شدد أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، العباس الوردي، على أهمية الشراكة الصينية العربية في بناء جسور تنموية جديدة بين مختلف الأطراف وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية فيما بينها. وأشار الوردي، خلال حلوله ضيفا على قناة "ميدي 1′′، أن الصين تبحث عن شركاء جدد في ظل التقلبات المستمرة التي يعرفها الاقتصاد العالمي وفي ظل منافستها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، مذكرا بأن الشركاء العرب أكدوا في هذه القمة بأن الصين لن تكون الشريك الوحيد بل سيتم الانفتاح على جميع دول العالم. وأكد المتحدث ذاته أن الرفع من منسوب المعاملات الاقتصادية ليس هو الأساس الذي تنهجه الصين في هذه العلاقات الجديدة مع الشركاء العرب، بل إن بكين تريد، على حد قوله، أن تجد موطئ قدم على المستوى العربي والإفريقي، باعتبار وجود أسواق واعدة في إفريقيا تحتاج لمجموعة من الفرص التنموية مع تراجع فرنسا في هذه المناطق. وأضاف الوردي أن الدول العربية، من بينها المغرب، تريد بدورها تنويع الشراكات، منبها إلى التهديدات التي تؤثر على الأمن الإقليمي في المنطقة العربية كالأزمة الليبية والأزمة اليمنية بتواجد الحوثيين في المنطقة والقضية الفلسطينية وغيرها. وأبرز أستاد القانون العام أن الصين لها توجه جديد تجاه العالم والمحيط العربي بتوسيع رفقة التعاون الاقتصادي والتعامل على مستوى كفة واحدة بمنطق "رابح رابح"، مشيرا إلى أن الدول الإفريقية بدورها لن تقبل غلبة الصادرات على الواردات. وذكر الوردي أن الصين تريد أن تبني طرقا اقتصادية جديد على أساس التوازن التجاري بين الطرفين والحد من التبعية الاقتصادية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المغرب يفتح ذراعيه للاستثمارات الخارجية دون أن يؤثر ذلك على اقتصاده الداخلي، مشددا على أن الأولوية الاقتصادية هي أساس الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية ثم تعزيز السياسة المشتركة فتطوير الشراكة العسكرية والأمنية في ظل التهديدات العالمية التي تواجه المنطقة. وكان إعلان الرياض، المنبثق عن القمة العربية الصينية للتعاون والتنمية، أكد على الرغبة المشتركة في الارتقاء بعلاقات الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية إلى آفاق أرحب، والدفع بالتعاون القائم بين الجانبين نحو مستوى أعلى من التقدم، بما يخدم المصالح المشتركة، ويعزز الجهود التنموية للتعاطي مع تحديات العصر الجديد، وي سهم في تحقيق التطلعات المشتركة. وأكد الاعلان حرص الجانبين المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، بوصفها نموذجا لعلاقات الصداقة والتعاون الودي، والعمل على تعميق التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي الصيني، وتعزيز دور هذا المنتدى في الدفع بجهود التنمية وبالعلاقات بين دولنا نحو آفاق أرحب. وجدد الجانبان التأكيد على "التزام دولنا الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأممالمتحدة، بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، واحترام مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". وثمنت القمة المساعي الصينية في المساهمة بنشر السلام والتنمية الدوليين، بما في ذلك الحوار رفيع المستوى للتنمية العالمية من خلال مبادرتي الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهما مبادرتا الأمن العالمي والتنمية العالمية اللتان تدعوان المجتمع الدولي إلى الاهتمام بملفات التنمية وإعادة النهوض بقضايا التنمية في العالم، مؤكدة على حرص الجانبين على الدفع سويا بالتعاون في المجالات ذات الأولوية في إطار مبادرة التنمية العالمية، والمساهمة في تسريع تنفيذ أجندة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030 . وأكد الجانبان العزم على مواصلة التشاور السياسي وتبادل الدعم بين الجانبين في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية وهمومهما الكبرى، وتعزيز التضامن بينهما في المحافل الدولية المختلفة حول القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك. كما أكد (إعلان الرياض) على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجددا على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض "استقلال" "تايوان بكافة أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونغ كونغ ودعم جهود الصين لصيانة الأمن القومي وتنمية الديمقراطية واستكمالها في هونغ كونغ في إطار دولة واحدة ونظامان"، وتقدير الجهود المهمة المبذولة لرعاية الأقليات في كلا الجانبين العربي والصيني. وشدد على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حلول سياسية للأزمات والقضايا الإقليمية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات والمرجعيات ذات الصلة، وخاصة الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، والتأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة أراضي هذه الدول، مع التأكيد على رفض التدخلات الأجنبية في هذه الدول، وضرورة العمل المشترك على مواجهة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تعمل على أراضيها، فضلا عن دعم الجهود التي يبذلها لبنان والصومال والسودان لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار ومكافحة الإرهاب، ودعم جهود الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية في هذا الشأن. ودعمت القمة الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية واستعادة الأمن والسلام وفقا للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ حسن الجوار وسيادة الدول وسلامتها الإقليمية، وبما يضمن المصالح الجوهرية لجميع الأطراف.