حزب متطرف في إسبانيا يقترح إلغاء برنامج تعليمي يستهدف الحفاظ على الهوية المغربية لدى أبناء الجالية    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال شهور    الشرقاوي ينفي عزمه الترشح لرئاسة نادي اتحاد طنجة والإطاحة بالرئيس الحالي كرطيط    كرة القدم.. المنتخب الإنجليزي يتوج بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب    إجهاض محاولة تهريب شحنة كبيرة من الأقراص المهلوسة تتكون من 102 ألف قرص طبي مخدر    أكادير.. توقيف بريطانيين مبحوث عنهما دوليا في قضايا جنائية خطيرة    طقس الأحد: استمرار الأجواء الحارة بعدد من الجهات    زلزال بقوة 5,3 درجات يضرب وسط باكستان    طنجة.. إصطدام عنيف يُرسل سائق دراجة نارية في حالة حرجة إلى المستعجلات    جريمتي كانت تنفيذًا لأمر إلهي لإنقاذ إسرائيل من الشر    عاصفة رعدية وأهداف قاتلة .. تشلسي يعبر إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية    بعد حرب "ال12 يوما" مع إسرائيل.. هل تستطيع إيران إنتاج قنبلة نووية؟    الدكالي: صواريخ إيران في هجوم السمارة تكشف تبعية "البوليساريو" لطهران    البرلمان العربي يثمن جهود الملك    "الأحرار": هجوم السمارة دليل يأس الجبهة    الجامعة تحدد أجل تجديد بطاقة المدرب    مبادرة تستعين بتلاميذ لإقناع "متسرّبين" بالعودة إلى مقاعد الدراسة بالمغرب    المجتمع المدني يُكرم بوجيدة بالناظور    أمن أكادير يوقف مواطنين بريطانيين    بنجلون يقود المركز السينمائي.. رهانات وتحديات نهضة الأفلام المغربية    هجوم إعلامي قذر من الجزائر على مالي    سعر صرف الدرهم ينخفض أمام اليورو ويرتفع أمام الدولار    قناة أنفاس مغاربية تؤجل اللقاء التواصلي للجالية المغاربية المقيمة ببروكسيل    غزة وإسرائيل .. هل يفصلنا أسبوع عن وقف الحرب؟    أكثر من 2000 مشارك من 3 قارات في مناظرة الذكاء الاصطناعي بالمغرب    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تفكيك مخطط إرهابي خطير بعد توقيف طالبة موالية ل"داعش" كانت تستعد لاستهداف منشأة دينية    مسلك الإعلام بجامعة مكناس ينظم أول تدريب جامعي مع شبكة "أريج" للصحافة الاستقصائية    المغرب يخطو بثبات نحو استكشاف الهيدروجين الطبيعي والهيليوم بشراكة بريطانية جديدة    انطلاق بيع تذاكر كأس إفريقيا للسيدات بالمغرب    المغرب يتجه للاستعانة بسفن توليد الكهرباء التركية كحل انتقالي لتعزيز أمن الطاقة    الهلال يقترب من حسم صفقة النصيري بعد موافقة إنزاغي    الرباط تحتفي بالإبداع الأردني: إصدار توثيقي يوثق 25 عاماً من الشعر الفصيح    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    ماجدة الرومي تغالب دموعها في الرباط وتبعث برسالة مؤثرة إلى الملك محمد السادس: حبّنا للمغرب انتماء لا يشبه سواه    أزيد من 48 بلدا في فعاليات "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    إفران تحتضن الدورة السابعة لمهرجانها الدولي من 23 إلى 26 يوليوز    قيوح : المغرب يجعل من الربط القاري أداة استراتيجية لتحقيق السيادة الإفريقية    الدفاع المدني في غزة يعلن مقتل 23 فلسطينيا في غارات إسرائيلية    تدنيس القرآن في قمة الناتو يغضب الجاليات المسلمة بهولندا    اجماع وبوعادي في معرض تشكيلي مشترك بمشرع بلقصيري    بودشار يمتع الرباط بكورال جماهيري    انعقاد الجمعية العامة العادية لغرفة الصناعة التقليدية لجهة طنجة تطوان الحسيمة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    مونديال الأندية: مواجهة مرتقبة بين سان جرمان وميسي.. وبايرن يصطدم بفلامنغو    أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    ألونسو: دياز يتمتع بروح تنافسية عالية    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباكالوريا ليست مجرد أرقام ونسب مائوية للعرض اوالاستهلاك الاعلامي
