"حكومة شعبية" وحسابات سياسية    مؤسسة وسيط المملكة تطلق مبادرة خاصة بالتنظيمات الشبابية الحزبية ضمن برنامج "منتديات الحكامة المرفقية"    نهضة بركان تصطدم ببيراميدز في كأس السوبر الإفريقي 2025 بالقاهرة    "أسود الأطلس" يكثفون التداريب استعدادا لمواجهة البحرين    أتلتيكو مدريد يعيّن ماتيو أليماني مديرا لكرة القدم    12 قتيلا و 2983 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    ولد الرشيد يستقبل مديري وأصحاب المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ورؤساء جمعيات الآباء في حوار جاد ومفتوح    تشخيص وضعية قطاع الصحة كشف أوجه قصور استدعت إصلاحا هيكليا (التهراوي)    انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"    انتحال صفة شرطيين يوقف شخصين بطنجة            الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        مراد عالم يخلُف الأزمي في إدارة "مرجان"    مجموعة "لابيلفي" تفتتح متجرا بالصويرة    حالة حرجة للفنان "مصطفى سوليت"    أول ظهور لباسم يوسف على الشاشات المصرية بعد 11 عاما    سعر الذهب يسجّل رقما قياسيا جديدا    الحجمري: الترجمة ضمن الاستشراق أداة لمساءلة الحاضر واستشراف المستقبل    المتطرف بن غفير يقتحم المسجد الأقصى    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    الجامعة الوطنية للتعليم بالحسيمة تحمّل المديرية الإقليمية مسؤولية ارتباك الدخول المدرسي    السجن المؤبد لشاب قتل والدته بطريقة بشعة في طنجة    استمرار احتجاز إسرائيل لنشطاء مغاربة يصل إلى البرلمان.. ومطالب لبوريطة بتدخل عاجل    "سبيس إكس" تطلق 28 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    وزير الصحة: مديرية الأدوية تعرف اختلالات تدبيرية وأخلاقية والتلاعب بالصفقات إشكالية كبيرة    انتقادات لغياب أخنوش المتكرر عن جماعة أكادير ومطالب بافتتاح المستشفى الجامعي للمدينة    عمر الحياني يتعرض لاعتداء داخل مجلس الرباط و"فدرالية اليسار" تحمل السلطات المسؤولية    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    مارين لوبان تنتقد خطة ماكرون لتشكيل حكومة جديدة: "مسرحية بلا نهاية"    تبادل المعطيات.. توقيع اتفاقية شراكة بين كتابة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية ومكتب الصرف والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    "فيفا": أكثر من مليون شخص يتقدمون لبرنامج المتطوعين الخاص ب"مونديال" 2026    مجموعة المغرب تواصل التألق في مونديال الشباب..    لماذا لا تكفي إقالة الوزير لإصلاح التعليم في المغرب؟    سويسرا تختار المغرب شريكا استراتيجيا جديدا لتنمية الاقتصاد الأخضر وخلق فرص الشغل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    انتشال جثة من حوض مائي بإقليم سيدي بنور.. نازلة غرق أم بفعل فاعل؟    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"        الركراكي يستدعي لاعب الجيش الملكي لمباراتي البحرين والكونغو    جمعية إشعاع للثقافات والفنون تنظم الدورة الثانية لمهرجان ليالي السينما بالعرائش    إسبانيا في ربع نهائي مونديال الشباب    جيل زد.. حين تكلم الوطن من فم    التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال 2026 .. المغرب يستضيف أربع مباريات لحساب الجولتين التاسعة و العاشرة    جيل الغضب وسفينة الحكومة: حين تهتزّ مسؤولية التحالفات وتتعالى أصوات الشباب    من باريس إلى الرياض.. رواية "جزيرة القارئات" الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية    هذا الموريسكي .. سر المخطوط الناجي (2)    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن وقناة الجزيرة القطرية
نشر في العلم يوم 01 - 11 - 2010

الذين يتباكون اليوم عن تعليق نشاط قناة الجزيرة في المغرب والذين يعتبرون القرار تراجعا عن المكتسبات التي راكمتها بلادنا خلال السنين القليلة الماضية، لم نسمعهم في السابق يشيدون بهذه المكتسبات، ولم يبشروا بالفتح الكبير الذي قد يكون تحقق بدخول قناة الجزيرة القطرية إلى بلادنا.
قد يبدو قرار تعليق نشاط هذه القناة ببلادنا، محتكا بحرية الرأي والتعبير بشكل أو بآخر بالنظر إلى أن الموضوع يرتبط بقضية بالغة الحساسية، ويبدو الاقتراب منها شديد الخطورة، ولكن في بعض الأحيان لا نملك إلا أن نقترب منها ونتخذ القرار الذي تتطلبه المرحلة.
قيل منذ انطلاقة هذه القناة إنها جاءت إلى غابة السياسة المتشابكة في الوطن العربي لإنعاش المبادرات السياسية النادرة - مع كامل الأسف- على امتداد خريطة الوطن العربي الممتدة من المحيط إلى الخليج، والحقيقة أن المغاربة تطلعوا إلى تجسيد فعلي لهذا الشعار، ولكن الذي حدث أن هذه القناة تحولت إلى سوط يجلد الجميع، وتقبض بأنفاس نقاط الضوء حتى الصغيرة منها في بحر الظلمات العربية.
