تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوظيف السياسي للجهاد بين الماضي والحاضر
نشر في أخبارنا يوم 22 - 12 - 2017

يعتبر الجهاد في الدين الإسلامي من أعلى مراتب العبادة وتحظى ممارسته بهالة من القدسية والإجلال، وهذا ما عملت النصوص القرآنية والسنة النبوية على تأكيده وترسيخه في نفوس الرعيل الأول من المسلمين، ومجال الجهاد هو من المجالات التي يتقاطع فيها الديني بالدنيوي ,ويختلط فيها الثابت بالمتغير والنسبي بالمطلق، لأنه كمفهوم نظري يعتبر عبادة يتقرب بها إلى الله، لكنه كممارسة عملية هو سياسة وتدبير بشري يخضع للمصالح والأهواء الإنسانية التي تتغير بتغير المواقع والسياقات والرهانات .
ورغم ورود مصطلح الجهاد في القران والسنة بمضامين مختلفة ومتعددة كجهاد النفس والجهاد بالقران وجهاد طلب العلم أو إعطاءه مدلولا عاما يحيل إلى كل جهد يبذل في سبيل الله ،إلا أن التراث الفقهي الإسلامي ركز على الجهاد بمفهومه القتالي وعمل على تمجيده.
هذا النوع من الجهاد سيتم ممارسته وتوظيفه من أجل تحقيق أغراض دنيوية ومكاسب سياسية واقتصادية من طرف المسلمين، حيث سيتحول إلى غطاء ديني لتبرير وشرعنة الطموحات السلطوية وجميع التوجهات السياسية الهيمنية التي عرفتها الحضارة الإسلامية قديما وفي العصر الحديث .
أولا : الجهاد في خدمة التوسع الإمبراطوري العربي الإسلامي
مباشرة بعد وفاة الرسول(ص) بدأ مفهوم جديد للجهاد يتبلور في الفقه والثقافة الإسلاميين، أصبح يعرف بجهاد الطلب مقابل جهاد الدفع، والذي يعني عند الفقهاء إعلاء كلمة الله في الأرض وتصفية الأجواء من كل ما يحول دون انتشار دعوة الإسلام، وهذا يعني نشر دعوة الإسلام في جميع بقاع العالم وغزو الشعوب في أوطانها ولو اقتضى الأمر الإطاحة بالسلطة القائمة التي لا تدين بالإسلام . يقول "ابن القيم الجوزية" مبجلا هذا النوع من الجهاد الهجومي (وجهاد الدفع يقصده كل أحد ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعا ...وجهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين) . وعلى نفس المنوال يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية أن "كل من بلغته دعوة الرسول "ص" إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب له، فانه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ". وفي موضع أخر يؤكد " أن أهل الكتاب والمجوس يقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " .
هذه القراءة العدوانية التي وضعها كبار علماء المسلمين لآيات الجهاد، تلزم المسلمين بإعلان حرب مفتوحة ضد جميع الأمم غير المسلمة في جميع الظروف والأحوال، مؤسسين بذلك من حيث لا يدرون لمفهوم الحرب الكونية الشاملة أو بتعبير "توماس هوبس" حرب الجميع ضد الجميع .
كما أن المذاهب الفقهية الأربعة أجمعت على مشروعية جهاد الطلب واختلفت فقط في علته أي العلة المبيحة لقتال الكفار.
فإذا كان الأمر عند الفقهاء المسلمين على هذا النحو، فان جهاد الطلب لم يكن يعني عند السلالات الحاكمة منذ عهد بني أمية سوى طلب السلطة والجاه والنفوذ والخيرات التي تملكها الأمم غير المسلمة.
