أخنوش يستعرض إصلاحات المغرب أمام مدير منظمة العمل الدولية.. والأخير ينوه بمشاريع الدولة الاجتماعية    بنموسى يرفض طي ملف الموقوفين ويؤكد: نحترم القانون ولا نريد احتقانا جديدا    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يتباحث مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء بدولة الكويت    مراسم تنصيب مهيبة في روسيا بمناسبة بدأ ولاية جديدة ل"بوتين"    البليهي يتسبب لحمد الله في عقوبة قاسية من الاتحاد الآسيوي    رابطة الأندية الإفريقية لكرة القدم تقرر نقل مقرها إلى المغرب    تيزنيت..مفتش شرطة يتخذ إجراءات احترازية لضبط مشتبهين في حالة سكر    شركات نقل دولي تستغل "ثغرات قانونية" لتهريب المخدرات نحو أوروبا    منع الأمم المتحدة من دخول معبر رفح    تأجيل محاكمة النقيب زيان إلى 20 ماي الجاري    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود    مجلس المستشارين يناقش الحصيلة المرحلية للحكومة    الركراكي مشى يتفرج فيوسف النصيري وكبرو به إشبيلية    ال PSG حاطين العين على ياسين بونو    غلاء ثمن دواء سرطان الثدي يسائل الحكومة    "حماس": 54 شهيدا خلال 24 ساعة في غزة    بسبب الإمارات.. الجزائر تهدد بوقف تسليم الغاز إلى إسبانيا    تقرير رسمي: عدد حالات ضبط المخدرات والبورطابلات فالحباسات المغربية طلع ف2023    الحرارة غادي توصل حتى ل44 درجة وها التفاصيل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    نزار بركة واحل فتشكيل اللجنة التنفيذية ولقا صعوبة فالجمع بين مِساج الملك للسياسيين والتوافق الداخلي    2 ماتو و21 تصابو فهجوم بجنوية وقع داخل سبيطار في الصين    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    بمشاركة 30 فيلما يمثلون 15 دولة : أيت ملول تحتضن مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير    احتضان إسلامي لمبادرات ومواقف الملك    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    سان جيرمان يستهدف رقما تاريخيا ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    نهضة بركان في مواجهة المغرب التطواني وعينه على عدة أهداف!    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة طنجة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    مؤتمر عربي بالقاهرة يبحث آلية لجمع ورصد مؤشرات النزاهة في في القطاع العام في الدول العربية    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    صعود أسعار الذهب من جديد    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة    كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان من أبرز رجالات الفكر ورموز قادة النضال وفي مقدمة الأعلام الذين عرفهم العصر الحديث
كلمة الأستاذ عباس الفاسي في افتتاح فعاليات الإحتفاء بالذكرى المائوية لميلاد الزعيم علال الفاسي
نشر في العلم يوم 15 - 02 - 2010

تخليدا للذكرى المائوية لميلاد زعيم التحرير الأستاذ علال الفاسي رحمه الله نظمت مؤسسة علال الفاسي أول أمس السبت أولى الندوات التي ستنظمها طيلة هذه السنة احتفاء بمربي الأجيال.
وتهدف الندوة التي شارك فيها ثلة من الأساتذة الذين أغنوها بعروضهم الشيقة سلطت الضوء على جزء من تاريخ الحركة الوطنية الى استعراض الأسس التي قامت عليها الحركة وبيان الجهود التي تمت لمقاومة محاولات الاستعمار تذويب الشخصية المتميزة للمغرب قانونيا وفكريا وسياسيا ودبلوماسيا.
وقد شارك في الندوة التي ترأس جلستيها الصباحية والمسائية على التوالي الأساتذة محمد العربي المساري وامحمد بوستة كل من الأساتذة، عبد الرحيم أوزين ومحمد بن سعيد العلوي وعبد الهادي التازي وثريا برادة ومحمد العربي المساري.
وحضر هذه الندوة عدد من الوجوه المناضلة وأعضاء مجلس رئاسة حزب الاستقلال واللجنة التنفيذية والمركزية وشخصيات سياسية وثقافية وطنية وزعماء الأحزاب الوطنية.
وقد ألقى الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال ورئيس المؤسسة خطابا افتتح به اللقاء استعرض فيه أوجه نضال الزعيم علال الفاسي ومزاياه السياسية والفكرية والانسانية.
