عاد إلى الواجهة مؤخرًا قرار قضائي قديم لمحكمة النقض يتعلق بقضية مثيرة حول "التدليس بالعذرية"، بعدما أعيد تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي ومنابر إعلامية، لما يتضمنه من تفاصيل غير مألوفة جمعت بين الاحتيال، الزواج، والاعتراف المتأخر. القضية تعود إلى سنوات سابقة، حينما قضت المحكمة الابتدائية بسلا بفسخ عقد زواج بين رجل وزوجته، بعد أن تبين أن هذه الأخيرة أخفت عن زوجها كونها مطلقة وأجرت عملية لإصلاح غشاء البكارة قبل الزواج، لتوهمه بأنها عازبة لم يسبق لها الزواج. ووفق معطيات الملف، فإن الزوج اكتشف الحقيقة بعد ثلاث سنوات من الزواج وإنجابه طفلين، حين اعترفت الزوجة خلال خلاف بينهما بأنها كانت متزوجة سابقًا، وأنها لجأت إلى العملية الطبية المذكورة لإخفاء ماضيها. الزوج، الذي شعر بما وصفه ب"الخداع والتدليس"، رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية طالب فيها بفسخ العقد والتعويض عن الضرر المعنوي والمادي. وبعد دراسة الملف، قضت المحكمة بفسخ الزواج وتعويض الزوج بمبلغ 20 ألف درهم، معتبرة أن التدليس "مسّ جوهر الرضا الذي يقوم عليه عقد الزواج". الزوجة استأنفت الحكم أمام محكمة الاستئناف، لكنها أيدت القرار الابتدائي، لتلجأ بعد ذلك إلى محكمة النقض في محاولة لإلغاء الحكم بدعوى أن "العلاقة الزوجية استمرت لسنوات وأثمرت طفلين". غير أن محكمة النقض، في قرارها الذي أصبح نهائيًا، رفضت الطعن وأكدت أن قيام الحياة الزوجية بعد التدليس لا يُسقط الحق في الفسخ، مادام العقد أُبرم بناء على غش جوهري. القرار، الذي يعود تاريخه إلى بداية العقد الماضي، تم تداوله مؤخرًا من جديد على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أثار موجة نقاش قانوني وأخلاقي حول حدود التدليس في الزواج ومدى اعتبار العذرية أو الماضي الأسري عناصر جوهرية في الرضا الزوجي. ويرى عدد من المتخصصين أن هذا النوع من القضايا يعكس دقة الموازنة التي تواجهها المحاكم بين حماية الطرف المتضرر من الخداع، والحفاظ على استقرار الأسرة، خاصة حين تكون هناك روابط إنسانية وأطفال نتجوا عن الزواج. لكن الثابت في اجتهاد محكمة النقض، كما ورد في حيثيات القرار، أن إصلاح غشاء البكارة وإخفاء زواج سابق يشكلان تدليسًا مؤثرًا في الرضا، يخول للزوج الحق في طلب الفسخ والتعويض، وهو ما يجعل هذا الحكم من بين أبرز السوابق القضائية في هذا المجال.