فقد عمد الحكام المسلمون إلى توظيف مفهوم جهاد الطلب الذي رسخه علماء الدين في الوعي الجمعي للمسلمين، في تعبئة جيوشهم وتجنيد المسلمين التواقين لنيل شرف الجهاد لخدمة أهدافهم التوسعية وطموحاتهم الاقتصادية، كما أنهم لم يقفوا عند إزاحة السلطة التي تعترض سبيل الدعوة كما تنص على ذلك أحكام الفقه الإسلامي، بل تعدوا ذلك إلى سبي النساء وقتل الرجال واستعباد الأطفال والاستيلاء على أموال وممتلكات الغير وثرواتهم وفعلوا ما فعل غيرهم من الشعوب بعيدا عن أخلاق الدين الإسلامي ومقاصده السمحة،فحرقوا ودمروا واهلكوا وفعلوا ما فعله غيرهم من الأمم البربرية والدول الاستعمارية كالمغول والتتار والصليبيون والرومان هذا في الوقت الذي تولى فيه الفقهاء والعلماء مهمة تعظيم هذه الانجازات وإيجاد السند الشرعي لها ووصفها بالفتوحات الإسلامية، في تناغم تام بين السلطتين الدينية والسياسية .
ومن الأمثلة التاريخية التي نسوقها عن همجية ما سمي بالفتوحات ما رواه "ابن كثير" في كتابه المشهور "البداية والنهاية " عن القائد الإسلامي "موسى بن نصير" حيث يكيل له المدح والثناء بسبب غزواته في بلاد الأندلس، فلندع ابن كثير يحدثنا عن انجازات هذا القائد العسكري (وكان موسى بن نصير هذا ذا رأي وتدبير وحزم وخبرة بالحرب وتولى إمرة بلاد افريقية سنة 79 فافتتح بلادا كثيرة ومدنا وأقاليم وقد ذكرنا انه افتتح بلاد الأندلس فسبى منها ومن غيرها خلقا كثيرا وغنم أموالا كثيرة جزيلة ومن الذهب والجواهر النفيسة شيئا لا يحصى ..ومن الغلمان الحسان والنساء الحسان شيئا كثيرا..).وفي موضع أخر يقول " وأمعن طارق في بلاد الأندلس فافتتح قرطبة وقتل ملكها "أدرينوق",وكتب إلى موسى بالفتح فحسده موسى على الانفراد بهذا بالفتح وكتب إلى الوليد يبشره بالفتح وينسبه لنفسه ,ثم سار إلى طارق مسرعا بجيشه فدخل الأندلس ...فأقام سنين في بلاد الأندلس ويأخذ المدن والأموال ,ويقتل الرجال ويأسر النساء والأطفال فغنم شيئا لا يحد ولا يوصف من الجواهر واليواقيت والذهب والفضة" . فلنتأمل كيف صار عند علماء الإسلام مقاتلة أمم مهادنة ونهب ثرواتهم وخطف أطفالهم، أعمال جهادية مقدسة وفتوحات دينية عظيمة إذا كان القصد من وراءها إعلاء كلمة الله .
وفي مقتطف من رسالة منسوبة لأمير المؤمنين هشام ابن عبد الملك احد ملوك الدولة الأموية إلى عامله في افريقية، يتجلى بوضوح الهدف الحقيقي الذي كان ينشده الحكام من وراء جهاد الطلب حيث مما جاء فيها : (وان أمير المؤمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى ابن نصير إلى عبد الملك بن مروان رحمه الله أراد مثله منك وعندك من الجواري البربريات المالئات للأعين ,الآخذات للقلوب..فتلطف في الانتقاء وتوخ أنيق الجمال ) وفي نفس السياق وفي عصر آخر من عصور التاريخ الإسلامي، يذكر المفكر السوري خالص جلبي في كتابه نقد الخطاب الديني مثالا أخر للانحراف الكبير عن منهاج الرسول (ص) والصحابة خلال الحقبة العثمانية، فيشير في قصة سقوط القسطنطينية، أن محمد "الفاتح" القائد العثماني عرض يومها على الإمبراطور "قسطنطين الحادي عشر"تسليم المدينة مقابل تهجير جماعي لسكانها وتوطينهم في اليونان، ما يذكر بفعلة "ستالين" مع التهجير الجماعي للشيشان، كما يشير إلى أن أول ما فعله الفاتح بأهالي المدينة المنكوبة أن وضع يده على أقدس مقدساتهم فدخل كنيسة "أيا صوفيا" فحولها إلى مسجد في عمل يتناقض مع ما فعله الفاروق عمر حينما دخل القدس على ظهر حمار ورفض الصلاة في كنيسة "القيامة" حتى لا يتخذها بعض صغار النفوس حجة للاستيلاء عليها وتحويلها إلى مسجد. ويخلص جلبي في النهاية إلى نتيجة مهمة وهي أن السيف الأموي في الأندلس والمدفع العثماني في البلقان يصلحان لتفسير انحسار الإسلام عن أوروبا، لأنه لم يكن على منهج النبوة بل اجتياحا عسكريا .