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها السيدات المحترمات؛
أيها السادة المحترمون؛
يسعدني بادئ ذي بدء، أن أعرب عن جزيل الشكر وموفور التقدير، للسادة الأفاضل رئيس مؤسسة علال الفاسي الأخ الأستاذ محمد بوستة، وأعضاء مجلسها الإداري، على هذه المبادرة عظيمة الدلالة، والتي نعتبرها بحق مبادرة الوفاء والتكريم لهذا الرائد الفذ، مبادرة الوفاء لروحه الطاهرة ولمبادئه، ولما يمثله رحمه الله من قيم نبيلة، كما أشكر كل القيمين على تنظيم برامج هذه الذكرى الهامة، على إتاحة الفرصة لي بإلقاء الكلمة الافتتاحية، بصفتي أمينا عاما للحزب، والساهر الأمين على استمرارية مبادئه مع الإخوة أعضاء مجلس الرئاسة، واللجنة التنفيذية، وجميع المناضلات والمناضلين، في مختلف هياكل الحزب وهيئاته ومنظماته الموازية وعلى امتداد التراب الوطني.
وبهذه المناسبة، نستحضر روح المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي رعى ومنذ البداية هذه المؤسسة، كما نوجه مشاعر التقدير والاحترام لوارث سره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث قرر العاهلان إشراك المؤسسة الملكية في المجلس الإداري لمؤسسة علال الفاسي.
أيتها السيدات المحترمات؛
أيها السادة المحترمون؛
يسعدني أن أساهم في هذه الندوة القيمة، التي ندشن بها برنامج الأنشطة المقرر تنظيمها، تخليدا لذكرى مرور مائة سنة، على ميلاد الرمز الخالد، المشمول بعفو الله الزعيم علال الفاسي، الذي يعد اسمه من أبرز الأسماء الموقظة للذاكرة الوطنية، نظرا لما اقترن به من أحداث تاريخية هامة، ترسخت في سجل أمجاد بلادنا وأمتنا العربية والإسلامية.
قدرة كبيرة على التحمل والثبات على المبدإ
ولا أريد في هذه المداخلة، الإطالة بالتطرق إلى جوانب كفاح الزعيم، على مختلف الأصعدة الروحية والفكرية والسياسية والدبلوماسية الذي لا شك أن الأساتذة الأفاضل، سيوفونه حقه من الاستقصاء والتحليل، بل سأقتصر على البعض من ملامح شخصيته الوطنية، والعلمية، والإنسانية، باعتباره إنسانا عرف الأفراح والأقراح، وتعاطى مع كل الظروف بما أبان عن أصالة معدنه، وأثبت طيب نجاره، وبرهن عن قدرته على التحمل، والثبات على المبدإ، والوفاء للوطن، والأهل، والأصدقاء.
علال الفاسي المتفرد
لقد أجمع المؤرخون والباحثون، والمهتمون بتاريخ بلادنا المعاصر، والمتتبعون لسير حياة رجالات النهضة الفكرية الوطنية، على كون الزعيم علال الفاسي كان متفردا ونسيج وحده، إذ يعد بحق من أبرز رجالات الفكر، ورموز قادة النضال الذين أنجبتهم بلادنا، وفي مقدمة الأعلام الذين عرفهم العصر الحديث، إذ طبع مرحلة من أعقد مراحل كفاح بلادنا، بمواقفه التاريخية الرائدة، وبإنتاجه الثري الموسوعي، الذي يبلور تنوع اهتماماته، ووضوح رؤيته وبعد نظره، في غمرة ما عرفه العالم من تحولات، تمثلت أساسا في انتفاضة الشعوب المستضعفة للانعتاق من الاحتلال الأجنبي، وبروز حركات التحرر من الاستعمار في أنحاء العالم، وخاصة في إفريقيا وآسيا، فكان أحد ألمع الرواد القلائل الذين أسهموا في صنع الأحداث، ووجهوا مسارها في القرن 20، فارتبط اسمه بظهور الحركة الوطنية الساعية إلى تحرير الأرض، وتحقيق كرامة المواطن في الداخل والخارج، وصيانة الوحدة الوطنية والتربية، والتصدي لكل ما يستهدف النيل من قيمنا الحضارية، ومقومات إنسيتنا المغربية.
