بعد الضجة، التي خلفتها قيادة البوليساريو باتهام ضابط كان يشغل موقعا حساسا بمخيمات تندوف بالخيانة، خرجت للعلن تطورات تكشف حجم التصدع الذي سيترتب عن هذه العملية الانقلابية ضد واحد من أهم ممثلي قبيلة الركيبات داخل قيادة البوليساريو، وأحد المطلعين على خبايا العلبة السوداء لنهب المساعدات الإنسانية بمخيمات تندوف، لأنه المكلف بتدبير المساعدات الإنسانية، التي تشكل عصب الصراع الحقيقي على المصالح داخل قيادة البوليساريو. المعطيات الواردة من المخيمات تؤكد أن الضابط المذكور الذي يوجد بموريتانيا اتهمته قيادة البوليساريو بالاستحواذ على أموال ووثائق سرية وسلاح وسيارة عسكرية، وتم الترويج بأن المتهم فر إلى موريتانيا، وذلك لتوفير الظروف لتبرير إزاحته من مسؤولياته، وإيهام اللاجئين الصحراويين بتندوف أن المغرب يريد تخريب (الجيش الصحراوي) لتصديق الشائعة. المعطيات الأخيرة تؤكد أن المعني بالأمر لم يدخل للمغرب وما يزال بالديار الموريتانية، وأن خلفية القضية مرتبطة بتصفية حسابات من أجل التستر على ما هو أكبر، ويتعلق الأمر بملف المساعدات الإنسانية التي بدأت نارها تقترب من قيادة البوليساريو، إضافة إلى السيناريوهات التي وضعتها المخابرات الجزائرية وقيادة البوليساريو، لتحويل محطة ما سمي باحتفالات تيفاريت إلى حدث داخلي وخارجي للترويج لوهم الأراضي المحررة. وقد ترك فرار محمد حسنة عبد الوهاب، القيادي العسكري بالناحية الثانية التابعة لجبهة البوليساريو بمنطقة تيفاريتي، كما من التأويلات، وصدمة بين أفراد قبيلته بالمخيمات، خصوصا وأنه لم يقدم إشارات أو أجوبة عن الأسباب التي دفعته لترك موقعه المهم. ومنذ خروج خبر هروبه للعلن، تضاربت المصادر حول مكان وجود حسنة عبد الوهاب، خصوصا بعد مرور أيام على تسجيل اختفائه. وقد انتشرت رواية من داخل مخيمات تندوف تؤكد أن «حسنة عبد الوهاب، دخل الأراضى المغربية عبر معبر بير كندوز، وأنه قدم نفسه للسلطات المغربية»، وهي الرواية التي تلتقي مع رواية سيناريو إقصائه من قبل قيادة البوليساريو باتهامه ب«الخيانة»، وغيرها من الكليشيهات التي ترافق تلويث صورة معارضيها، وإعدامهم سياسيا ووجوديا. الجديد هو المكالمة المسربة، أول أمس، بين حسنة عبد الوهاب وأحد أفراد عائلته بمخيمات تندوف، وهي عبارة عن تسجيل صوتي لأحد أفراد قبيلته بهدف طمأنته، حيث تحدث له عن صحته الجيدة، وأنه في أحسن حال، كما نفى كل ما نسب إليه من طرف قيادة البوليساريو من اختلاسات مالية، قائلا: «السجلات موجودة عندهم، وعليهم بمراجعتها». وأكد في التسجيل ذاته أن قيادة البوليساريو هي قيادة لا تعترف بالخسارة، فهي قيادة مفلسة، مضيفا: «هذا كل الذي قمت به، هو اختيار يهمني وسأجد المخرج المناسب لكل ذلك، ولا أريد أن يتأثر أحد بقراري الذي سأتخذه، لقد مر وقت كبير من الانتظار ونظام جبهة البوليساريو لا يعترف سوى بالسجود لقراراته، ومن خرج عن ذلك يتم استهدافه بما لا يطيق، ولذلك فأنا مسؤول عن قرارتي التي اتخذت وسأتخذ».