رصاص الأمن يوقف مروج مخدرات هاجم شرطيًا بسلاح أبيض    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    القرار ‬2797 ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬يعلو ‬فوق ‬كل ‬تفسير ‬ولا ‬يعلى ‬عليه    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي يربط بين الدار البيضاء والسمارة    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    تارودانت.. إصابة 17 عاملاً زراعياً في انقلاب سيارة "بيكوب" بأولوز    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    حموشي يتباحث مع سفيرة الصين بالمغرب سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    الدبلوماسي الأمريكي السابق كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء "تراجع إلى الوراء"    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يتحرك حزب التقدم والاشتراكية في رقعة الديناصورات السياسية
نشر في الأيام 24 يوم 21130

يبدو تطور حزب التقدم والاشتراكية مثل حبكة درامية مليئة بالأحداث التي تحبس الأنفاس، من حزب شيوعي إلى حزب اشتراكي ديمقراطي، إلى حزب يقول "نعم" لدستور الملك حين رفضته كل مكونات الكتلة، إلى حزب يساري مشارك في حكومة يقودها حزب محافظ لا تجمعه به سوى شعرة معاوية التي انقطعت مع حكومة العثماني.
ورغم تواضع امتداده التنظيمي فقد أعطت الوجوه القيادية التي عبرت حزب التقدم والاشتراكية، من علي يعته إلى إسماعيل العلوي فنبيل بنعبد الله، الكثير من التوهج السياسي، سواء على مستوى حجية الخطاب أو مختلف المواقف والتكتيكات التي انتهجها الحزب وحافظت على وجوده وكيانه رغم مختلف الأزمات التنظيمية والسياسية التي مر منها وما يزال.
يوجد حزب التقدم والاشتراكية اليوم في وضعية صعبة وهو يسير نحو انتخابات 8 شتنبر القادمة، يبحث عن موطئ قدم في ساحة الديناصورات الكبرى من حجم حزب العدالة والتنمية والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة. وبرغم حجم امتداده التنظيمي في المجتمع، إلا أنه يلعب بذكاء سياسي لا تخطئه العين، برأي المراقبين، لكن قد تكون الأيام القادمة صعبة بالنسبة لنبيل بنعبد الله ورفاقه.
يعتبر حزب التقدم والاشتراكية، مثل الاتحاد الاشتراكي، حزبا يساريا مندمجا في المشاركة السياسية، ومنذ تشكيل حكومة التناوب التوافقي في 14 مارس 1998، استمر في كل التجارب الحكومية، مع عبد الرحمان اليوسفي وإدريس جطو وعباس الفاسي، وحاز موقعا متميزا في حكومة ابن كيران، ثم مع حكومة سعد الدين العثماني التي انسحب منها بعد أن تعرض للتحجيم التدريجي.
موقف حزب التقدم والاشتراكية من حكومة ابن كيران أثار الكثير من الجدل، بين من اعتبر أمينه العام نبيل بن عبد الله، امتلك ذكاء سياسيا جلب الكثير من المنافع لحزبه، الذي ظل مثل ذيل الكتلة، ولأول مرة استطاع ورثة الحزب الشيوعي أن يجعلوا من حزب التقدم والاشتراكية قوة سياسية في الأغلبية الحكومية، أكبر من قوته البرلمانية وامتداده التنظيمي في المجتمع، وكان المستفيد الأكبر من حكومة ابن كيران بخمسة حقائب وزارية، إذ ماذا كان سيجني حزب التقدم والاشتراكية لو اتخذ موقف المعارضة؟ وأي أثر سيكون له في المشهد السياسي؟
يؤكد هؤلاء أن قيادة حزب التقدم والاشتراكية استثمرت حاجة حزب العدالة والتنمية لحزب يساري له مصداقية أكبر من باقي مكونات الأغلبية الحكومية الإدارية خاصة بعد امتناع حزب الاتحاد الاشتراكي «أن يشد عضد ابن كيران»، وبالتالي نجح في حصد حقائب وزارية وازنة تفوق حجمه السياسي، ببراغماتية عادت بالكثير من النفع على الحزب حسب وجهة نظر هؤلاء.
انتقد العديدون وضع حزب يساري يده في يد حزب محافظ لا تجمعه به رابطة إيديولوجية ولا قرب سياسي أو تنظيمي، وإنما فقط بناء على المغانم الحكومية، وهو الوضع الذي خلف ردود فعل قياديين في حزب التقدم والاشتراكية لم يكونوا على وفاق مع الخيار الذي مثله نبيل بنعبد الله، لكن أغلبهم وجد نفسه على هامش حركية التنظيم. نفس الأمر سيطرحه انسحاب الحزب من حكومة العثماني، وهو القرار الذي دافع عنه الأمين العام للحزب وعارضه قياديون بارزون، خاصة أن البعض ربط انسحاب حزب التقدم والاشتراكية بالغضبة الملكية التي طالت أمينه العام ووزير الصحة الأسبق حسين الوردي.
أعلن أنس الدكالي وزير الصحة السابق تقديم استقالته من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على خلفية الصراع الذي عرفه اجتماع اللجنة المركزية للحزب أثناء تدارس القرار، فيما كانت الأغلبية إلى جانب الانسحاب من حكومة العثماني، والذي تعود أسبابه إلى تراكم العديد من الانتكاسات التي تلقاها الحزب بداية من إعفاء الأمين العام للحزب من منصبه الحكومي. وفيما بعد جرفت المياه حقيبة الوزيرة شرفات أفيلال بلا تعويض ولا استشارة، حتى أن نبيل بنعبد الله هدد فعليا بالخروج من الحكومة، وانتهى به المطاف بتلقي عرض هزيل بحقيبة حكومية واحدة غداة التعديل الحكومي، هي وزارة الشباب والرياضة، لذلك عقب نبيل بن عبد الله بنوع من الحرقة الساخرة قائلا: «هل سنشتغل بتنظيم المخيمات في الحكومة؟».
من الحزب الشيوعي بالمغرب إلى حزب التقدم والاشتراكية
تعود أصول حزب التقدم والاشتراكية إلى زمن بعيد، منذ عهد الحماية الفرنسية، حين كان يحمل اسم الحزب الشيوعي بالمغرب، وكان مرتبطا بالقوى الشيوعية في فرنسا التي بدأت تنتشر في الأوساط النقابية والسياسية بالمغرب منذ 1920، عقد مؤتمره التأسيسي في نونبر 1943، وكان أول أمين عام له هو ليون سلطان، ونظرا لحساسية الحركة الوطنية وطبيعة المجتمع المغربي مع اسم الحزب الذي بدا مثل فرع للحزب الشيوعي للقوة المستعمرة، تم تغيير اسم الحزب عام 1946 من الحزب الشيوعي بالمغرب إلى الحزب الشيوعي المغربي، حيث أصبح علي يعته زعيمه حتى وفاته عام 1997.
ويعتبر حزب التقدم والاشتراكية أكبر حزب خضع لتغييرات متتالية في اسمه، بسبب الظروف السياسية أو بسبب عدم قبول النظام الاعتراف به، هكذا أصبح اسمه حزب التحرر والاشتراكية سنة 1969، ليحمل في عام 1974 الاسم الذي ظل يحمله حتى اليوم، بعد أن تم الاعتراف به رسميا في بداية المسلسل الديمقراطي، وإقراره التحول من تبني الخيار الشيوعي إلى الاشتراكية الديمقراطية منذ منتصف التسعينيات على إثر انهيار الكتلة الشرقية.