عالم مجدد ومجتهد
وعلاوة على كل ذلك، كان عالما متبحرا في العلوم الإسلامية، مجتهدا ومجددا، ومفكرا مشاركا بعمق في شتى أنواع تفرعات المعرفة الإنسانية، بالإضافة إلى طول باعه في الشعر وتميزه في عالم الأدب، وما أوتي من امتلاك ناصية الخطابة وملكة الصحافة، والقدرة على التواصل مع كل الأجيال، بأفضل أساليب الحوار، وأنجع طرق الإقناع، مما أكسبه إكبار وتقدير خيرة أعلام الفكر والسياسة، الذين تعرفوا عليه، أو اطلعوا على إنتاجه الغزير، وقد تخرج على يديه العديد من الطلبة والأساتذة، واستنار بمحاضراته ومؤلفاته الجمع الغفير من النخب الفكرية، ومازالت اصداراته القيمة التي تزخر بها المكتبات، ومقالاته المنشورة في الصحف والمجلات، داخل الوطن وخارجه، تستقطب اهتمام الدارسين، وتنجذب إليها أفكار الباحثين، وتتزايد رغبة المؤسسات العلمية الأجنبية في ترجمة مؤلقاته إلى العديد من اللغات الأجنبية.
وعي مبكر بهموم المواطنين وقضايا الوطن والأمة
وإن كل من أجال النظر في حياة هذا الرمز المتميز، سيتملكه الإعجاب بوعيه المبكر بهموم مواطنيه، وقضايا وطنه وأمته، وأسلوب تعاطيه مع الأحداث، وقدرته على استباق تطوراتها، وجرأته على طرح أفكاره وتصوراته بشأنها، وفق ما تمليه الظرفية، ويفرضه الحس الوطني، من اتخاذ المبادرات التي تتطلبها المرحلة لمواجهة المستجدات، على ضوء ما يجري في العالم من حوله.
التفكير في مغرب ما بعد الاستقلال
كما أن غمرة النضال والكفاح الوطني، وما يتطلبه من جهد يومي متواصل، لمواجهة مناورات ومؤامرات المحتل، لم تشغله عن التفكير فيما بعد الاستقلال، فنراه يهيب برفاق دربه النضالي، ليعملوا على إعداد تصور للمشروع المجتمعي الذي يأملون تحقيقه، وكيف سيكون مغرب ما بعد الاستقلال، وهكذا يسجل لنا في كتابه الحركات الاستقلالية سنة 1948 قوله:
«ونحن وإن كنا عارفين بالخطوط العامة والخاصة لما سنقوم به بعد الاستقلال، إلا أن ذلك لايكفي بل يجب أن نفصل أفكارنا ضمن برنامج عام، ويجب أن ينكب المختصون منا على دراسة نواحي النشاط الشعبي، السياسية، والإدارية، والثقافية، والمالية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها من كل ما يرجع لتنظيم الدولة وتنظيم الشعب،... بحيث عندما تتاح لنا فرصة
الاستقلال نكون على أهبة إنجاز برنامجنا، فلا نضيع وقتا آخر في سبيل الإعداد والتحضير».
وذلك ما سيتولى هو شخصيا إنجازه في وقت مبكر، على نحو متميز سنة 1951 في كتابه الخالد «النقد الذاتي» الناهل من رصيد أمتنا الإسلامي والحضاري، والمستخلص من تجارب الأمم والشعوب القديمة والحديثة، ما يتناسب مع خصوصية الإنسان المغربي، المتشوق إلى مسايرة التطورات التي يعرفها العالم برؤية متفتحة، تمكن عبقريته الخاصة من التفاعل، والخلق، والابتكار، للنهوض بشعبنا في شتى المجالات.
النقد الذاتي، عمل غير مسبوق
فكان بذلك كتاب «النقد الذاتي» أهم كتاب يؤسس منهجا فكريا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا عرفته بلادنا في تلك الفترة، يوجه الحركة الوطنية ويبين النمط الذي ينبغي أن تكون عليه الدولة المغربية المستقلة، فكان بذلك عملا غير مسبوق ولا ملحوق، لأن الحقل السياسي ببلادنا لم يعرف بعده سوى أوراق البرامج الحزبية، أو التصاريح الحكومية، المرتبطة بطبيعة متطلبات التعاطي مع الأوضاع الراهنة، بغية التغلب على إكراهاتها، وربح رهاناتها، خلال فترة زمنية محددة.
في حين يعتبر «كتاب النقد الذاتي» ثمرة جهد فكري يتجاوز حدود الزمان والمكان، وقد كان بحق متقدما على وقته، لأن العديد من الأفكار والتوجهات التي رسمها مازالت صالحة حتى الآن، الشيء الذي استقطب اهتمام المفكرين والباحثين في الداخل وعبر العالم، من خلال ما أعد حوله من أطروحات وأبحاث ودراسات.
