمات بعد تفشي الفيروس القاتل، وعن مصير ما خصص لساكنتها من مساعدات دولية من أدوية ومواد طبية ومواد غدائية وغيرها أمام اتساع دائرة المعاناة والحرمان بشكل خطير جاوز كل التوقعات. ليضل السؤال المطروح دوما أية مساعدات في ضل التلاعبات بمصير محتجزين عزل يواجهون الموت بسبب الجوع والمرض. وإلى متى يضل هذا الحصار ؟ وماهي الأوضاع الجديدة التي ترسم معالم نزاع الصحراء المغربية بعد كورونا ؟ ذ/ الحسين بكار السباعي محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان