ماكرون يعين حكومة جديدة على خلفية خطر إسقاطها من برلمان منقسم واستمرار أزمة مستفحلة    البطولة: الجيش الملكي يلتحق بركب المقدمة بانتصاره على أولمبيك آسفي    صحافي مغربي في أسطول الصمود: اعتدي علينا جسديا في "إسرائ.يل" وسمعت إهانات (فيديو)    الدورة ال16 لمعرض الفرس بالجديدة استقطبت حوالي 150 ألف زائر    المغرب والأردن يوقعان على اتفاقيتين في مجال التعاون القضائي والقانوني            "مديرية الأمن" تعلن فتح تحقيق عاجل في فيديو تعنيف مواطن من قبل شرطيين    لليوم التاسع.. شباب "جيل زد" يتظاهرون في الدار البيضاء مطالبين بإقالة الحكومة    حراك "جيل زد" لا يهدد الملكية بل يقوّيها    في الذكرى الثانية ل "طوفان الأقصى".. مسيرة حاشدة في الرباط تجدد التضامن الشعبي مع فلسطين وتدين الإبادة والتطبيع    مقتل الطالب عبد الصمد أوبلا في أحداث القليعة يثير حزن واستياء سكان قريته    اافيدرالية المغربية لجمعيات كراء السيارات تناقش تطور نشاط وكالات الكراء وآفاق التنمية المستدامة    مهاجر يعبر إلى سبتة المحتلة بواسطة مظلة هوائية    متابعة 84 شخصًا في طنجة بتهم التخريب على هامش احتجاجات "جيل زد"    وهبي: الهزيمة أمام المكسيك "درس"    المنتخب الرديف يواجه مصر والكويت    الضرائب تخضع أربع شركات أجنبية لمراجعة بعد تلاعب ب"أثمان التحويل"    مسيرة وطنية حاشدة بالرباط تجدد التضامن المغربي مع غزة وإنهاء الحرب    عاصفة قوية تضرب أوروبا تتسبب في انقطاع الكهرباء وإلغاء رحلات جوية    "أوبك +" تضيف 137 ألف برميل يومياً    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    صيباري يواصل التألق ويسجل للمباراة الرابعة تواليا مع آيندهوفن    شوكي: عزيز أخنوش.. إنصاف إرادة صادقة    الوفد الإسرائيلي المفاوض يتوجه إلى مصر ليل الأحد ومحادثات غزة تبدأ الاثنين    حادث سيدي قاسم تنهي حياة تسعة أشخاص من أبناء الحسيمة            سربة عبد الغني بنخدة جهة بني ملال – خنيفرة تُتوج بجائزة الملك محمد السادس للتبوريدة    ناشطو "أسطول الصمود" يشكون معاملتهم "كالحيوانات" من طرف إسرائيل    إسبانيا تمنع مظاهرات حاشدة مساندة لفلسطين وتستخدم العنف لتفريقها    إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    أمن أكادير يوقف متورطين في تخريب سيارات بتيكيوين بعد خلاف مع حارس ليلي    ارتفاع قيمة "البتكوين" لمستوى قياسي    الفيفا تصادق على تغيير جنسية احتارين لتمثيل المغرب    الفخامة المصرية على الأراضي المغربية.. «صن رايز» تستعد لافتتاح فندق جديد    المديرية العامة تصنع الحدث في معرض الفرس برواقها المديري وعروض شرطة الخيالة (ربورطاج)    الجامعة السنوية لحزب "الكتاب" توجه انتقادات لاذعة إلى تدبير الحكومة    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"                القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضرورة تمييز اليسار بين الإسلام وأدلجة الدين
نشر في العمق المغربي يوم 07 - 05 - 2016

وحتى يتاتى لليسار الذي تقوم أيديولوجيته على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، فإن على هذا اليسار، أن يميز في تعاطيه مع مواجهة الأصولية، والأصوليين، والظلامية، والظلاميين، وهيمنتهم على المجتمع المغربي، بين مستويين:
المستوى الأول: اعتقاد الناس بالدين الإسلامي، الذي يستحق من اليسار الاحترام التام، كباقي المعتقدات الأخرى، التي من حق الناس الاعتقاد بها، وفي إطار ضمان حرية المعتقد، ودون أن تتحمل الدولة المغربية مسؤولية فرض معتقد معين، أو فرض مذهب معين، من مذاهب ذلك المعتقد.
فتعدد المعتقدات تعتبر مسألة موضوعية، تدخل في إطار حرية الاعتقاد، التي تبقى مكفولة بحكم القانون، وانطلاقا من الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي إطار علمنة الدولة، والمجتمع، التي تعتبر مدخلا لحماية جميع المعتقدات، والحيلولة دون قيام دولة معينة، على أساس أدلجة أي معتقد. وبالنسبة إلينا، على أساس أدلجة الدين الإسلامي.