وقد أبان تنوع المواضيع التي تناولها هذا الكتاب، جوانب من عبقرية الزعيم تيسر التعرف على اتساع مجالات اهتماماته، وتقدم منظوره، وتنور تصوره لمنهج يمكن من مواجهة رواسب التخلف، وتغيير العديد من المفاهيم المتجاوزة، لتحقيق الإصلاح المنشود، الضروري لتطويرالمجتمع وبناء الوطن.
أيتها السيدات:
أيها السادة؛
السيادة الوطنية أولا
لقد كان الزعيم يدرك أن الإصلاح الحقيقي للمجتمع وتنمية البلاد، لن يتم على الوجه الأكمل إلا في ظل السيادة الوطنية، لذا كان منذ شبابه المبكر شغوفا بالحرية مناهضا للاستعمار، حريصا على بعث روح التحرر. وتجسيدا لهذه القناعة بذل جهودا مضنية مع رفاق دربه النضالي، من أجل إشاعة روح التحرر بين أبناء قومه، واعيا بأن تعدد الأساليب التي يعتمدها المستعمر لتثبيت وجوده، تتطلب تنويع آليات التصدي له، لأجل ذلك نراه يدعو إلى تأطير المواطنين وتوعيتهم، عن طريق العمل السياسي، والتعليم، والمسرح، والأندية الرياضية، والكشفية، والجمعيات الأهلية، كما أولى عناية خاصة لشعر المقاومة من خلال الأناشيد الوطنية التي كانت تلهب حماس المواطنين.
تحرير الأقطار المغاربية
بل تجاوز اهتمامه حدود وطنه، فكان هاجسه تحرير الأقطار المغاربية، دون إغفال كل الأقطار الرازحة تحت نير الاحتلال الفرنسي، فاتخذ أول مبادرة لتوحيد قوى التحرر في كل الأقطار الخاضعة للاستعمار الفرنسي في إفريقيا وآسيا، فخلق جبهة عمالية لشغيلة الدول المستضعفة.
وفي هذا المجال نرى مناسبا التذكير بفقرة من تقرير وجهه للجنة التنفيذية السرية للحزب من القاهرة في 29 يناير 1954، «نحن الآن نعمل على توسيع أمر التعاون في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وقد وصلنا الآن إلى تكوين حركة رأي فيما يخص إجلاء فرنسا، كما أننا اتفقنا مع رئيس الحزب الاشتراكي الجمهوري (الفيتنام)، على تكوين جبهة للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي في إفريقيا وآسيا، وقد أصدرنا بلاغا مشتركا تجدون نصه طي هذا التقرير، واتفقنا على الدعوة لعقد مؤتمر من الحركات الموجودة في البلاد المنكوبة بالاستعمار الفرنسي، وسنعمل على عقده في الربيع المقبل، وسنبذل جهودا لابد من مرور وقت طويل لإثمارها، بقصد تعميم المقاومة الإيجابية في جميع المستعمرات الفرنسية، حتى تعرف فرنسا أن الاستقلال المغربي هو خلاصها الوحيد، وإنني على اتصال بنخبة لابأس بها من شباب (التوارك) و(الشناقطة) و(السينغاليين) و(السودانيين)، فلنكن أهلا للقيام بمهمتنا التاريخية في تهييء هذه الشعوب، وإنقاذها من براثن الاستعمار، عن طريق تعليمها كيف تكافحه وإعطائها القدرة على ذلك».
ولابد من التذكير بنضاله الطويل من أجل دعم ونصرة القضية الفلسطينية العادلة واعتبارها دائما أنها قضية الشعب المغربي وقضية الأمة العربية والإسلامية. وأتمنى أن تخصص اللجنة الثقافية للمؤسسة ندوة حول نضال الزعيم من أجل حق الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.