هذه الأمثلة تعطينا فكرة عن حجم وفظاعة الجرائم التي ارتكبها المسلمون في حق الشعوب تحت ذريعة الجهاد لنشر الإسلام والتمكين للدين الحق أو الفتح الإسلامي، وهو الشعار الذي رفعته جميع السلالات الإسلامية الحاكمة من بني أمية وبنو العباس وبنو عثمان.
إلا انه ومن باب الإنصاف والأمانة العلمية ولكي نضع الأمور في سياقاتها الثقافية والتاريخية، لا بد أن نشير بعجالة إلى أن هذا الشكل من التوظيف السياسي للنص الديني لبلوغ مرام دنيوية عرفته تقريبا جميع المجتمعات والأمم على مر التاريخ، فمثلا غزو أمريكا من طرف الأوروبيين ما بين عام 1492 و1890 والذي تراوحت فيه أرقام الضحايا ما بين 15 و100 مليون تم في غالب الأحيان باسم نشر المسيحية وتخليص البشر من العذاب الأخروي , كما أن الجرائم التي ارتكبها الأوروبيون في حق السكان الأصليين للبلدان المستعمرة سواء في إفريقيا أو أمريكا كانت بمباركة من الكنيسة .
ويستشف مما سبق أن المسلمون ساروا من نفس الدرب الذي سارت منه الأمم، ولم يكن الجهاد لدى السلالات الإسلامية الحاكمة سوى أداة شحن وتعبئة اديولوجية لتحقيق طموحات توسعية بمنطق إمبراطوري، في عصر لم يكن قد نشا فيه قانون دولي ينظم العلاقات بين الدول في حالتي السلم والحرب، وكان قانون القوة السائد آنذاك يقضي بان الدول تتوسع وتتمدد في مجالها الحيوي المتاخم لها إلى أن ترتطم بقوة عسكرية ما، فيتوقف زحفها .
ثانيا : التوظيف السياسي للجهاد في العصر الحاضر
إن عقيدة الجهاد وفق هذا المفهوم ظلت حية في الثقافة والوعي الإسلاميين، حيث وجدت في كل عصر من يعيدها إلى الوجود بنفس الحماس والقوة لتحقيق المصالح والأهداف السياسية غير المعلنة، وهكذا و في عصرنا الحاضر تقوم جماعات الإسلام السياسي بشقيها المتطرف والمعتدل بإعادة إنتاج مفاهيم الجهاد بشكل أكثر تشوها من ما فعله الفقهاء القدامى كما سنرى لاحقا، حيث تعمل هذه القوى الاجتماعية على إكساب معركتها مع الخصوم طابعا عقائديا من خلال استثمار قدسية الجهاد واستخدام مفاهيمه الروحية في طريقها نحو بلوغ هدفها الاسمي الذي تحدده في إقامة دولة الخلافة الإسلامية .وسنقتصر في هذا البحث على دراسة الحركات الإسلامية التي تؤمن بالجهاد في بعده القتالي وتتبنى العنف كوسيلة للتغيير، أما الحركات الإسلامية المسماة معتدلة والتي تطرح مفهوم الجهاد أو التغيير السياسي السلمي فلن تكون موضوعا لهذا البحث.