اتسم مسار حزب التقدم والاشتراكية الذي تناوب على رئاسة أمانته العامة، أربعة أمناء عامين، هم: ليون سلطان، علي يعته، مولاي إسماعيل العلوي ونبيل بنعبد الله، بمرحلتين: مرحلة الرفض من طرف النظام ومكونات الحركة الوطنية، بسبب إيديولوجيته الشيوعية، فقد كان يُتهم بالتبعية للحزب الشيوعي الفرنسي وبعدها للحزب الشيوعي السوفياتي، حتى كان يقال بغير قليل من التهكم: «إن علي يعته كان يحمل المظلة في الرباط إذا سقطت الأمطار في موسكو». وأيضا بسبب بعض مواقفه التي لم تكن على وفاق تام مع التيار الوطني أو القومي العام بالمغرب والتي أكدت الأحداث السياسية صواب وجهة نظره من الناحية التاريخية، لكن الحزب أدى تكلفتها السياسية غاليا، كما حدث في غشت 1990 حين غزت جيوش صدام حسين العراق، حيث أدان حزب التقدم والاشتراكية الغزو ومستتبعاته، وفي عام 1992 حين خرج علي يعته بقرار مغاير لرأي الكتلة الديمقراطية حين دعا للتصويت بنعم على الدستور. ثم مرحلة القبول التي تجلت في اندماجه التدريجي في قلب اللعبة السياسية وإبدائه بعض المرونة للتكيف مع متغيرات الواقع السياسي وإن ظل دوما في موقع المعارضة. هكذا تم الاعتراف به، وأصبح صوت زعيمه علي يعته مميزا في قبة البرلمان، وهو المقعد الوحيد الذي ظل يفوز به، إلى أن أصبح لحزب التقدم والاشتراكية مقعدان، فقال المرحوم يعته ساخرا «إن أكبر منتصر في الانتخابات هو حزب التقدم والاشتراكية، لأنه ضاعف مقاعده مائة بالمائة». ثم صار له وزن سياسي أكبر حين أصبح عضوا مؤسسا للكتلة الديمقراطية في ماي 1992، ومع تعيين عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة في نونبر 2011، أضحى لحزب التقدم والاشتراكية موقع سياسي وازن في الحكومة التي مثلها بخمسة حقائب وزارية، أقوى من حجم تمثيليته في البرلمان ومن موقعه التنظيمي، لكنه تعرض لنوع من التحجيم مع حكومة سعد الدين العثماني دفعه إلى الانسحاب منها.
حزب فقير ماديا وتاريخ غني
«أؤكد لك أن حزب التقدم والاشتراكية حزب فقير ماديا منذ نشأته حتى اليوم، بل إن الفقر ملازم لحزبنا، ونلجأ مع كل انتخابات إلى الاستدانة. وهذه المديونية نظل نسددها منذ الاستحقاقات الانتخابية حتى نشارف على الانتخابات الموالية، فالحزب يعول أساسا على انخراطات مناضليه ودعم بعض البورجوازيين المتنورين المتعاطفين وهم قلة قليلة جدا». هذا ما صرح به قيادي في حزب التقدم والاشتراكية ل»الأيام»، التي علمت أن الحزب قبل شهور، لم يكن لديه ما يسدد به فاتورة تسيير المقر وأجور موظفي إدارة الحزب، فكيف سيواجه استحقاق الديناصورات التي نزل العديد منها بأموال لا قبل للحملات الانتخابية المغربية بها؟ وكيف ستكون حصيلة أدائه الانتخابي في ظل «الكارطيلات المالية» الضخمة التي نزلت بثقلها في انتخابات شتنبر القادم؟
الخصاص المالي أكده زعيم حزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله ل «الأيام» بنبرة حزينة (انظر نص الحوار المرفق بالعدد) مشددا على أننا أمام حزب ثري من حيث ذاكرته التاريخية وشكل حضور رموزه في ماضي النضال السياسي منذ زمن المقاومة حتى اليوم، وحزب فقير من حيث الإمكانيات المادية، في انتخابات سيغزوها الأعيان التقليديون ومحترفو الانتخابات.