نضالية تجاوزت حدود الوطن
وأمام ديناميته النضالية، التي تجاوزت حدود الوطن والقارة الإفريقية، إذ أسهم أيضا في وضع اللبنات الأولى لتأسيس منظمة عدم الانحياز عندما شارك في أشغال مؤتمرها بباندونج سنة 1954، اعتبرته سلطات الاحتلال الزعيم الأكثر إزعاجا داخل الوطن وخارجه، لأنه يتوجه بفعالية إلى تفتيح أعين مختلف النخب، على مخاطر الإستراتيجية الاستعمارية المتعددة الأشكال، والمتنوعة الآليات، بغية النيل من وحدة الدول والشعوب الخاضعة لنفوذه، وإذكاء النعرات العرقية واللغوية والدينية والمذهبية التي شكلت أحد مرتكزات مخططات الاحتلال، لخلق تناقضات وتجاذبات اجتماعية وحروب داخلية، تيسر له اختراق الوحدة الوطنية لمواطني العديد من الأقطار التي ابتليت به، تلك السياسة الاستعمارية المعادية لأقطارنا، والتي مازالت مستمرة حتى اليوم بأساليب وآليات مختلفة تعرقل مسارالعديد من دول قارتنا، مما يحتم على أجيالنا الحالية أنى كان موقعها، العمل على مواجهتها، مستلهمين من روح وفكر الزعيم مايعيننا على التحلي بمزيد من اليقظة، والحس الوطني اللازم، للحد من تداعيات تلك الظواهر وعدم الاستهانة بأبسط مظاهرها وتجلياتها، ورصد ما يستجد منها، ووضعها مركز اهتمام حذر دائم، والعمل على ابتكار وتطوير الأساليب المناسبة لصدها، وإبطال مفعولها في نفوس الأفراد والجماعات، وخاصة الشباب والجالية المقيمة في الخارج.
الاستقلال السياسي والثقافي والاقتصادي
ولقد كان الزعيم يؤمن بأن الاستقلال الحقيقي لايتم فقط، بجلاء الوجود الأجنبي عن البلاد، بل يتطلب مواصلة الجهد من أجل ضمان الاستقلال السياسي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأمن الروحي.
«وفي هذا السياق يحذر الزعيم من مغبة ما يتهدد الشعوب المستضعفة من مخاطر الاستعمار الثقافي، إذ يؤكد: أن المستعمر يعرف أن القوة لاتدوم، وأن التحكم في الشعوب واستغلال خيراتها لايؤثر شيئا إذا احتفظت الأمة بكيانها المعنوي ووجدانها الخاص، فبقدر ما يحتفظ أشخاص الجماعة بخصائصهم الاعتقادية، ومميزاتهم الثقافية، بقدر ما تسلم الأمة من الفناء ولو طال أمد استعمارها».
أيتها السيدات؛ أيها السادة؛
الحرص على وضع لبنات الصرح الديمقراطي
عرف عن الزعيم إيمانه بأن حصول الجزء الأكبر من بلادنا على الاستقلال السياسي، لم يكن إلا خطوة هامة على مسار تحرير باقي أطراف المملكة، التي ماتزال خاضعة للنفوذ الأجنبي، الشيء الذي لفت الانتباه إليه في حينه، في المؤتمر التأسيسي للشبيبة الاستقلالية بفاس في شهر مارس من سنة 1956، داعيا إلى مواصلة النضال من أجل استكمال الوحدة الترابية، التي أصدر للدفاع عنها جريدة «صحراء المغرب» ومجلة «آفاق صحراوية» ، وتحمل مسؤولية إدارتهما، وظل يحمل همها الى أن لقي ربه، وفي ذات الوقت، لم يدخر جهدا في معركة بناء المغرب المستقل على الأسس الديمقراطية التي نادى بها طيلة مساره النضالي ونظر لها في كتاباته.
وفي هذا الصدد يقول رحمه الله: «إذا كانت الأجيال السالفة قد علمت جمهورنا وحتى مفكرينا عدم المبالاة بكثير من أمور الأمة، فإن واجبنا أن ننبه الشعب الى ضرورة العدول عن هذه العادة الفاسدة، ونعمل على بعث الوجدان السياسي، حتى تعود الأمة إلى الاهتمام بشؤونها، ومراقبة أعمال حاكميها، في إطار من التضامن بين الملك، والحكومة، والشعب، لحماية التراث الروحي والمادي لهذا الشعب المجيد».
لذا كان حريصا على أن تشرع البلاد غداة الاستقلال، في وضع لبنات بناء الصرح الديمقراطي، فكان سباقا الى دعم كل الخطوات الرسمية التي تمت في هذا الإتجاه، إذ يعتبرها من حيث المبدأ مكاسب تقربنا من الهدف المنشود، الشيء الذي تمثل أساسا في إصدار العهد الملكي، من طرف جلالة المغفور له محمد الخامس، وظهير الحريات العامة، ومجلس الدستور، وصولا إلى القانون الأساسي، الذي مهد لإصدار الدستور سنة 1962 في عهد جلالة المرحوم الحسن الثاني، والذي سانده الزعيم بقوة، لأنه رأى فيه بداية منعطف تاريخي هام في حياة بلادنا، سيخرجنا من حالة اللادستور منذ استرجاع الاستقلال، لندخل مرحلة الملكية الدستورية، مع التأكيد على ضرورة الدفع بهذا الإنجاز إلى مزيد من التطوير التدريجي، للارتقاء إلى المستوى المطلوب.