1 توظيف الجهاد لمواجهة الأنظمة السياسية أو العدو القريب
يقوم الخطاب الجهادي لدى التيارات السلفية الجهادية على أساس قراءات سطحية اختزالية للنصوص الدينية والتراث الفقهي الإسلامي، وذلك من خلال استحضار بعض آيات الجهاد وفتاوى الفقهاء القدامى وإسقاطها على الواقع المعاصر في تغافل عن الشروط التاريخية والسياسية التي أدت إلى ميلادها .
ويشكل" ابن تيمية" وهو عالم دين سوري عاش في القرن 13 م أحد المراجع الأساسية للتيارات التي تؤمن بالجهاد المسلح، وقد ورد اسم ابن تيمية في أول نص جهادي وهو كتاب "الفريضة الغائبة" "لمحمد عبد السلام فرج" مؤسس جماعة الجهاد سنة 1979, ويقصد "فرج " بالفريضة الغائبة الجهاد، حيث يرى أن المسلمون أسقطوه من الفرائض الدينية وهذا هو سبب ضعفهم , ومن هنا فهو يعلن موقفه الداعي إلى إعلان الجهاد ضد كل حاكم لا يلتزم بتطبيق الشريعة، مستندا في ذلك إلى فتوى شهيرة لابن تيمية في التتار أو "أهل ماردين" نسبة إلى ماردين التي كان يحكمها بعض التتار بعد أن أسلموا ولكنهم كانوا يطبقون عليها شريعة "الواسق" وهو كتاب "لجنكيزخان"، أي أنهم رغم إسلامهم كانوا يطبقون تشريعات بعيدة عن الدين الإسلامي. وبما أن الوضعية في عهد التتار حسب عبد السلام فرج مطابقة للوضعية في عهد السادات فانه يصبح تطبيق فتوى ابن تيمية فريضة دينية ينبغي واجبة في سبيل استرجاع دولة الخلافة القائمة على شرع الله، ومن هنا أفتى بقتل الرئيس السادات معتبرا إياه كافرا لأنه خرج عن تعاليم الإسلام وتحالف مع أعداءه .
هذا الطرح الجهادي الجديد الموجه ضد الأنظمة الحاكمة أو (العدو القريب ) ستتبناه العديد من التيارات السلفية في العالم العربي، حيث ستنتقل فكرة كتاب "الفريضة الغائبة " من حيز الفرد إلى حيز الجماعة لتتحول إلى عقيدة رسمية وخارطة طريق لمجموعة من الجماعات الدينية يسعى معتنقوها وأتباعها إلى التمكين المادي لها، وهو نفس المسار الذي تقطعه عادة عملية تشكل المذاهب والطوائف الدينية والمذهبية ، إلى أن هذه التيارات الجهادية ستعاني من حصار امني وستجد صعوبة في تجسيد مشروعها الجهادي على أرض الواقع ، ومع الاحتلال السوفيتي لأفغانستان ستجد هذه التيارات الجهادية فرصتها السانحة لفك الحصار المضروب عليها من الأنظمة الحاكمة وتنظيم نفسها والتنسيق فيما بينها، ففي سنة 1984 أفتى الشيخ السلفي الأردني "عبد الله عزام" بأن الجهاد فرض عين على كل مسلم إذا ما احتلت أي أراض مسلمة، كما كتب مقالته الشهيرة في أحد المجلات التي كانت تصدر في أفغانستان باسم "القاعدة الصلبة " حيث دعا فيها إلى تأسيس قاعدة للمجاهدين في أفغانستان ومنها جاءت تسمية تنظيم القاعدة . وللتحريض على هذا الجهاد ألف "عبد الله عزام" بعض الكتب المحفزة على الالتحاق بأفغانستان يتم فيها التعرض لفضائل الجهاد والشهادة وما أعده الله للمجاهدين والشهداء من متع وملذات حسية (كالحور العين ووصيفاتهن ) يتم في الغالب التركيز على المتع الجنسية لما يشكله هذا الجانب من أهمية في تحريك النفس البشرية وتحفيزها خاصة بالنسبة لشباب نشئ في مجتمع يعاني من الحرمان الجنسي، ومن أبرز هذه الكتب التي ألفها عزام ,الكتاب المشهور "آيات الرحمن في جهاد الأفغان " الذي بالغ فيه بوصف كرامات المجاهدين التي انكشفت لهم أثناء المعارك، أو كتاب "عشاق الحور"الذي جمع فيه قصص المجاهدين .
