الداخلية ترخص ل"الجمعية" بعقد مؤتمرها الوطني في بوزنيقة    بعد الشماخ وبلهندة وبوفال.. أشرف حكيمي رابع مغربي يفوز بجائزة مارك فيفيان فويه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    أكادير: الانطلاق الرسمي للدورة ال21 من تمرين 'الأسد الإفريقي' المحطة الأكبر من نوعها    بشرى للمغاربة.. هذا المركز الاستشفائي يؤمن الرعاية الطبية المتخصصة لحديثي الولادة في حالة صحية حرجة    تامسنا.. انطلاق فعاليات المؤتمر الدوري السابع لجمعية إدارات السجون بإفريقيا (صور)    حركة "حماس" تعلن رسميًا إطلاق سراح الجندي الأمريكي والرئيس ترامب يصف الحدث ب"النبأ التاريخي"    بوروندي تجدد تأكيد دعمها للوحدة الترابية للمغرب ولسيادة المملكة على صحرائها    مبيعات الإسمنت تجاوزت 4.52 مليون طن عند نهاية أبريل الماضي    محطة كهرباء في الجهة الشرقية تدعم أهداف المغرب للطاقة المستدامة    انعقاد عاجل للمجلس الوزاري يُغيّب أخنوش عن جلسة المساءلة في البرلمان    القضاء يمنع مصطفى لخصم من مغادرة التراب الوطني بعد متابعته بتهمة تبديد المال العام    بارو: فرنسا سترد على الجزائر بحزم    توتر وطني في قطاع المقاهي بسبب الرسوم.. هل تصل شرارته إلى الناظور؟    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    الاستثمارات الصينية في المغرب تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار    نيسان تعلن تسريح 20 ألف موظف عالميا لمواجهة أزمتها المالية    إحباط عملية تهريب كبيرة لمخدر الشيرا بأكادير    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    مبابي يحطم رقم زامورانو القياسي    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    بنعلي يطالب ب"الفهم النبيل للسياسة"    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    الحكومة تؤكد أهمية التحولات التكنولوجية في تدبير المؤسسات السجنية    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حريق مهول يلتهم قيسارية عريقة في بني ملال وخسائر مادية جسيمة دون إصابات    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء السياسي والغباء الانتخابي
نشر في العمق المغربي يوم 24 - 09 - 2016

ملاحظات على هامش تصريح الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية.
في خضم الأحداث المتسارعة التي يعرفها المشهد السياسي المغربي، استطاع ابن مدينة الرباط الصحفي و الدبلوماسي و السياسي الذكي، السيد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية ووزير السكنى و سياسة المدينة، أن يصنع حدثا غير عابر و أن يفتح قناة تواصلية رسمية و مباشرة مع المؤسسة الملكية، قناة قد تثير الكثير من الملاحظات:
1- حول تصريح السيد نبيل بن عبد الله؛
- الرجل ليس صداميا ولا مجابها للمؤسسة الملكية و خرجاته دائما ما اتسمت بنوع من الحيطة والحذر السياسي، و داخلة في النقاش العادي.
- صحيح أن الرجل ذكي سياسيا وواضح اتجاه حزب الهمة، و يجيد تمرير رسائل ليست بالقصيرة، فقد لطخ يده مرات عديدة بدماء الأصالة و المعاصرة مرة باعتباره حزب تحكم و سلطة زائغة و زائفة، ومرة بالتشكيك في كيفية تأسيسه و في مسار تكوينه السياسي و الانتخابي و المؤسساتي، و التذكير برموزه التي لاحت في سماء حركة 20 فبراير حيث رفعت بالمباشر و دون حرج كلمة "ديgاج" لكن نفس الرجل ضعيف انتخابيا و غالبية مرشحي التقدم و الاشتراكية رجعيون أو غير اشتراكيون، فالحلم الانتخابي هو تكوين فريق تقدمي أو الفوز "بصيغة التفويت و التطعيم الرمضاني" ببعض المكاتب الوزارية كمشروع استمرارية.