والمستوزى الثاني: أدلجة الدين الإسلامي، القائمة على أساس التأويل الأيديواوجي لمجمل الدين الإسلامي، ولمختلف نصوصه، حتى يصير الناس الذين لا يميزون بين حقيقة الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، يعتقدون أن ما يقوم به مؤدلجو الدين الإسلامي، هو الدين الإسلامي عينه، مع أن الأمر يتعلق بالأمور الأيديولوجية، والسياسية، التي يمارسها المؤدلجون المنظمون في إطار أحزاب، وتوجهات تستغل الدين الإسلامي، أيديولوجيا، وسياسيا، لتحقيق أهداف سياسية، لا علاقة لها بالدين الإسلامي.
وهذا التمييز، بين هذين المستويين، صار شرطا لجعل المومنين بالدين الإسلامي، يحرصون على سلامة اعتقادهم بالدين الإسلامي، بعيدا عن الاستغلال الأيديولوجي، والسياسي، الذي يتصدون له، ويواجهونه، باعتباره تحريفا للدين الإسلامي. وما على اليسار الاشتراكي العلمي، إلا أن يسير في اتجاه التمييز بين المعتقدات، التي يعتقدها الناس، وبين استغلال تلك المعتقدات أيديولوجيا، وسياسيا، وبين الاعتقاد بالدين الإسلامي، وبين توظيف الدين الإسلامي أيديولوجيا، وسياسيا، وهذا الفصل الذي صار واجبا لعلميته، هو الذي يفرض إعلان اليسار لاحترامه، للاعتقاد بالدين الإسلامي، ولباقي المعتقدات الأخرى، ولإدانته لا ستهداف الدين الإسلامي، ولأي مذهب من مذاهبه، ولأي معتقد آخر، بالاستغلال الأيديولوجي، والسياسي، حتى لا يتحمل مسؤولية قبول استغلال المعتقدات، التي هي للناس جميعا، وحتى يسجل التاريخ، وأمام العالم، احترامه لكل المعتقدات، وعلى رأسها: الاعتقاد بالدين الإسلامي.
إن احترام المعتقدات، كيفما كانت، من أهم السمات التي يجب أن تسم اليسار، الذي تقوم أيديولوجيته على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وإلا فإنه يسار تحريفي، لا وجود فيه لشيء اسمه احترام المعتقدات، التي يعتقدها الناس بإرادتهم، ولا دخل لأحد فيها.
وإذا أردنا تجاوز الصراع بين اليسار، وعامة المسلمين، الذين يعانون من التضليل الأيديولوجي، الناجم عن أدلجة الدين الإسلامي، فإن على اليسار الذي يبني أيديولوجيته، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، أن يعمل على توعية المسلمين، بضرورة التمييز بين الدين الإسلامي كمعتقد، وبين أدلجة الدين الإسلامي كاستغلال أيديولوجي، يقود إلى الاستغلال السياسي للدين الإسلامي، حتى يدركو أهمية التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، التي يعتمده المؤدلجون في تحريف الدين الإسلامي عن مساره.
ومعلوم أن الجماهير الشعبية الكادحة، عندما تمتلك الوعي بضرورة التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، سيكون، ذلك الوعي، بمثابة مدخل لتراجع ازدهار الأصولية، ولتراجع هيمنتها على الجماهير المذكورة. وهو ما يعتبر بالنسبة لليسار، مبررا للاستمرار في استنهاض الجماهير، وجعلها توظف ذلك الوعي، لمضاعفة مواجهة الأصولية، وأدلجة الدين الإسلامي، ومحاصرة المؤدلجين، تعبيرا عن التحرر من أدلجة الدين الإسلامي، ومن المؤدلجين، ومن الأصولية، دون أن يعني ذلك: أن هذه الجماهير تخلت عن معتقداتها، بما فيها الاعتقاد بالدين الإسلامي.
وإذا كان من مهمة اليسار، مواجهة أدلجة الدين الإسلامي، ومواجهة مؤدلجيه، ونشر الوعي في صفوف ضحايا تضليل أدلجة الدين الإسلامي، فإن مهمته أيضا، أن يسعى إلى فرض الفصل بين الدين الإسلامي، والسياسة؛ لأن الجمع بينهما في تاريخ المسلمين، كلف المسلمين، وبلدان المسلمين، كثيرا، وأوصل إلى الحكم في هذه البلد، أو ذاك، من بلدان المسلمين، حكاما يمارسون استبدادا بشعا، وفسادا متنوعا بالدين الإسلامي.