أما من الناحية التنظيمية فقد قام رفقة "أسامة بن لادن" وآخرون بتأسيس مكتب "خدمات المجاهدين" للإشراف على تنظيم التحاق العرب والمسلمين الراغبين في الجهاد من جميع أنحاء العالم بالفصائل الأفغانية التي كانت تواجه آنذاك الاحتلال السوفيتي،هذا الحشد الجهادي سيحظى برضا ودعم دولي غربي وإقليمي عربي من أجل تحجيم نفوذ الاتحاد السوفييتي ووقف زحفه ضمن سياق الحرب الباردة، إذ ستتلقى التيارات الجهادية في الثمانينيات من طرف أمريكا ودول الخليج تسهيلات للوصول إلى أرض الجهاد الجديدة، فضلا عن الدعم المادي بالمال والسلاح. ولكن ما كاد الجهاديون العرب يصلون لأفغانستان حتى وجدوا أن الجهاد الذي جاءوا من أجله قد شارف على الانتهاء، وبعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان سنة 1989 بدأ الجهاديون يعودون إلى أوطانهم وقد تدربوا على القتال، لكنهم لا يملكون تصورا لما ينبغي عليهم القيام به، فبينما فضل بعضهم مواصلة جهادهم دفاعا عن الاسلام في مناطق أخرى كالشيشان والجمهوريات الإسلامية في منطقة القوقاز ،حاول أغلبهم العودة مرة أخرى الى ممارسة "جهاد العدو القريب"، فشكلوا مجموعات مسلحة بتسميات محلية،قصد اسقاط الانظمة الكافرة وخاضوا معارك مع قوات الأمن والجيش في بلدانهم ونفذوا اغتيالات وهجمات على السياح في بداية التسعينات، حيث تأسست بالجزائر" الجماعة الإسلامية المسلحة " سنة 1991 وبليبيا" الجماعة الإسلامية المقاتلة " في 1989 وطلائع الفتح الإسلامية المقاتلة بمصر التي حوكم قادتها أواخر 1992 . كما وجدت بالمغرب بعض التيارات السلفية المرتبطة ايدولوجيا بالخط العام للسلفية الجهادية وتنهل من نفس مرجعيتها ولكنها لم تقوى على تنفيذ مخططاتها الجهادية التخريبية التي تنطلق من فكرة قتال العدو القريب الى غاية سنة 2003 بمدينة الدار البيضاء . إلا أن جميع مشاريع هذه التنظيمات السلفية فشلت في إسقاط الأنظمة الحاكمة (العدو القريب ) سواء في مصر أو الجزائر أو ليبيا أو المغرب، وإقامة دولة الخلافة المزعومة، الشيء الذي سيفرز طرحا جهاديا جديدا .
2 توظيف الجهاد لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية أو العدو البعيد
بعد الفشل الذريع في مواجهة الأنظمة العربية الحاكمة اضطر قادة التيار السلفي الجهادي لمراجعة خياراتهم الجهادية التي لم تؤدي بهم إلا إلى مزيد من إضعاف شعبيتهم وتضييق الخناق عليهم، حيث خلص ابن لادن وأيمن الظواهري أنه لا يمكن هزم الأنظمة العربية ما دامت تحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا يجب توجيه الجهاد ضد أمريكا بضرب استقرارها وشل حركتها الاقتصادية، وهكذا أعلن سنة 1998 عن تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود الصليبيين. فظهر توظيف جديد لعقيدة الجهاد عرف "بالجهاد العالمي للقاعدة "
وذلك بتحالف كل من المصري أيمن الظواهري مؤسس جماعة طلائع الفتح والمليونير السعودي أسامة بن لادن الداعم للجهاد الأفغاني، فصار التنظيم يسمى "بقاعدة الجهاد ".
