الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    البرغوثي المحرر من السجن في فلسطين ينضم إلى أزلام المطبعين مع الانحلال في المغرب    السياقة الاستعراضية توقف ثلاثيني بالقنيطرة        بطولة انجلترا: الاسكتلندي بن دوك ينتقل من ليفربول لبورنموث    أفغانستان.. زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب منطقة هندوكوش    ترامب يعلن عن بدء "التحضيرات" لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي    كيوسك الثلاثاء | المغاربة حصلوا على أكثر من 606 ألف تأشيرة من دول الاتحاد الأوروبي    القنيطرة… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في السياقة بطريقة استعراضية بالشارع العام وتعريض أمن المواطنين وسلامة مستعملي الطريق للخطر    احتفالات عالمية بعيد ميلاد توأمي الباندا في هونغ كونغ    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    الشرطة القضائية توقف طبيبة بمدينة البئر الجديد متلبسة بتلقي رشوة    إيقاف المتهم الرئيسي في محاولة سطو على وكالة بنكية ببني أحمد.. وإصابة عنصر من الدرك الملكي    شابان ينجحان في العبور إلى سبتة على متن "جيت سكي" للكراء    الملك محمد السادس يصدر تعليماته بإرسال مساعدات إنسانية إضافية لفائدة ساكنة غزة    "غوغل" تضيف تحديثات إلى تطبيق الترجمة    إسبانيا.. توقيف عنصرين موالين ل"داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    إسبانيا تطيح بشبكة تجنيد دواعش بتعاون استخباراتي مع المغرب        "البيجيدي" يدعو الحكومة إلى استحضار الدستور والاختيار الديمقراطي في إعداد برامج التنمية الترابية    مهرجان "أصوات نسائية" يختتم مرحلته الأولى وسط أجواء احتفالية    فاس تواصل جذب السياح وتحقق نموا مستمرا في النشاط الفندقي    مقر "المينورسو" بالعيون يتحول إلى وجهة لوفود دبلوماسية بشأن الصحراء    الجزائر تتأهل إلى ربع نهائي "الشان"    ترامب: أمريكا ضالعة في أمن أوكرانيا    سعد لمجرد يعود لمعانقة الجماهير المغربية عبر منصة مهرجان القنيطرة في سهرة استثنائية        البكوري ينقذ المغرب التطواني بدعم مالي جديد تبلغ قيمته حوالي مليار سنتيم    ملحمة الخلود ثورة الملك والشعب    مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة تنعي الروائي الكبير صنع الله إبراهيم    المغرب.. حين تُحلّق الطائرات محمّلة بالحياة نحو غزة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نجم المنتخب الوطني يلتحق رسميا بالدوري السعودي    مهرجان الشواطئ يواصل جولته ويشعل مرتيل والناظور والسعيدية    مسؤول بحماس: الحركة أبلغت الوسطاء بموافقتها على أحدث مقترح لوقف إطلاق النار بغزة    إنجاز طبي.. خلايا بنكرياسية تُنتج الأنسولين لمريض السكري    أكبر مناورات بحرية في العالم تعزز الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة    دراسة علمية تكشف وجود علاقة بين المعدة والصحة النفسية    دراسة: حماية الحاجز الدموي الدماغي قد تحد من التدهور الإدراكي لدى المسنين    احتياطي المغرب من العملات الصعبة يسجل رقما قياسيا جديدا    المغرب ‬الواثق ‬المطمئن ‬الصامد ‬والجزائر ‬المذعورة ‬المصدومة ‬    الهزيمة أمام خورفكان تنهي مسيرة الحسين عموتة مع الجزيرة    لفتيت يوجه الولاة والعمال لإعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية    الواجهات الزجاجية للمكاتب تفاقم معاناة الموظفين في ظل موجات الحرارة            "خيرونا" يجهّز عرضًا جديدًا لأوناحي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    دراسة: العنف يرفع خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والأوعية    كأس آسيا لكرة السلة: المنتخب الأسترالي يتوج باللقب على حساب نظيره الصيني    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصب على 4 شبان مغاربة بعقود عمل مزورة لإيطاليا
نشر في أخبارنا يوم 10 - 03 - 2013