فالجمع بين الدين، والسياسة، كلف شعوب أوروبا الكثير، وازهقت في إطاره الكثير من الأرواح، ولم تستقم أوروبا، ولم يستقم الحكم فيها، إلا بعد أن انفصلت السياسة عن الدين، وابتعدت الكنيسة عن التحكم في الأنظمة السياسية القائمة في أوروبا، وتحولت هذه الأنظمة القائمة في أوروبا، من أنظمة قائمة على أساس الاستبداد الديني، المستمد من أدلجة المسيحية، إلى أنظمة ديمقراطية، منذ قيام ما يسمى بثورة الإصلاح الديني في أوروبا، التي لم نستفد منها أي درس، ولم نسترشد بنتائجها في بلدان المسلمين، ومنذ قيام الثورة الفرنسية، الموسومة بالثورة البورجوازية، التي أزاحت نظام الحكم الإقطاعي عن البلدان الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا. وهو ما جعل الأمور السياسية في يد الشعوب الأوروبية، التي تقرر مصيرها بنفسها، بناء على سيادة الاقتناع بتوجه سياسي معين.
وفي بلدان المسلمين، وخاصة في البلاد العربية، نجد أن التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والأيديولوجي، وغياب الوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وسيطرة الفساد، والاستبداد، واستمرار استعباد المسلمين، وهضم حقوقهم الإنسانية، وتكريس الاستغلال الهمجي: المادي، والمعنوي على المسلمين، قاد، ويقود إلى أجل قيام ثورة ضد الاستبداد، وممارسة كافة اشكال الفساد، باسم الدين الإسلامي، مع أنه لا توجد في دين الإسلام رهبانية، ولا يوجد ما يشبه نظام الكنيسة، ولا رهبانية في الإسلام كما يقولون.
وإذا كانت البلاد العربية، والعديد من بلدان المسلمين، قد عرفت حركات احتجاجية ضد الفساد، والاستبداد، فإن دول البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، تعرف، كذلك، قيام أحزاب، وتوجهات سياسية، على أساس أدلجة الدين الإسلامي، التي تكتسح صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، والأمية، والحالمة بأوضاع يوم القيامة، التي تصير لصالحها، حسب اعتقادها، في مقابل تقديم التضحيات الضرورية، لوصول مؤدلجي الدين الإسلامي إلى الحكم، ليتحقق على يدهم الحكم الإسلامي، الذي ليس إلا حكما لمؤدلجي الدين الإسلامي.
وهذه الاحتجاجات، التي صارت تعرف بالربيع العربي، لم تؤد إلى قيام أنظمة ديمقراطية بورجوازية، تفصل بين الدين والسياسة، بل إن سيادة، وهيمنة الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، هي التي وظفت، وتوظف تلك الاحتجاجات، من أجل الوصول إلى الحكم، بدعم من النظام الرأسمالي العالمي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الرجعية العربية، وفي مقدمتها دول البترودولار، وتركيا، من أجل أن تتحول الخريطة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، إلى أنظمة تشبه إلى حد كبير، الأنظمة التي كانت تنتجها الكنيسة في أوروبا.
وهذا التوجه الذي صار يسود في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، هو الذي حول المنطقة، برمتها، إلى منطقة للصراع الدولي، الموسوم بالحرب على الإرهاب، الذي اتخذ مستويين:
أولا: مستوى قائم على التضليل، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ورائها بلدان البيترو دولار، بقيادة السعودية، وقطر، ومعها دولة تركيا الأردوغانية، المستفيد الأول من سيطرة داعش على الحقول النفطية في العراق، والشام، والتي شكلت تحالفا واسعا لمحاربة داعش من الجو، ولكن بدل أن تقصف الداعشيين بالقنابل، صارت تمدهم بالسلاح، والعتاد، وشراء النفط بأبخس الأثمان، مقابل مدها بالمال، والسلاح، كما اثبتت التجربة ذلك، مما جعل الحرب على الإرهاب مجرد شعار للاستهلاك، والتضليل.
ثانيا: مستوى قائم على أساس الوضوح، وهو المستوى الذي تقوم فيه روسيا بقيادة تحالف واضح، بين روسيا، وسورية، وإيران، وبدعم من الصين، وكل الدول التي تحرص على الدولة الإرهابية: داعش، أو الخلافة الإسلامية كما صارت تسمي نفسها، والتي تفرعت عن تنظيم القاعدة، الذي استنسخته الولايات المتحدة في العراق، والشام، والذي تحول إلى رأس رمح مؤدلجي الدين الإسلامي، على المستوى العالمي، وخاصة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. وفي هذا المستوى، نجد أن بلدان المسلمين، والبلدان العربية، وخاصة منها دول البيترودولار، أخذت تراجع حساباتها، بعد إنهاك التنظيمات الإرهابية في العراق، والشام، وبعد هذا التراجع الواضح الذي أصبحت تعرفه دولة داعش، وبعد تهديد دولة داعش لجميع الأنظمة العربية، وأنظمة بلدان المسلمين، عن طريق تفعيل خلاياها النائمة، في كل بلدان المسلمين، وحتى في أوروبا، وأميريكا، وأمريكا اللاتينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.