لقد ساهم بن لادن في صوغ النظرية الجهادية لتنظيم القاعدة بتسخير فكرة الجهاد المقدس ضد العدو العام والرئيسي للأمة الإسلامية الذي هو أمريكا، والذي يحول دون إقامة دولة الخلافة بدعمه لأنظمة علمانية كافرة في البلدان الإسلامية، وبهذا التصور الجهادي الجديد، أوجد عدوا محل اتفاق بين المجاهدين حيث حقق بن لادن بحربه ضد أمريكا ما لم يستطع تحقيقه على مدى سنوات، وذلك حينما تمكن من توحيد الجهاديين في العالم تحت لواء القاعدة ، ينتظرون منه الإشارة فقط للبدء في تنفيذ أوامره الجهادية، وبحماسة هذه الفكرة نفذ أتباع القاعدة عدة عمليات إرهابية استهدفت بالأساس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، كان أبرزها على الإطلاق أحداث 11 شتنبر 2001 بنيويورك والتي على إثرها سيتم محاصرة التنظيم، والإطاحة بحكومة طالبان محتضنته بأفغانستان، واعتقال أبرز قادة التنظيم وصولا إلى اغتيال زعيمه ابن لادن .ليتراجع بعد ذلك الإشعاع الجهادي للقاعدة و دورها التوجيهي الجهادي لصالح تنظيم "داعش" الذي شكل ظهوره منعطفا ولحظة فارقة في المسار الجهادي للحركات السلفية المتطرفة، حيث أخذت الرقة والموصل مكان كابول في جذب الجهاديين وتنظيمهم وتدريبهم.
3 توظيف الجهاد لتسويغ الحروب الطائفية :
لقد خرج تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من رحم القاعدة، ويعتبر تطور طبيعي للقاعدة ونسخة منه أكثر توحشا، فكلاهما ينتميان بجذورهما الاديولوجية والدينية إلى التيارات الجهادية التي تستند إلى المذهب الوهابي ، كما أن كلاهما ينتميان إلى المشروع الجهادي العالمي لإقامة الدولة الإسلامية، عن طريق الجهاد المسلح .
فإذا كانت إديولوجية القاعدة القائمة على الجهاد ضد "العدو البعيد" بدأ تشكلها في الساحة الأفغانية، فإن إديولوجية "داعش" تبلورت في الساحة العراقية،إذ سيظهر بعد سقوط بغداد في يد الاحتلال الأمريكي سنة 2003 مفهوما جديدا للجهاد عند فرع تنظيم القاعدة بالعراق الذي كان يتزعمه "أبو مصعب الزرقاوي "، فمع احتلال العدو البعيد للعراق سيصبح عدوا قريبا من الناحية الجغرافية، وقد اعتبر "الزرقاوي" آنذاك أن العدو البعيد لم يكن ليحقق انتصاره السريع في العراق لولا تحالفاته مع العدو القريب المتمثل في إيران وشيعتها بالعراق وبعض الأنظمة العربية في الخليج ، وبسبب ذلك خرجوا عن الإسلام وأصبحوا مرتدين عن الدين، والمرتد عقوبته القتل عند جميع الجهاديين من أتباع المذهب الوهابي ، وبتفجير مرقد الإمام العسكري الشيعي في سامراء سنة 2006 من طرف أتباع الزرقاوي، ستبدأ أولى فصول الجهاد الطائفي.
إن هذا الطرح الجهادي الجديد الذي عاد فيه ا"لعدو القريب" أو الكافر المرتد متمثلا في الشيعة كهدف حربي للجهاديين، سيشكل خارطة طريق جديدة لجماعة الزرقاوي الجهادية بالعراق والتي ستتطور بعد ذلك إلى حركة محلية مستقلة عن القاعدة بسبب بعض الخلافات التي ظهرت ما بين الظواهري والزرقاوي ، وبعد مقتل هذا الأخير ستتحول إلى الدولة الإسلامية في العراق تحت قيادة أبو عمر البغدادي ما بين 2006 و2010 وخلفه "أبوبكر البغدادي" الذي ستتحول معه الحركة إلى تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام والتي ستكتسح مناطق شاسعة من العراق وسوريا وستعلن قيام دولة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين، مما سيشكل منعطفا هاما في المسار الجهادي لهذه الحركات، إذ سيتسنى للعالم فرصة معاينة نموذج الحكم الإسلامي الذي يبشر به الجهاديون، واكتشاف مدى فظاعة ووحشية بعض الأحكام الفقهية والفتاوى التراثية حينما تتحول إلى أفعال وإجراءات مادية ملموسة .
