احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، يوم الأربعاء 13 نونبر 2025، ندوة وطنية علمية حول قضية الصحراء المغربية، شارك فيها أساتذة باحثون وخبراء ومسؤولون وطلبة وفعاليات من المجتمع المدني. وجاء تنظيم هذا اللقاء في سياق يتزامن مع صدور القرار الأممي رقم 2797 عن مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025، الذي كرس مبادرة الحكم الذاتي المغربية حلاً واقعياً وجدياً للنزاع الإقليمي، ضمن إطار السيادة الوطنية، وهو ما شكل محوراً مركزياً في مناقشات الندوة. وأكد رئيس جامعة المولى إسماعيل في كلمته الافتتاحية أن تنظيم هذا الحدث العلمي يعكس انخراط الجامعة في مواكبة القضايا الوطنية، معتبراً أن الصحراء المغربية أصبحت ورشاً استراتيجياً متعدد الأبعاد يجمع بين تعزيز السيادة الوطنية ودعم النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية. من جهته، شدد عميد الكلية على أن اختيار موضوع الندوة يعكس الوعي الأكاديمي بضرورة تعميق فهم التطورات السياسية والقانونية والتنموية التي تشهدها المنطقة، خاصة بعد اعتماد القرار الأممي الجديد. وخلال الجلسة العلمية الأولى، أبرز الدكتور عبد المالك إحزرير أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تنسجم مع التجارب الدولية الناجحة في إدارة النزاعات، مؤكداً أن التصويت على القرار 2797 يمثل اعترافاً دولياً بجدية المقترح المغربي. فيما تناول الدكتور محمد الهزاط محددات نجاح الدبلوماسية المغربية، مبرزاً دور التحالفات الدولية والتفاعل مع الآليات الأممية، مع الإشارة إلى أهمية الموقف الفرنسي الأخير في تعزيز الحضور المغربي. وقدم الدكتور محمد أشلواح قراءة قانونية في القرار الأممي الجديد، معتبراً أنه محطة مفصلية في مسار تسوية النزاع، بينما شدد الدكتور ندير الإسماعيلي على البعد التاريخي للمسيرة الخضراء ودورها في ترسيخ السلم والتنمية. أما الجلسة الثانية، فقد خصصت للجوانب التنموية، حيث أكد الدكتور محمد الكريني أن الأقاليم الجنوبية تعيش دينامية متميزة بفضل النموذج التنموي الذي انطلق سنة 2015، والذي أحدث نقلة نوعية في البنى التحتية والقطاعات الاقتصادية. واعتبر الدكتور أحمد الراشدي أن هذا النموذج أصبح رافعة للجاذبية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي، بينما تناول الدكتور محمد البزاز آفاق القرار 2797، مبرزاً دوره في تعزيز الاستقرار وجذب الاستثمارات وترسيخ الحضور المغربي إقليمياً. وخلصت المناقشات إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها تعزيز الحكامة التشاركية في تنفيذ المشاريع التنموية، وتحيين مقترح الحكم الذاتي ليتماشى مع المستجدات، وإنشاء كرسي جامعي خاص بالدبلوماسية المغربية، إضافة إلى تعزيز التواصل مع العائدين من تندوف، وتفعيل دور الإعلام في شرح مبادرة الحكم الذاتي، والدعوة إلى إحياء مشروع الاتحاد المغاربي وتنظيم ندوة دولية موسعة حول القضية. واختتمت الندوة بالتأكيد على أن ملف الصحراء المغربية لم يعد مجرد قضية سياسية أو قانونية، بل تحول إلى ورش استراتيجي يجمع بين تثبيت الوحدة الترابية وبناء نموذج تنموي متكامل، بما يعزز مكانة المغرب كبلد مستقر وفاعل إقليمياً ودولياً، مع الإعلان عن نشر مداخلات الندوة في مجلة علمية محكمة.