نشر في أخبارنا يوم 09 - 08 - 2024

التقويم هو ضرورة تربوية وبيداغوجية واجتماعية وجزء لا يتجزآ عن عمليتي التعليم والتعلم ويتكامل مع كل مكونات العملية التربوية في كل مظاهرها المعرفية والنفسية والاجتماعية ويعرفه المختصون انه (مجموعة من الاحكام التي تقيس جانبا او اكثر من التعلم، وانه عملية قياسية ومعيارية). ويعد (التقويم) عملية اساسية ومحورية بالنسبة لمسالة تتبع ومراقبة ايقاعات سيرورة التعليم والتكوين.. ويتمظهر جانب من هذا التقويم في منظومتنا التعليمية على شكل امتحانات واختبارات مدرسية ذات الطابع الاجمالي وفي توافق تام مع بنيات المقررات ومناهج التدريس.
ولعل من اهم الامتحانات الرسمية في نظامنا التربوي ناهيك عن مختلف النظم التربوية العالمية امتحان الباكالوريا الذي يخضع له تلاميذ السنة الثانية من التعليم الثانوي التأهيلي باختلاف شعبهم ومسالكم، ورغم ما يكلفه هذا الامتحان الاشهادي من تكاليف باهضة تتزايد سنة بعد اخرى خصوصا في الاعداد والتنظيم والاشراف والضبط والامن والتجهيزات والوسائل واستغلال وتوظيف كل الموارد المادية والبشرية والتقنية الا انه يبقى هذا الامتحان من الركائز الثابتة في منظومتنا التربوية ويرجع ذلك الى كون هذه الشهادة وهذا الامتحان هو اداة عالمية يقاس من خلالها اداء المنظومات التربوية وكذا القيم التي تتصف بها هذه الشهادة من قيم اجتماعية وتربوية واقتصادية اكتسبتها من خلال قوانين وانظمة ومؤسسات المجتمع.
ان شهادة الباكالوريا لا تزال تحضي بمكانة مهمة من الناحيتين التربوية و الاجتماعية فهي تعكس نجاح التلميذ في مساره الدراسي وتتويج لمرحلة دراسية عليا كما تعكس نجاح الاسرة وفخرها بتفوق ابنها وتتويجه بتقدير اجتماعي ومن الناحية الاقتصادية تعتبر هذه الشهادة مصفاة للتموقع في سوق العمل المستقبلي. هذه المكانة الخاصة لشهادة الباكالوريا هي التي جعلتها تحافظ على قيمتها الاسطورية ..فهي عنوان الانتقال الى حياة الرشد ومفتاح يفتح كل ابواب المستقبل.
في مجتمعنا ومحيطنا الاجتماعي والتربوي يواكب الاعلان الرسمي عن نتائج امتحانات الباكالوريا والاحتفال بالمتميزين والمتفوقين منهم اقليميا وجهويا ووطنيا اهتمام وانشغال اعلامي واجتماعي حافل ومكثف تبداه الوزارة الوصية بنشر تصريحات وسرديات واعلانات اخبارية عن أعداد ونسب الناجحين حسب المسالك والشعب الدراسية ثم يأتي دور المصالح الخارجية للوزارة في الاكاديميات الجهوية والمديريات الاقليمية لاستكمال ما تبقى من التفاصيل والجزئيات الرقمية من قبيل ترتيبها الوطني واعداد المتفوقين والمتميزين الذين تسلقوا قمم التتويج حسب الشعب والمسالك او حسب الجنس وصنف المؤسسة (خصوصية وعمومية) كما يدخل لهذا السباق الاعلامي – الاعلاني والدعائي الكثير من المؤسسات التعليمية الخصوصية التي يتباهى عديد منها بتحقيق "العلامة الكاملة" عن عدد الناجحين في امتحانات الباكالوريا (100%) !!!