- حركة 20 فبراير هي حركة احتجاجية عفوية نابعة من الشارع و تعبر عنه، أهم شيئ حققته هو أنها استطاعت و في ظرفية معقدة و متشابكة أن تخلق حوارا مباشرا مع المؤسسة الملكية وأن تتجاوز الأحزاب السياسية التي أحرجت بسؤال النخبة و المسألة الشبابية و استقلالية القرار و مستوى الإنتاج و المنتوج النافع، بل سئلت حول مدى كينونتها و جدية ما تقدمه، حوار المؤسسة و الحركة كلل بالحد الأدنى من التوافق السياسي و الاجتماعي ... وهو ما لن يستطيعه حزب كالتقدم و الإشتراكية نظرا لعودة سؤال الشرعية و الديمقراطية الداخلية للحزب وكذا موقف و موقع الأخير في المشهد السياسي بشكل عام.
- حزب التقدم و الاشتراكية حزب شيوعي اشتراكي حداتي و تقدمي... لكن نفسه السياسي و محيطه الأغلبي و نمط تفكيره الحكومي محافظ و غير منسجم مع أيديولوجيته وهو ما يشكل تناقضا صارخا، لعل حصيلته التشريعية تعبر عن ذلك.
- تصريح القائد الأول للحزب في ظرفية انتخابية عادة ما تفسر بالإستمالة السياسية/الإنتخابية، لعله الرأي الصائب، فكل التصريحات و الخرجات و التلويحات تدرج في الركن السياسي و الانتخابي.
- ما يحسب للرجل بدون قصد.
* أنه أحيى المشهد السياسي من نومه، و تجاوز النقاش الحاصل حول التزكيات و اللوائح0
* تنبيه المجتمع للثنائية القطبية الصورية التي يراد تسويقها بين حزبي الأصالة والمعاصرة و العدالة والتنمية بإيعاز من السلطة الخامسة.
* إحراج بقية الأحزاب خصوصا المتحالفة في الجواب عن السؤال المحرج: منطق البناء الديمقراطي أم منطق الولاء للكراسي ؟
بالنسبة لي إن كان الرجل خاطئا فإني أحب أن يستمر في أخطاءه لكن زمن الأخطاء قد يعصف بالرجل لمذاق الخبز الحافي.
2-حول بلاغ الديوان الملكي:
- البلاغ يتحدث "وزير السكنى و سياسة المدينة، والامين العام للتقدم و الاشتراكية... " أي أن نفس البلاغ يتحدث عن الصفة التي يحملها السيد نبيل بنعبد الله كفاعل سياسي و مسؤول مؤسساتي، و بالتالي فإن مضمون هذا البلاغ يحدد طبيعة العلاقة ما بين المؤسسة الملكية و الفاعلين في المشهد السياسي بشكل عام.
- في البلاغ تم التذكير بالمقتضيات الدستورية و القانونية التي تؤطر العلاقة بين المؤسسة الملكية و جميع المؤسسات و الهيآت الوطنية بما فيها الأحزاب السياسية، في حين كانت أحزاب الأغلبية الحكومية تقوم بتحييد الدستور و القوانين المعنية و تتنازل عن ما في صالحها لفائدة المؤسسة الملكية طمعا في كسب الرضى أو الحفاظ على مكتسبات خارج النطاق الدستوري و القانوني، و هو تنازل عن تعاقد يحدد الطبيعة العلائقية بين سلطة النظام السياسي و نسقه المؤسساتي و نظامه القانوني و التمكين المواطناتي فيه.
- بلاغ الديوان الملكي في مستهله، استحضر المسؤوليات التي يضطلع بها السيد نبيل بنعبد الله، و في آخره يذكر بأن " هذه القضية لا تخص إلا صاحب التصريحات، وليست لها أية علاقة بحزب التقدم و الاشتراكية" و هو موقف محرج للسيد نبيل بنعبد الله و لحزبه، لكنه محك حقيقي لاختبار أتباعه داخل الحزب و خارجه.