وبناء عليه سيقوم تنظيم الدولة في إطار خطة تمدده الجغرافي بتقسيم العالم إلى دار كفر ودار إسلام، وسيخوض معارك كثيرة ضد عدوه القريب من الشيعة والأكراد والأزيديين بعد تصنيفهم ضمن دار الكفر، مرتكبا في حقهم مجازر ومآسي إنسانية من ذبح للرجال وسبي للنساء واستعباد للأطفال وتدمير للمدن ومآثرها التاريخية ، معتقدا أن ما يفعله هو جهاد يماثل ما كان يفعله الرسول (ص) في غزواته والصحابة والتابعين في فتوحاتهم.
وبما أن هذه الأعمال الحربية لم تحظى بالموافقة من طرف العلماء المسلمين سيلجأ التنظيم إلى فقهاء من خارج المنظومة الفقهية من أجل إنتاج فتاوى جهادية وكتابات في فقه الجهاد تشرعن هذه الأعمال العسكرية ضد المسلمين، حيث يعمل هؤلاء المنظرين الجهاديين على إسقاط صفة الإسلام عن مخالفيهم بالاستناد إلى حشد من فتاوى ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب والتي تشكل منظومة تكفير متكاملة تخرج عموم المسلمين و جميع الطوائف الإسلامية كالصوفية والشيعة بجميع مذاهبها من دائرة الإسلام .وبالتالي تصبح دار حرب تستوجب الجهاد، من اجل تطهير أرض الخلافة الإسلامية منهم وإقامة شرع الله .
ومن أمثال هؤلاء المنظرين الذين يستشهد بهم تنظيم الدولة كثيرا، نجد مصطفى الفارس وهو أحد رجال الدين الذي كثيرا ما ينهل من فقه بن تيمية، والذي كتب مقتبسا جملة شهيرة لابن تيمية : "أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة ومن انضوى إليهم وكثير من السيوف التي سلت في الإسلام إنما كانت من جهتهم ". كما يعتبر "عبد الله المهاجر" و"أبوبكر ناجي" من أبرز المراجع الفقهية التي يعتمدها التنظيم، فكلاهما يزعمان أن الإجماع منعقد على إباحة دم الكافر إباحة مطلقة كما أن كلاهما يبرران قطع رؤوس الكافرين والمرتدين لأن الله ورسوله أوصيا بذلك . وبطبيعة الحال يستنبط المهاجر هذا الحكم أيضا من فتوى لابن تيمية يعتبر فيها الرافضة (الشيعة) مرتدون وأن كفرهم أغلظ من الكفار الأصليون .
وفي نفس الاتجاه يوظف التنظيم بعض الأحداث والقصص الشاذة في التاريخ الإسلامي للاستدلال على شرعية أعماله الجهادية الدموية، وغالبا ما تكون هذه القصص مقتبسة من عصر حروب الردة أو عصر الفتوحات الإسلامية، ولهذا فهو يعيد إنتاج مشاهد القتل والذبح التي وقعت في تلك المعارك ضد خصومه من مختلف المذاهب الإسلامية، والذين يعتبرهم التنظيم مسلمين بالاسم فقط .فمن الأمثلة التي يسوقها التنظيم في هذا الإطار قصة الصحابي "خالد ابن الوليد" التي وردت عند المؤرخين المسلمين وأبرزهم "ابن كثير" حيث ذكر في البداية والنهاية أن خالدا قتل في معركة" أليس"آلاف الأسرى بعد أن أقسم قائلا اللهم إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدماءهم " وعندما لم يتمكن من العثور على العدد الكافي من الأشخاص لصنع هذا النهر قتل الأسرى وأمر بفتح أحد السدود بجانب النهر على جثثهم لكي تسيل دماءها مع الماء، ويشير التنظيم أن الخليفة أبي بكر أثنى على ابن الوليد حينما وصله فعله،وأهدى له جارية من السبي .