بالإضافة إلى ذلك، عرف حزب التقدم والاشتراكية صراعات تنظيمية قوية، خاصة بعد قبول نبيل بنعبد الله وضع يده في يد عبد الإله بن كيران، رغم ما بين حزب حداثي ديمقراطي اشتراكي وحزب العدالة والتنمية المحافظ الذي يؤسس مرجعيته الإيديولوجية على تفسير تقليدي للدين، من تناقضات عصية عن التوفيق، كان لها الأثر الكبير على تداعيات الصراع التنظيمي بين رموز قيادة حزب التقدم والاشتراكية، لكن في كل مرة، كان المعارضون للقيادة يجدون أنفسهم على هامش حركية التنظيم. تجلى ذلك في صراع سيمون ليفي مع إسماعيل العلوي، أو مع سعيد السعدي الوزير السابق، وحتى اليوم مع أنس الدكالي الذي قدم استقالته من المكتب السياسي أو تم طرده لرفض قرار الإجماع الذي اتخذته اللجنة المركزية بالانسحاب من الحكومة، والذي تحول إلى صراع بطابع شخصي بين نبيل وأنس، لكن لم يؤدّ ذلك إلى تشكل نواة تنظيمية قوية معارضة تهدد بالانشقاق أو بتصدع وحدة الحزب كما حدث سابقا مع الراحل التهامي الخياري في صراعه مع علي يعته، والذي نتج عنه حزب جبهة القوى الديمقراطية.
هجرة ناخبين كبار نحو أحزاب أخرى تقلق "الكتاب"
من المتوقع جدا أن يدخل حزب التقدم والاشتراكية الحملة الانتخابية القادمة بشعار «ديما المعقول»، لكن الأكيد أنه لن يدخل بنفس أعداد ناخبيه الكبار الذين شكلوا مركز نفوذه، ففي ماي الماضي أعلن البرلماني أحمد الغزوي بسيدي قاسم عن نزوله من حافلة حزب التقدم والاشتراكية والتحاقه بحزب التجمع الوطني للأحرار، ومن المعلوم أن الغرب ظل دوما قلعة لحزب التقدم والاشتراكية خاصة في سيدي قاسم، فتخلي عائلة الغزوي التي ظلت تمثل حزب يعتة في الغرب لمدة 25 سنة، سيفقده أكثر من 20 ألف صوت في دائرة حد كورت وحدها التي فاز بها أحمد الغزوي، كما سار في نفس الاتجاه كل من رئيس بلدية حد كورت مصطفى الغزوي ورئيس جماعة مولاي عبد القادر فهد جليدي ورئيس جماعة سيدي عزوز، الذين غادروا حزب نبيل بنعبد الله والتحقوا بحزب أخنوش.
كما فقد الحزب المستشار البرلماني عبد الواحد الشاعر الذي كان عضوا في حزب التقدم والاشتراكية، عن دائرة المضيق الفنيدق، لكنه التحق بصفوف الحركة الشعبية، التي سرعان ما أصبح عضوا في مكتبها السياسي، ليتم الحديث مؤخرا عن التحاقه بحزب التجمع الوطني للأحرار، بالإضافة إلى طرد المستشار عبد الكريم الشعوري نائب المجلس البلدي لتزنيت لثلاث ولايات باسم التقدم والاشتراكية، وغيرها من الانفلاتات التي تقع هنا وهناك بسبب التنافس الانتخابي.
ويعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار أكبر المستفيدين من منتخبي حزب الكتاب. لكن بالمقابل أيضا، استفاد حزب التقدم والاشتراكية وإن بنسبة أقل من التحاق وجوه من أحزاب أخرى بصفوفه، منها على سبيل المثال ما حدث في سيدي بنور حيث نجح الكاتب الإقليمي للحزب في استقطاب الأخوين أحمد بوزغار رئيس جماعة كريديد ومحمد بوزغار النائب البرلماني السابق ورئيس جماعة كدية بني دغوغ سابقا بحزب التقدم الاشتراكية إلى جانب الأخوين آل الناجي، كما غادر عبد الرزاق الورزازي رئيس بلدية العطاوية بإقليم قلعة السراغنة حزب البام وأعلن التحاقه بحزب التقدم والاشتراكية مرشحا للانتخابات البرلمانية في أواسط مارس الماضي.
تموقعات التقدم والاشتراكية في انتخابات الفرصة الأخيرة
نتائج انتخابات 8 شتنبر القادم تبدو محسومة منذ الآن، في غياب أي مفاجآت خارقة، هي الفوز لأحد الأحزاب الثلاثة الكبرى: حزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية وبعدها يأتي حزب الأصالة والمعاصرة، النخب والوجوه والأسماء ذاتها ستعود إلى البرلمان وإلى رئاسة الجماعات المحلية. فما الموقع المحتمل الذي يمكن أن يشكله حزب التقدم والاشتراكية في ظل الخريطة السياسية القادمة؟
حصل حزب التقدم والاشتراكية في انتخابات 14 نونبر 1997 على تسعة مقاعد بمجلس النواب، وحصل في انتخابات أكتوبر 2016 على 12 مقعدا، أي أنه رغم مشاركته في كل الحكومات المتتالية منذ 1998، لم يؤثر على إحرازه تقدما ملموسا في عدد المقاعد المحصل عليها، لكن اليوم يبدو الوضع صعبا على كل الأحزاب المتوسطة والصغرى، إن جاز القول، في معركة الكبار بامتياز.
باستقصاء آراء مجموعة من قياديي حزب التقدم والاشتراكية والمراقبين لتحولات المشهد السياسي، تدرك «الأيام» أن المكتب السياسي للحزب يقدر حجم الصعوبات التي تعترضه في انتخابات 8 شتنبر القادمة، وحتى طموحات أعضائه تبدو متواضعة مع حجم الرهانات والتحديات المطروحة على كاهل الحزب في هذه المرحلة، وأمله الوحيد الذي لا يبدو له أثر اليوم – هو الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع، خاصة من طرف الطبقات الوسطى التي تشكل الأوكسجين الذي يتنفس منه حزب التقدم والاشتراكية، على اعتبار أن النقابات المهنية أبرزت اندحار نقابة حزب العدالة والتنمية بشكل لم يكن متوقعا، وهو ما يعني أن الطبقة الوسطى المتضررة من حكومتي حزب العدالة والتنمية لن تمنح صوتها إلا للأحزاب الوطنية والديمقراطية، وفي مقدمتها حزب الاستقلال. وفي هذه الحالة سوف يؤول مخزون كبير من الأصوات لفائدة حزب التقدم والاشتراكية وفيدرالية اليسار إذا قدمت بروفايلات مغرية لهذه النخبة. وهذا ما عبر عنه أيضا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية لأسبوعية «الأيام»، لكن مع بروز ملامح العزوف الانتخابي من الآن بسبب تراكم فقدان الثقة في الأحزاب السياسية وفي المشاركة السياسية، وهي أزمة عالمية تسائل النظام التمثيلي عامة في سياق العولمة، يبدو أن حزب التقدم والاشتراكية لن يتجاوز في أحسن تقدير المقاعد المحصل عليها في انتخابات 1997 أو أقل، حسب مهتمين ومراقبين للمشهد الانتخابي.
لكن في هذا أيضا بعض الفضل الذي يمكن أن يستثمره الحزب، ليلعب الدور الذي كان تلعبه أحزاب الخضر في أوربا، أي أنها تشكل دوما أقلية، لكنها أقلية حيوية وضرورية بالنسبة لتشكيل أي حكومة كانت من اليمين أو اليسار أو الوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.