مقالب ذكية وحيل داهية من نصب واحتيال، وتفنن في مصّ دماء الآخرين، والعيش والتقوّت على جراحهم، وسلب أموالهم حراما بالباطل،تبقى هي الأساليب الجديدة، والظاهرة الاجتماعية الخطيرة، التي أصبحت تتصدّر اليوم الواجهة في الجرائم الأكثر خطورة وانتشارا في المغرب، على صعيد كبير خاصّة بين صفوف الشباب العاطل، الباحث عن مستقبله الغابر المجهول.
لقد أصبح من السائد الرابح والمريح، تقمّص جميع الأدوار، وتشخّيص مختلف المهن، في التغرير والخداع، والتمويه و النصب، وبيع الأوهام، والتجارة بآلام الباحثين عن عمل من الشباب والشابات. فبوسائل تلاعب شيطانية، وبطرق استغلال فادحة لسذاجتهم وثقتهم العمياء، مقابل مبالغ مادية هائلة، يستولون عليها منهم دون موجب حقّ، بلا كدّ وجهد أو تعب. أو باستخدامهم طرقا إلتوائية واحتيالية، للزجّ بضحاياهم في الغلط، وإيهامهم بمنافع وامتيازات وهمية من أجل الإطاحة بهم في الشبك.
ولهذا السبب ومن أجله، اعتبر المشرّع المغربي النصب والاحتيال، فنّا من أدهى فنون الإجرام، يفوق خطورة جرائم الإنسان، كما خصّ لهما القانون الجنائي المغربي فصلين منفصلين: الفصل 540 والفصل 546 بأقصى العقوبات وأردع الأحكام.

لم تكد فضائح عقود عمل الفتيات المغربيات في الخليج تخمد نارها في قلوبنا ، ولم تمحى آثار حروقها من ذاكرتنا بعد، حتى تعود الكرّة من جديد، وهذه المرّة على شباب في مقتبل العمر، صُدّروا على يد نفس سماسرة الأمس وبنفس الشاكلة والنوع، الذين لا يؤمنون بالدين ولا يحترمون المبادئ ولا يقدّرون الأخلاق، كما لا يهمهم عرض المغاربة ولا شرف الوطن.
فهم تجّار مفلسون يبيعون فلذات أكبادهم بثمن بخس لا يصل إلى تعويض شرف الأمة أو سمعة الوطن، فهم الخاسرون الأولون والآخرون دنيا وآخرة،كما أن المال لا يعوّض الشرف، فهو كعود الثقاب لا يشتعل إلا مرّة واحدة.

تمّت عملية النصب هذه المرّة بحقّ أربعة شبان في مقتبل العمر، أصغرهم لا يقلّ عن 23 سنة، وأكبرهم لا يتعدّى 27 سنة، كل من ربيع، محمد، يوسف، ومصطفى، وربّما أعداد المطاح بهم تفوق ذلك بكثير، وسوف تكشف لنا الأيام عن العديد منهم آجلا أم عاجلا،وسواء من قريب أو من بعيد.
هؤلاء الشباب الطموح لصناعة مستقبلهم، والذين يرَوْنه ويلمسونه ممكنا وراء الحدود، حينما اشتدّ عليهم الخناق، وضاقت بهم سبل الأرزاق، وعظم أمامهم السباق، لحظة إغلاق كل أبواب الأمل داخل ربوع الوطن .
أربعة شبان يسقطون مرة واحدة في فخّ التسفير، تحت مسمّى الهجرة لإيطاليا من أجل العمل الحلال، بوثائق وثبوتيات محرّفة، وتوقيع عقود تبث في الأخير أنها كلها فاسدة ومزيّفة، كلّفتهم 10.000 أورو لكل نفر منهم،بمجموع 40.000 أورو، باع فيها البعض منهم جلّ ما يملك، واستلف البعض الآخر من أهله ومعارفه وحسب معرفته.