وخلال هذه السنة الدراسية 2023_ 2024 واصلت اعداد ونسب النجاحين الصعود المتسارع اذ لامست ارقاما غير مسبوقة حيث وصل عدد الناجحين في امتحانات الباكالوريا الى رقم مذهل/مهول وصل الى 347861 مترشحة ومترشحا في مجموع الدورتين بنسبة نجاح بلغت 79.4% مقارنة ب 74.3% في دورة 2023 من العام الماضي.
هذا الرقم الكبير والاستثنائي يستدعي ان يثير اهتمام الباحثين وخبراء التربية للكشف عن العوامل المفسرة لهذا النجاح وتزايد اعداد المتفوقين بمعدلات استثنائية اقتربت من ان تلامس العلامة الكاملة (2020/) في المعدل العام فهل نرجع هذا النجاح "الباهر" الى تحسن الاداء التعليمي وفعالية المؤسسات التربوية؟
اذا كان للطبيعة مقاييس لتحديد الاقوى فبلا شك ان المقاييس التي تعتمدها المنظومات التربوية لقياس مدى نجاح المتعلم فيها هو الاختبارات المطبقة في كافة المستويات واكثر من ذلك على الامتحانات الرسمية التي عادة ما يخضع لها المتعلم في نهاية كل مرحلة من مراحل التعليم والتي تعد كبطاقة مرور للمرحلة الموالية بتحديد نجاح او فشل المتعلم واكثر من ذلك فهي تحدد وتقيس اداء المنظومات التربوية.
ان النجاح في امتحانات الباكالوريا لا يجب ان ينظر اليه انه مجرد ارقام او اعداد او مجرد عرض لنسب الناجحين والمتفوقين والمتميزين كما انه لا يجب التعامل مع هذه الارقام بالتبشير والتهليل ولا التهوين والتقليل من الاعداد المتبقية للراسبين بل ان امتحانات الباكالوريا هي اهم من ذلك...انها مسالة تهم النظام التربوي بكل مكوناته من المناهج وطرائق التدريس واساليب التقويم وكل مظاهر النشاط التربوي.
ان الارقام التي قدمت للرأي العام الوطني والتربوي خصوصا لا تفسر الاسباب التي ساهمت في تطور مبيانات نسب النجاح والتفوق في غياب دراسات وابحاث تفسر اسباب هذا التصاعد المتصاعد للناجحين وفي غياب دراسات حول طبيعة الباكالوريا واهميتها بالنسبة للفرد والمجتمع وان قدمت الأبحاث والدراسات المنجزة في فرنسا مثلا معلومات مفيدة قابلة للتحسن ومن بين هذه العوامل المفسرة للنجاح في الباكالوريا ليس فقط عامل الاتصال والتواصل بين المتعلم وفريقه المدرسي وانما ايضا هناك اليات اخرى تساعد على نجاح التلميذ في امتحانات الباكالوريا ومنها (اليات اعلامية – اليات نفسية – اليات اجتماعية – مضامين معرفية – علاقات بيداغوجية سليمة- شخصية المتعلم وعلاقته بالمدرس- طرق ووسائل التعليم...) داخل المؤسسة وخارجها.
