أكد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، خلال افتتاح الورشة الإقليمية حول "تتبع وحجز ومصادرة الأصول الإجرامية"، التي تحتضنها مدينة الرباط من 16 إلى 18 يونيو الجاري، أن هذه الورشة تعكس الأهمية المتزايدة لموضوع مصادرة الأصول غير المشروعة واستردادها، كأداة استراتيجية لمكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز قيم الشفافية والنزاهة. وفي كلمته الافتتاحية، أبرز المسؤول القضائي أن ارتفاع عائدات غسل الأموال، وتزايد تهديدات الجريمة العابرة للحدود، يفرضان اعتماد مقاربة متكاملة تزاوج بين الفعالية القانونية والتعاون الدولي، مشيراً إلى أن الجريمة المنظمة أصبحت تستثمر الأموال غير المشروعة في الاقتصاديات الوطنية، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للأمن المالي والاستقرار الاجتماعي. وأشار إلى أن السياسة الجنائية بالمغرب تعتمد مبدأي الاستمرارية والاستدامة في مواجهة هذه التحديات، حيث تم تحقيق نتائج هامة، من بينها الخروج من عملية المتابعة المعززة سنة 2023، واستكمال ملاءمة المنظومة الوطنية مع توصيات مجموعة العمل المالي خلال سنة 2024، خصوصاً ما يتعلق بالمساعدة القانونية المتبادلة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكد رئيس النيابة العامة على ضرورة تعزيز فعالية الأبحاث المالية، وربط المتحصلات بالجريمة الأصلية، مشدداً على أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة المعنية، بما في ذلك وحدات التحريات المالية، مع تطوير التعاون القضائي الدولي سواء الرسمي أو غير الرسمي، خاصة في ظل التحديات الناجمة عن استخدام العملات المشفرة والتكنولوجيا الحديثة. وفي سياق متصل، استعرض المسؤول جهود رئاسة النيابة العامة في الانخراط في عدد من المبادرات الدولية، من بينها شبكة "MENA ARIN"، والمنتدى الإفريقي للممارسين في مجال استرداد الموجودات، والمشروع التجريبي لإنشاء نشرة فضية لتعقب الأموال الإجرامية، بالإضافة إلى المشاركة في تقييمات دولية تهم ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية. وشدد على التزام النيابات العامة المختصة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب بتكريس مقتضيات القانون وتفعيل المساطر المالية بالتوازي مع الأبحاث الجنائية، من خلال فتح أبحاث مالية وتجميد الأصول ومصادرتها، والتفاعل مع آليات التعاون الدولي. وختم كلمته بالتأكيد على أهمية الورشة في تبادل الخبرات وتطوير آليات العمل في مجال تتبع واسترداد الأموال الإجرامية، مبرزاً الدور المرتقب لشبكة "MENA ARIN" في تعزيز الكفاءة والفعالية، وتمنى لأشغال الورشة التوفيق والنجاح في تجفيف منابع الجريمة وتعزيز الأمن والاستقرار.