تتجه الأنظار مطلع الشهر المقبل إلى مدينة فاس، حيث يستعد مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بشراكة مع مركز الجزيرة للدراسات بالدوحة، لتنظيم مؤتمر دولي في موضوع "الصحافة الاستقصائية ومنهجية البحث العلمي في تغطية الحروب والنزاعات"، يومي 4 و5 دجنبر المقبل، بمشاركة أكاديميين وباحثين من مختلف الجامعات العربية والمراكز البحثية، وخاصة من المغرب وقطر ومصر وتونس والأردن ولبنان والعراق والجزائر واليمن وتركيا.
ويأتي تنظيم هذا المؤتمر في سياق دولي خاص يتسم بالتحولات الكبرى والتحديات التي تفرضها مختلف الصراعات والنزاعات الدولية، والتي تنعكس انعكس بشكل مباشر على الممارسة الصحفية ودورها في مواكبة تلك النزاعات والصراعات.
واعتبر الأكاديمي محمد القاسمي، مدير مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل، أن النزاعات الدولية في مختلف بقاع العالم فرضت تحديات جديدة على العمل الصحفي، مضيفا: "إذا كان التحقق من الأخبار والدقة شرطا أساسيا من شروط الممارسة الصحفية في الظروف العادية للعمل الصحفي، فإن هذا الشرط يتحول إلى عبئ على أكتاف الصحفيين أثناء تغطية الحروب والنزاعات، نظرا لتفشي الأخبار المضللة خاصة في عصر شبكات التواصل الاجتماعي".
ولفت القاسمي إلى أن "تدخل الجمهور في عملية صنع الرسالة الإعلامية تضاعف المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لدى الصحفيين الاستقصائيين في ظروف الحروب والنزاعات اعتبارا للعواقب التي قد تنتج عن التسرع في نقل الأخبار دون التأكد منها". وتابع موضحا: "رغم التطور الهائل لوسائل التكنولوجيا الحديثة، فقد اعتمد الصحفيون الذين يغطون مختلف الحروب والنزاعات على الوسائل التقليدية للتحقق من الأخبار من خلال المصادر الميدانية أو شهود العيان أو شبكة العلاقات القريبة من الحدث".
ومضى المتحدث قائلا: "اتفق الصحفيون في كثير من مناطق الصراعات والنزاعات الدولية على أن مسألة استخدام الأدوات المخصصة للتحقق من الأخبار لم تكن ممكنة بسبب انقطاع الانترنت، بالإضافة إلى أن التحقق من الأخبار عبر شبكات التواصل الاجتماعي يقع في أحيان كثيرة خارج مسؤوليتهم المهنية نظرا للظروف المعقدة التي يعملون فيها"، يضيف مدير مختبر الدراسات الأدبية واللسانية.
من جانبه، قال محمد الراجي، باحث بمركز الجزيرة للدراسات وعضو اللجنة العلمية للمؤتمر، أن المؤتمر يشكل حدثا بحثيا مهمّا في سياق واقع الممارسة الإعلامية المُسْتَقْطَبَة على المستوى الدولي، وخصوصا بيئة العمل الصحفي الاستقصائي"، وأضاف أن "تفاقم الصراعات والنزاعات الدولية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لاسيما بعد الحرب الروسية-الأوكرانية ثم الحرب في السودان والحرب على قطاع غزة ولبنان، أدى إلى تعاظم حدة الاستقطاب السياسي والإيديولوجي في مناطق النزاع، بل وفي العالم. وأصبح معظم الإعلام الدولي، خاصة المؤسسات والشبكات الإعلامية الكبرى، جزءًا من هذا الاستقطاب، بل تحوَّل هذا الإعلام إلى أجهزة أيديولوجية ووكيلًا للحرب، ويتعهَّد الترويج لسرديات وروايات القوى الدولية المتنافسة والدعاية لخطابها الأيديولوجي".
وزاد موضحا "ستكون الجلسات النقاشية للمؤتمر مناسبة بحثية للتفكير في الأدوات والأطر المنهجية التي تجعل العمل الصحفي، وخصوصًا الاستقصائي، مُتَشَبِّعًا بروح المنهج العلمي التي تُجنِّبه الاستقطاب والانغمار في الصراع الرمزي والأيديولوجي".
وجدير بالذكر أنه "سيتم على هامش المؤتمر تنظيم ورشة موضوعاتية تتعلق بتدريب طلبة علوم الإعلام والتواصل على تقنيات البحث في الصحافة الاستقصائية".