هل الارقام المقدمة عن اعداد الناجحين في امتحانات الباكالوريا تستطيع ان تكشف لنا العوامل الشخصية المتعلقة بالمترشحين كالسن مثلا ولقد بينت العديد من الدراسات انه كلما ارتفع سن المترشح للباكالوريا زادت حظوظ فشله ! فهل من تفسير للظاهرة؟ وهل يمكن اعتبار سن التمدرس وعدد السنوات التي قضاها المتعلم في المستوى النهائي عامل حاسم في النجاح والفشل؟
هل لاختلاف الجنس (ذكر–انثى) تأثير على نسب النجاح والفشل؟ وهل لكل جنس خصوصيته؟ ولماذا تزيد حظوظ جنس في النجاح عن الجنس الاخر؟
هل حظوظ المترشحين في المؤسسات التعليمية الخصوصية افضل من حظوظ المترشحين المنتسبين للمؤسسة العمومية ام ان "تضخيم" المراقبة المستمرة هي العامل الفاعل المؤثر الذي يقلب الكفة لصالح المترشحين المنتسبين للمؤسسات التعليمية الخاصة؟
هل للمرشد النفسي في المؤسسات التربوية التي تضم هذا الصنف من الاطر المختصة دورا محوريا في الاتصال والتواصل بين التلميذ – المترشح وباقي افراد الفريق المدرسي وجميع اليات نجاح التلميذ في الباكالوريا(اليات نفسية واليات اجتماعية..)؟
ما اثر عمليات التوجيه واعادة التوجيه التي يخضع لها التلميذ خلال مساره الدراسي والمهني والدور الذي يلعبه المستشار في التوجيه من خلال المهام الموكولة له في الدعم التربوي والنفسي للتلميذ المترشح لامتحانات الباكالوريا وما فائدة الدراسات الميدانية والتقويمات التشخيصية التي تجرى في المؤسسات التعليمية؟ هل لغرض مساعدة التلاميذ على التفوق والنجاح ام لتبرير صرف ميزانية ؟؟
ما دور الاسرة في نجاح وفشل المترشح لامتحانات الباكالوريا؟ وكيف اجتهد اولياء التلاميذ لتجنيب ابنائهم الفشل الدراسي؟ ولماذا اختار اخرون اللجوء الى دروس التدعيم (الدروس الخصوصية)؟ وهل هذا الاختيار جاء اضطراريا امام فشل المنظومة التربوية الى ان اخذت ظاهرة الدروس الخصوصية منحى رهيبا اذ انتشرت الى درجة تحولها الى تعليم موازي حتمي !!
ان انخراط الاغلبية الساحقة من تلاميذ الباكالوريا واسرهم في المنافسة من اجل الحصول على شهادة الباكالوريا بتفوق وبميزة فاقم من ظاهرة عدم تكافؤ فرص النجاح التي هي اصلا موجودة في المدرسة بحكم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ..خطورة واستفحال هذه الظاهرة جعل منها موضوعا اساسيا في كل الدراسات والمقاربات التي احاطت بمسالة الباكالوريا واهميتها بالنسبة للمترشح – التلميذ او بالنسبة للمجتمع ككل وتبقى الاسئلة الاساسية التي احاطت بالظاهرة في كثير من المقاربات هي : الدروس الخصوصية لمن؟ ومتى؟ وكيف؟ وكم؟ وما مدى انتشارها؟ وفي اي اطار تجري؟ ولأي فئة من التلاميذ تخصص؟ ومن هم الاشخاص القائمون على هذه الدروس؟ وما كلفة هذه الدروس؟ انها اسئلة تحيط وتخترق المنظومة، ولا يمكن بدون الاجابة عن هذه الاسئلة من الاحاطة بالعوامل المفسرة لنجاح التلاميذ في امتحانات الباكالوريا.
ان الباكالوريا ليست ارقاما ونسبا مائوية تعرض لأجل خلق هالة اعلامية او اجتماعية وانما هي تقويم شامل للمنظومة التربوية بمختلف اطوارها ومراحلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.