بعد كل المعارك والجرائم التي ارتكبها "داعش" باسم الجهاد الإسلامي سيكتشف الجهاديون الدواعش الذين قدموا من جميع أنحاء العالم مع نساءهم وأطفالهم، أن فكرة الجهاد مجرد اديولوجية جذابة تم توظيفها من اجل استقطابهم خدمة لمشاريع دولية وإقليمية متصارعة حول النفوذ، بنفس الشكل الذي تم توظيفها في الماضي من طرف الحكام المسلمين في حروبهم التوسعية. إلا أنه اليوم فهي تستخدم بشكل عكسي من طرف الغرب في حروبه وتوسعاته ضد السوفيات في بلاد المسلمين سواء في أفغانستان أو في العراق وسوريا... فبعيد التسويات والتفاهمات السياسية بين اللاعبين الكبار في نواديهم الفاخرة ومؤتمراتهم المدبرة، سيتم الاتفاق على وضع نهاية مأساوية لحلم دولة الخلافة أو دار الإسلام، ليسقط مشروع الخلافة أمام الواقع الجيوسياسي الجديد الذي ترسم ملامحه الدول الكبرى .
فبعد أقل من أربع سنوات وفي أعقاب معارك طويلة ستنهار الدولة الإسلامية وستخسر بسرعة هائلة عاصمتها الرقة ومدينة الموصل وكل مدنها التي كانت تحت سيطرتها، فقتل الكثير من الجهاديين، واستسلم الكثيرون، وشرع البعض في رحلة العودة إلى أوطانهم، وظل تواجده مقتصرا على الوديان والبوادي والصحاري الواقعة على طول الحدود السورية بعدما كان تنظيم الدولة يسيطر على أراض تتجاوز مساحتها مساحة ايطاليا .وكما نشأ "داعش" من أطلال القاعدة وتغذى من أفكاره الجهادية، بدأت تتشكل الآن نواة تنظيم جديد من بقايا آخر الجهاديين الدواعش هو" أنصار الفرقان " بزعامة حمزة بن لادن ابن الزعيم التاريخي للقاعدة أسامة بن لادن وتتواجد نواته الصلبة في جبال "أدلب".
أما "كريم البيطار" الخبير في شؤون الشرق الأوسط للشؤون الدولية والإستراتيجية في باريس فيرجح أن تعود الشبكة الجهادية العالمية إلى إستراتيجيتها الأولى بعدم الارتباط المكاني وتفضيل توجيه ضربات مجددا إلى (العدو البعيد ) من خلال استهداف الغرب أو روسيا ليبقى الجهاد خدمة مؤدى عنها تحظى بطلب مرتفع من طرف القوى الدولية والإقليمية المستعدة دائما لدفع المال إلى سماسرة الجهاد، ورموز التيارات الجهادية، وعيا منها وإدراكا بأنها لن تجد أداة اديولوجية أٌكثر تأثيرا وأهمية من فكرة الجهاد لتسخير المتطوعين للقتال وحشدهم من جميع بقاع العالم.
إن التعبير عن الطموحات السياسة والمصالح الاقتصادية باستعمال لغة الجهاد، فرغ فكرة الجهاد من محتواها النبيل والمتمثل في الدفاع عن النفس والأرض، وحولها إلى أداة إديولوجية فتاكة خاضعة للفعل السياسي وتابعة لأهواءه المتغيرة ,ويكفي أن نعلم انه تم توظيفها في الحروب الأهلية بالعراق وسوريا وليبيا من جميع الأطراف المتصارعة بما فيهم الشيعة لندرك إلى أي حد وصل التلاعب بالنصوص الدينية في عصرنا الحاضر مما يجعل من مراجعة التراث الإسلامي الفقهي المتعلق بالجهاد ضرورة قصوى واجتهاد واجب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.