عادت إشكالية جودة الإعلام العمومي إلى الواجهة، بعد عرض برنامج خاص على القناة الثانية مخصص لتحليل ومناقشة الأحداث التي شهدتها عدة مدن بالمملكة. ورغم أن فكرة البرنامج كانت إيجابية وتحسب للقناة كمبادرة، لا سيما عبر استضافة ضيوف متميزين يجمعون بين المعرفة الأكاديمية والنضال السياسي، على غرار وسيط المملكة، حسن طارق، إلا أن طريقة تسيير الإعلامية سناء رحيمي، هي التي حجبت تميز هذه المبادرة. مقاطعة متكررة لاحظ أغلب المشاهدين للبرنامج الذي تم بثه مباشرة، مساء الجمعة، أن تقديم رحيمي مع الأسف كان بعيدًا عن مستوى التوقعات، ولم يُسهم في إغناء النقاش أو تهدئة الأجواء. بل على العكس، سجلت عدة ملاحظات على الإعلامية التي بدت شاردة أحيانا في إدارتها للنقاش. فقد ظهرت رحيمي وهي تفتقر إلى التركيز اللازم، حيث أكثرت من مقاطعة الضيوف، ولم تمنحهم فرصة لاستكمال أفكارهم وتحليلاتهم. هذه الطريقة في إدارة الحوار، كانت مُستفزة في بعض الأحيان، وحرمت المشاهدين من الاستفادة من العمق الفكري لتحليل الباحث الاجتماعي، مصطفى اليحياوي أو العرض الواضح لأفكار وسيط المملكة، حسن طارق. بدا وكأن هدف الحلقة انحرف نحو "دغدغة المشاعر" بدلًا من تقديم تحليل فكري رصين وهادف لقضية الساعة. أخطاء متراكمة هفوات رحيمي، جاءت لتُضاف إلى خطأ إعلامي سابق للإعلامية ذاتها، أثار الكثير من الجدل، هو حين ذكرت في نشرة إخبارية أن الملك محمدا السادس يبلغ من العمر 72 سنة بدلًا من عمره الحقيقي 62 سنة. ورغم أن البعض قد اعتبرها مجرد "زلة لسان"، إلا أن تكرار الملاحظات السلبية يُشكل جرس إنذار بضرورة تجديد الطاقات الإعلامية في القنوات العمومية. لقد أكد البرنامج، ضرورة أن تفتح القناة الثانية الباب أمام الشباب والمواهب الجديدة لمنحها فرصة لتجديد أسلوبها، ومواكبة التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة في المملكة، ويجب تعزيز الإعلام العمومي بإعلاميين يمتلكون الكفاءة والجدية والضمير المهني، ويكونون في مستوى التعامل مع التحديات والأحداث الكبرى بمسؤولية، بعيداً عن السعي وراء "البوز" والخطابات الشعبوية المنفية لأخلاقيات المهنة.