لم يكن أحد منهم يعلم قبل السفر إلى إيطاليا أنه قد اشترى الوهم والأمل،حتى قطع البحر وكان أمام مقرّ الشركة التي من المقرّر العمل فيها قبل يومين من الآن، بمركز مدينة "طالياكوتسو" حسب بيانات عقد العمل،ليفاجأ أن العنوان خطأ،والشركة وهمية لا أثر لها في سجل الشركات الإيطالية.
ضاعت من أيديهم حينها جنة النجاة وخيرة الناس، وخاب ظنهم في وطن النجدة والخلاص،لما لم يجدوا لا سكنا لائقا غير محطة القطار، ولا عملا قارّا غير الشقاء المرّ والبؤس الحار، ولا راتبا شهريا عاليا غير ما تجود به عليهم الأقدار.
في حين طارت من أيديهم 40.000 أورو كالسراب، واختفى عن الأنظار العقل المدبّر والوسيط والسمسار،ولم يبق لهم غير النوم في الخلاء، والصبر على ما أصابهم من نصب وبلاء، وما عليهم من لباس وكساء.
مرّ على مصابهم يومان متتاليان لم يروا فيهما أحبابا ولا أصدقاء، يفترشون كراسي محطة القطار أسرّة للاسترخاء، لم ترى فيها عيونهم رمشة ولا نوم على رغم التعب وشدّة العياء، لا يفهمون اللغة الإيطالية وليست لهم نقود تقيهم شرّ البرد والجوع على السواء، لم يذوقوا طعاما خلال اليومين، مكْتفين بتبريد غيظهم وضيمهم وتثليج حسرتهم وندمهم بما تتكرّم به عليهم سقاية المحطة من جرعات باردة من الماء.

لمّا اشتدّت عليهم القساوة وفراغ اليد في اليوم الثالث، ولم يقدروا على مقاومة الحياة الصعبة التي وقعوا فيها وخاصّة في وقت أزمة حصدت الأخضر واليابس من الشعب الإيطالي،قرّروا الإفصاح عن ظروفهم، وهم يعلمون أنهم سيهدّدون بالطرد، لأن العقود غير صالحة، ووضعيتهم غير شرعية، والقانون لا يعطف ولا يرحم،كما أنه لا يحمي المغفّلين، وهم يعتبرون لسوء الحظ مغفّلين.
وعلى هذا السياق ،استعانوا بوسيط ثقافي لترجمة الحدث، ليشرحوا تفاصيل الواقعة لمحامي متخصص في قضايا الهجرة،لينقلها مجددا بالحرف الواحد إلى قائد الدرك السيد "لورينسو بيكوريلّا"، ليخبر بدوره قاضي التحقيق بمحكمة"طالياكوتسو"، ويفتح محضرا ضد المقاول المتهم الذي تعرّف إليه حسب بياناته الواردة في عقد العمل، هذا العقد المحدود في سبعة شهور عمل فقط.


وتنتهي النازلة على هذا الحال، في انتظار ما تسفر عنه التحقيقات المستقبلية، وما تقوله كلمة القضاء الإيطالي في هذه القضية، بينما يشغل بالي السؤال الآتي: كيف استطاع هذا النصّاب الموافقة على صحة العقود في وزارتي الشغل والخارجية؟ وكيف صادقت عليه الدبلوماسية الإيطالية بالمغرب؟ وأسئلة أخرى تبقى عالقة بأذهاننا، لا نجد لها جوابا ولا يتقبّلها لا العقل ولا الصواب،فمن يحمي المواطنين من ذئاب النصب والاحتيال، إذا كان القانون في كل دوّل العالم لا يحمي المغفّلين، ونحن كلنا مغفّلون؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.