ولقد كان المغرب سباقا إلى إبداء حسن النية إزاء هذه القناة القطرية، وفتح لها ذراعيه منذ الوهلة الأولى بأن سمح لها ببث نشرة الحصاد المغاربي من الرباط وبصفة مباشرة على الهواء، بما لم تجده هذه القناة في أقطار عربية أخرى بما فيها داخل قطر الراعية الوحيدة والشرعية لها، لكن الذي حدث أن عيون هذه القناة اختصت فقط في رصد المظاهر السلبية وممارسة التشويه والمغالطة. بل والإضرار بمصالح الشعب المغربي قاطبة الداخلية والخارجية، كيف ذلك، فلنشرح.
من المؤكد فإن المظاهر السلبية والسيئة موجودة في المغرب الذي لا يدعي الكمال، فالمغرب بلد نامي يشق معالم الطريق بصعوبة، لذلك غبي من ينكر وجود العديد من المظاهرو الممارسات السلبية في البلاد، ومن المؤكد فإن دور وسائل الاعلام هو مراقبة أداء مختلف الفاعلين في البلاد، وفضح وتعرية هذه المظاهر والممارسات ، لكن في المغرب أيضا نقاط ضوء مشعة يعتز المغاربة بتحقيقها، ففي المغرب مكتسبات تتراكم بشكل تدريجي، أوراش تنموية كبرى في الطرق السيارة وفي الموانئ وفي السكن، والمغاربة امتلكوا شجاعة كبيرة جدا بأن فتحوا ملفات الماضي الحقوقي وقرأوها بجرأة وبموضوعية، ومن واجب وسائل الاعلام بل من مسؤوليتها أن تتناول هذه الخبر في معالجتها اليومية، قناة الجزيرة أصر ت على أن ترتدي نظارات سوداء وتكتفي بنقل الصورة السوداء التي لا ترى سواها. وبذلك فإنها تشبثت وأصرت على تعميق الاختلالات المهنية في أدائها. بما يضر بها قبل أن يضر بالمغرب، الذي لا يمكن أن يتوقف عن التنفس لأن قناة الجزيرة القطرية أرادت ذلك.
لاحظوا أن جلالة الملك محمد السادس يدشن منشأة مائية علاقة في ناحية ورزازات بغلاف مالي سيتجاوز 600 مليار درهم، ولم يكن هذا الخبر الهام أن يجد له مساحة ولو صغيرة في نشرة الحصاد المغاربي التي بثت مساء نفس اليوم، وكان لخبر آخر تافه نصيب الأسد في اهتمامات نفس النشرة. الجزيرة أقامت الدنيا ولم تقعدها لقضية آمنتو حيدر، لكن لسانها أصابه الشلل في قضية خطيرة تتعلق باختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي قرر ممارسة حقه في التعبير والرأي. قناة الجزيرة لم تجد من مبرر لتغطية التفاعل الإيجابي الهام الذي تعج به الساحة السياسية والنقابية المغربية على خلاف ما تعرفه تجربة قطر من جمود وركود، تدير الظهر، مثلا لقرارات رسمية مهمة تندرج في سياق الحوار الاجتماعي أو علاقات المغرب الخارجية، تدير الظهر للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي احتضنته مراكش، تدير الظهر للمؤتمر الدولي للأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط، تدير الظهر للأوراش الكبرى التي يشرف عليها جلالة الملك شخصيا، وفي مقابل ذلك تراها تنقب بالمجهر عن تفاصيل اجتماعية واقتصادية صغيرة تظهر المغرب على غير صورته الحقيقية، تنقله إلى العالم كبلد الأزمات والتوترات، وهذا كنه الحمق الإعلامي الذي يؤكد أن المشرفين على هذه القناة يعانون مرضا نفسيا مزمنا أو مختلون بكتلة من العقد النفسية تجاه بلادنا.
دعنا من نظرية المؤامرة التي ترجع كل إحباطاتنا إلى وجود متآمرين، وهي قناعة تفسر على كل حال نوعا من العجز على التحليل الموضوعي، فبماذا تفسر قناة الجزيرة الفضائية كل هذه الردود العنيفة التي تلقتها من جميع الدول العربية تقريبا، في تونس كما في الجزائر كما في مصر والعراق والأردن والكويت، وغيرها كثير، من البساطة بل والسذاجة القول إن صدر الحكومات العربية لم يتسع للديمقراطية وحرية الرأي، لأن هذا التفسير قاصر ولا يفي بالغرض، نعم هوامش الديمقراطية في أقطارنا العربية جد ضيق، وأنفاسه مكتومة، ولكن الجزيرة القطرية مع كامل الأسف جاءت لكتم ما تبقى من هذا النفس، لإبطال مفعول أية مبادرة قد تكون كفيلة بالانعاش السياسي والديمقراطي في وطننا العربي.
إن قناة الجزيرة أمسكت بعلبة كبريت، تلقي في كل مرة بحفنة من عود الثقاب المشتعلة على كومة تبن، ولا يرتاح لها بال إلا والنيران ملتهبة تأتي على الأخضر واليابس.
وهذا ما لا يمكن أن يقبله المغاربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.