3- في شأن البلاغ الصحفي للمكتب السياسي لحزب التقدم و الاشتراكية:
- بعدما أصدر الديوان الملكي بلاغا له يوم الثلاثاء 13 شتنبر 2016، قام حزب التقدم و الاشتراكية على عجل بلم أعضاء مكتبه السياسي يوم الأربعاء 14 شتنبر 2016، وذلك من أجل التداول في مضامين البلاغ المذكور، و قد حمل البلاغ الصحفي مجموعة من الكلمات و التعابير المنتقاة بدقة من أجل الخروج من المأزق و تصويب الانحراف دون الاقرار به.
يمكن تقسيم البلاغ الصحفي للحزب إلى ثلاثة مواقف ذكية:
الموقف الأول: التضامن الحزبي.
و هو ما نستشفه من خلال تجميع بعض العبارات الدالة التي تضمنها البلاغ مثلا: الاجماع، المسؤولية، الوضوح، القوة، الثبات، بناء دولة الديمقراطية، الاستقرار، استقلال القرار السياسي، كيان حزبي موحد و متضامن لجنة مركزية و أمانة عامة و مكتبا سياسيا و مجلس رئاسة وتنظيمات قاعدية، يعبر بخصوصها الأمين العام للحزب بصفته ناطقا رسميا له... ، الكلمات و التعابير المفتاحية تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن تصريح السيد نبيل بنعبد الله هو تصريح يعبر عن وحدة موقف الحزب و إرادته السياسية، قيادة و قواعد.
الموقف الثاني: رد الحزب.
البلاغ الصحفي لحزب التقدم و الاشتراكية تضمن موقفا صريحا حول تصريح أمينه العام، واعتبره عاديا في المجتمعات الدمقراطية و يندرج في سياق التنافس الحزبي الطبيعي، و الصراع الفكري، ولم يكن في نية التقدم و الاشتراكية و أمينه العام إقحام المؤسسة الملكية، فهل يعني هذا أن مثل هذه التصريحات سنجد لها مكانا في القاموس السياسي مستقبلا؟ أم أنه يندرج في إطار التعويم السياسي و المألوف غير العادي؟.
الموقف الثالث: في تقدير موقع المؤسسة الملكية.
لم يفت البلاغ الصحفي لحزب التقدم و الاشتراكية التذكير بالموقع الدستوري للمؤسسة الملكية "الساهرة على احترام الدستور و حسن سير مؤسساته و صيانة الاختيار الدمقراطي"، و التي يعتبرها الحزب حكما أسمى و فوق كل الاعتبارات، كما لم يفوته تقدير موقع المؤسسة الملكية و الإعلاء من شأنها، حيث جاء في البلاغ "... الاحترام التام لثوابث الأمة... و على رأسها المؤسسة الملكية.. التي نكن لها التقدير الفائق و الإخلاص الكامل".
إن المواقف الثلاثة التي تضمنها البلاغ و المثمثلة في قوة الحزب ووحدت صفوفه و مبدأ التضامن الحزبي من جهة، و من جهة أخرى الرد الموضوعي للحزب على بلاغ الديوان الملكي، و من جهة ثالثة التقدير الدستوري و غير الدستوري لموقع المؤسسة الملكية، فإن المواقف الثلاثة تعبر عن حكامة الزمن السياسي، و أن حزب التقدم و الاشتراكية أجاب بالفعل عن السؤال المحرج وواجه التظليل بالتعويم و أنقذ رقبته السياسية في مرحلة تعرف مرور رسائل خشنة و ممارسات تزكي فرضية وجود التحكم بتزكية من الأحزاب السياسية نفسها، فمن قبل التحكم و زكاه يوم جلوسه، يجب أن يقبل به يوم قد يقف متفرجا من بعيد.
باحث في القانون العام والعلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.