وإننا بقدر ما نتذكر ترؤسه العديد من المهرجانات المساندة لمشروع الدستور، فإننا أيضا نستحضر مواقفة الرافضة لحالة الاستثناء سنة 1965، وعدم قبوله لما طبع التعديلات الدستورية اللاحقة من تراجعات، ومناهضته لانتهاكات حقوق الإنسان، وما عرفه المسار الديمقراطي من تعثرات، سواء عن طريق تزوير الانتخابات، أو الخروقات الماسة بالحريات الفردية والجماعية ونضاله من أجل الصحافة الوطنية وضمان حريتها، ودفاعه المستميت عن كرامة المواطن إزاء تعسفات السلطة.
وقد كانت خطاباته في المجالس الوطنية للحزب والتقارير المذهبية في مؤتمرات الحزب الوطنية التي يعكف على تحريرها شخصيا عبارة عن كتب مرجعية، تحيط بالحاضر، وتستخلص الدروس من الماضي، وتستشرف المستقبل بوضوح رؤية ونفاذ بصيرة.
الشجاعة والغيرة على الوطن
وكلما عاودنا قراءة خطبه وتقاريره مثل: «نداء القاهرة» و «الديمقراطية وكفاح الشعب المغربي من أجلها»، و «معركة اليوم والغد» وغيرها، يتملكنا الإعجاب بما كان يتصف به رحمه الله من شجاعة، وحب لوطنه، وغيرة على مواطنه، وإيمان بالملكية الدستورية، التي يعتبرها المقوم الحيوي لتحقيق الديمقراطية ببلادنا، والتي يرجع أسباب تعثرها الى منزلق انطلاقة مباحثات (إكس ليبان) ونتائجها، التي اعتبرها متعجلة، وأغفلت أجزاء هامة من الوطن، تطلب استرجاع ما تحرر منها على مراحل، عقودا من الزمن، كما أسست للتناقضات والصراعات السياسية التي طبعت تداعياتها مسار تطورات الأوضاع في بلادنا.
ولقد أثبتت الأيام بعد نظره عندما رفض المشاركة فيها، وأكد على ضرورة مواصلة الكفاح، فلفت الانتباه الى مغبة ذلك. ومما جاء في إحدى رسائله بهذا الشأن: «إن النخبة بصفة عامة، وأنصارنا في حزب الاستقلال على الأخص، لم يعودوا يفهمون قيمة لمذكرات أو احتجاجات، وإذا أهملنا تبني الكفاح الذي قام بنا وبمبادئنا فأؤكد لكم أن خيبة الشعب ستلقي به في يد طبقة من المذبذبين الذين سيستغلون الشعب لفائدتهم الخاصة».
الشيء الذي يرى أنه لن يخدم المصلحة العامة، ولن يحقق الإصلاحات الضرورية، التي يقتضيها بناء المشروع المجتمعي، الذي بشر به في كتاب النقد الذاتي.
منظور اجتماعي شمولي
كما لفت الانتباه إلى ضرورة إشاعة روح التضامن بين فئات المجتمع، وجهات الوطن، وذلك عن طريق التفكير بمنظور اجتماعي شمولي، يحيط بكل القضايا التي تستقطب اهتمام المواطنين في كل أرجاء الوطن، إذ يقول:
«ولابد لتحقيق روح التضامن بين أفراد الأمة وطبقاتها، من تربية التفكير الشامل، الذي يعانق كل الموضوعات التي تتوقف عليها نهضة الأمة، والذي يستحضر في الوقت نفسه كل الأجزاء التي تتكون منها البلاد، والعناصر التي تتركب منها الأمة نفسها».
«ويجب أن نعمل على أن تتطور المناطق المغربية كلها تطورا واحدا، وأن تتكيف ذهنيتها الجديدة تكيفا واحدا، حتى لا تصبح في الأمة عناصر متفاوتة النهوض، وذلك مادافع عنه الحزب مؤخرا أمام اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة .
