هل بعد أكثر من أسبوع، ما يزال حادث إطلاق النار على مواطنين مغاربة من طرف الجيش الجزائري، يستحق الاهتمام والمساءلة؟ نعم، وبكل تأكيد. الحادث لم يكن معزولا، وليس خطأ ناتجا عن سوء تصرف من طرف الجنود. إنه تنفيذ لقرار سياسي اتخذته حكومة الجارة الشرقية. بيان ذلك؟ جوابها، وسلوكها اتجاه موقف المغرب. الحقيقة التي تتكرس كل يوم، تدعونا إلى الاقتناع بعدم وجود أي أمل في حدوث تغيير في سلوك النظام الجزائري الحالي. الواضح أن ذلك النظام، أو جناحا من الأجنحة المتصارعة داخله، يصر على خلق المزيد من أسباب التوتر معنا، وعلى تأزيم العلاقات مزيدا من التأزيم كلما عنَّ له ذلك. لقد غدت طرق وأساليب خلق التوتر تكاد تكون متشابهة: جريمة تقترفها جهة تابعة للنظام الجزائري، أو مسخرة من طرفه؛ صدور رد فعل مغربي؛ انطلاق الهجوم الإعلامي والسياسي والديبلوماسي ضدنا. واقعة إطلاق النار على مواطنين مغاربة لا تخرج عن هذا السيناريو، المعمول به حتى في منازعتنا وحدتنا الترابية. وهكذا، ما إن اتخذ المغرب الموقف الواجب اتخاذه في مثل هذه النوازل، حتى اشتد السعار بالنظام الجزائري. استدعي المقيم بالأعمال في سفارة المغرب ليسمع كلاما غير كلام العقل والتعقل. تم تزويد الكموندو الإعلامي بشحنة الأكاذيب وعبارات الشتائم المطلوب منه ترويجها، ثم أعطيت له الانطلاقة لبدء الهجوم، فإذا بالضحية تصبح هي المتهمة والمعتدية: الجيش الجزائري «بريء»، بل هو «المعتدى عليه بالحجارة». المغرب «يكذب»، وهو من «لفق» لأفراد الجيش الجزائري تهمة إصابة مواطن مغربي. احتجاج المغرب على العدوان المسلح، نابع من «حقد دفين». المواطنون المغاربة «رشقوا الجيش الجزائري بالحجارة»، فهم من يجب أن يلام. الجيش الجزائري «لم يصب أي مغربي بالرصاص». الطلقات النارية كانت، فقط، «تحذيرية وأطلقت في الهواء». المغرب هو الذي «يستفز الجزائر استفزازات متكررة»، و«يتحرش بها»، وهو من «يخلق الأزمات»…الخ. لم تنقطع الحملة طيلة الأيام الموالية. حتى «البوليساريو» الانفصالية لم تتخلف عن الموعد فأقحمت نفسها فيها، ونصبت نفسها مدافعة عن الأطروحة الجزائرية. وكأن عملية تحريف الحقيقة، وتغييرها، لم تشف الغليل، عادت المليشيات الإعلامية لهلوساتها التي تتوهم أنها سوف تصيب من المغرب مقتله. فكانت العودة إلى قضية كأس إفريقيا لتقول، دون خجل، إن طلب المغرب تأجيلها «نابع من تخوفه من زحف الربيع العربي إليه». بعد تخوف المغرب من تسليم كأس إفريقيا للفريق الجزائري الذي سيفوز بها بكل تأكيد، إذا تم تنظيمها في بلادنا، ها هو يتخوف من «الربيع العربي». بئس هذا النوع من الصحافة! هل يعقل أن يعمي الحقد البصيرة والضمير إلى هذا الحد؟ إنها لمشكلة كبرى أن يكون جارنا نظاما يجعل من الحقد والعداء تجاهنا محور اختياراته الاستراتيجية، ويسعى، تبعا لذلك، إلى خلق كل أسباب التباعد بين شعبين جارين، ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرق بينهما. السؤال الذي يفرض نفسه، في الظرف الراهن، هو: ما العمل عندما يتكرر إطلاق النار على مواطنين مدنيين مغاربة من طرف الجيش الجزائري؟ سؤال يتعين على بلادنا تحضير الجواب عليه، وتفعيله في الوقت المناسب، لأن الاعتداء سوف يتكرر. النظام الجزائري مشهود له بالرعونة، والعجرفة. إنه يتوهم أن من حقه استباحة حقوقنا، وسيادتنا، لذلك لن يتوقف عن تحرشاته واستفزازاته، وحروبه الصغيرة والكبيرة ضدنا.