علال الإنسان المؤمن
أيتها السيدات أيها السادة:
بعد هذه الإطلالة المختصرة على ملامح من شخصية هذا الزعيم الفذ، والإشارة الى بعض المحطات من نضاله، والتذكير بومضات من إشراقات فكره السياسي والاجتماعي، أود قبل الختام أن نقترب جميعا من خلال بعض مراسلاته في المنفى من (علال) الإنسان المؤمن، الإبن البار لوالديه، والزوج المخلص لرفيقة حياته، والأب الطافح بالحنان المشغوف بفلذة كبده، ثم علال المناضل المتمرد على قيود السجن وعذابات المنفى وظلم الجلادين، وذلك من خلال مقتطفات من بعض رسائله من المنفى، والتي يتبين أنه ظل في كل الأحوال ذلك الإنسان المؤمن، الذي لايبالي بمعاناته الشخصية، بقدر ما يحرص على إسعاد الآخرين، ويحرص على أن يخفف عن أقرب الناس إليه مشاعر الأسى، أو التألم على وضعه هو، فنراه يخاطب والده المرحوم عبد الواحد في إحدى مراسلاته:
«وقد سألتم عن حالتي (صحيا وماديا) فأرجو ياسيدي الوالد أن لانفكر كثيرا في ذلك، الإنسان لابد أن يحيا حياته الطبيعية الممكنة مهما كانت رتبته... على أنني لا أجد دائما إلا جميل الصنع الإلهي في كل الأحوال، خصوصا وأنتم تعرفون ما جبلت عليه من عدم الاهتمام بالماديات، واعتبارها عرضا لا يساوي جناح بعوضة، إن وجدته لم أنكره، وإن فقدته لم أتعب في طلبه، إلا ما لابد منه من القوت الضروري لإنسان أو حيوان، وهذا خلق لاتزيده الحوادث التي ألقاها إلا تمكنا في نفسي، وأنا أرى ذلك تعويضا من الله يعوض به المنكوبين عن زينة الحياة الدنيا وطلاوتها، ومعنى هذا أنني لست ممن يزهدون في الجمال الدنيوي متى وجدوه، ولكن لست أيضا ممن يشرهون في طلبه ويعيشون من أجله، وبذلك أعيش هادئ البال، مطمئن القلب راضي الضمير في عالم سام، ومثال عال».
«وإنما ذكرت لكم هذا سيدي الوالد لتتحققوا أنني أعيش مسرورا، كامل الاغتباط، وهذه هي الغاية التي يطلبها كل من ينشد السعادة في الدنيا والآخرة».
«ثم إنني أجد ألما من الشوق إليكم عموما، وإلى زهراء العزيزة خصوصا، لكن هذا الألم ينقلب سرورا أيضا، متى علمت أنه ناشئ عن حب طاهر، فيصبح ذلك الألم أيضا عالما مثاليا ساميا يعطي من السعادة أضعاف ما يعطيه اللقاء، خصوصا مع الأمل الدائم، ومع الصبر في انتظار الفرج الذي هو عبادة كبرى، ففي هذا العالم أعيش، ومنه أبلغكم تحياتي الخالصة ولجميع العائلة الكريمة، والأحباب والأصحاب، وكل سائل عن الحال، والمولى يحفظكم لي قلبا عطوفا، وأبا رؤوفا، كما يحفظ لي زهراء زوجا شغوفا وليلى نورا زاهيا لا ذابلا ولا مقطوفا». «انتهى»
وعلى غرار مضامين هذه الرسالة المليئة بالمعاني الإنسانية السامية، وصدق اليقين في الله، ومن فيض مشاعر الإخلاص والوفاء، نجده يخاطب زوجته الوفية السيدة للا زهراء: «وقد اخترت أن أكتب لك اليوم مباشرة بمناسبة هذا الموسم العزيز والذكرى السعيدة ذكرى زواجنا الميمون، وإنها لفرصة سانحة لنا، نستعيد ولو في الخيال تلك الأيام الهنيئة التي قضيناها في اجتماع يباركه الحب، ويضفي عليه رداء القبول».... إلى أن يقول: لقد أعربت لي في رسالتك في 21 أبريل عن وفائك وتعلقك بي، وذلك ما لم أشك أبدا فيه، ولا يخطر على بالي غيره، فأهنىء نفسي بك،... ولا أنسى أن أؤكد عليك في هذه المناسبة السعيدة بأمرين:
أحدهما الاهتمام بتربية وتعليم (ليلى) فإن ليلى المهذبة خير هدية تقدمينها لي يوم اللقاء بإذن الله.
وثانيهما: المراعاة الطيبة والعناية الرفيقة بحماتك، فإن كل ما تفعلينه في هذا الباب يكون أداء لواجبي في البرور بوالدي رحمه الله.
بلغي تحياتي لسائر الأقرباء والأحباب ودومي لي يا عزيزتي فإني لك على الدوام، والسلام.
وفي هذا السياق للجانب الإنساني الذي يضفيه على أسرته الصغيرة وحرصه على تتبع أحوالها في أدق تفاصيلها نسوق نموذجا مليئا بالدلالة على عمق وفائه أيضا لأصدقائه وإخوانه وذلك في مراسلته للمرحوم المجاهد الحاج أحمد مكوار بفاس وهذا نصها:
أخي العزيز،
استلمت رسالتك المؤرخة بثالث عشر غشت المنصرم، معربا فيها عن سرورك وسرور العائلة، بوصول كتابي بعد انتظاركم له ثلاث سنوات، ومؤكدا تطميني على مصير العائلة بعد وفاة الوالد، فلقد أدخل علي ذلك من الفرح والهناء، ما خفف عني عبء الاهتمام الذي كان يشغل بالي منذ سنة على الأقل، وإني لأشكر لأخوتك عنايتك التي لم أشك يوما ما في أنك أهل لبذلها بسخاء، لكني أؤكد عليك في شأن تعليم (ليلى) العزيزة وأرجو أن لا تكتفي في ذلك ببعض الدراسة القرآنية، بل تقدمها لمدرسة عربية فرنسية، تمكنها من قطع مراحل التعليم التي تؤهلها لثقافة نافعة بانتظام، ومع اعتمادي عليك في ذلك، فإني أرجوك موافاتي بين الآونة والأخرى بخبر سيرها تطمينا لي وإقرارا لعيني، كما أرجوك أن تكون لساني الناطق في الإعراب لعزيزتي (ليلى) عن مقدار تعلقي الدائم بها وحبي لها، وإعجابي بها وامتناني، والمعرب عن تحياتي لزوجة الوالد وسائر أفراد العائلة، والترجمان الصادق عن عواطفي التي لا تتحول نحو كافة الأصدقاء، خصوصا الأخ عبد الجليل الذي أرجو أن تكون عافيته مستقرة، وعينه بنفسيته مقرورة.
إني سأكتب لكم كلما استطعت كما كنت أفعل مع الوالد، فأرجو أن لا تنتظروا وصول كتابي لتجيبوا عنه، بل اكتبوا لي دائما بانتظام، وإذا كان يمكنكم أن تبعثوا لي بقريعات من ماء والماس وماء سيدي حرازم فافعلوا.
عرفوني دائما بحالتكم الصحية، وحالة أبنائكم، وتقبلوا مني أرق عواطف الإخلاص والتفكير والدعاء.
سمو أخلاقي كبير
أيتها السيدات، أيها السادة؛
بعد كل هذا، يتبين أن ما طبع حياة الزعيم الحافلة، من العطاء على مختلف المستويات، النضالية، والعلمية، والسياسية، لا يوازيه إلا ما جبل عليه من خصال متميزة على المستوى الإنساني، فقد كان كما رأينا على قدر كبير من السمو الأخلاقي، والحنان العاطفي والوفاء في الشدة والرخاء، للأهل والأصدقاء، دون أن يغير من طباعه النبيلة ما اعترض سبيله من محن وشدائد، كما لم يغوه أو يغر به ما حققه من نجاحات وما أحيط به من تقدير وإكبار، ليبقى بعد رحيله رحمه الله رمزا خالد الذكر، في سفر أعلام أمتنا الملهمين على مر العصور، حاضرا في فكر ووجدان كل المقدرين لما ترمز إليه القيم النبيلة التي كرس حياته للدفاع عنها من أجل صيانة كرامة المواطن والذود عن سيادة الوطن وحريته واستقلاله.
ويكفيه تكريما رحمه الله، ما خصه الله به من خصال قلما تجتمع في شخص، وما يقر له به اليوم داخل الوطن وخارجه، كل المنصفين على اختلاف مشاربهم، الفكرية والسياسية والعقائدية، وما كتبه الله له من استمرار ذكره، وحرص رفاق دربه وخريجي مدرسته النضالية على مواصلة مسار حزبه في أداء رسالته الخالدة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.