تبدأ اليوم الاثنين، محاكمة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتهم الفساد والتمويل غير القانوني لحملته الانتخابية والتستر على اختلاس الأموال العامة الليبية، في محاكمة تاريخية لتحديد ما إذا كان قد أبرم اتفاقا مع النظام الليبي بقيادة معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية عام 2007.
ويدعم هذا الاتهام وثيقة كشف عنها موقع "ميديابارت" عام 2012.. وتشير مذكرة مؤرخة عام 2006 من المخابرات الخارجية الليبية إلى اتفاق مبدئي على دعم "الحملة الانتخابية للمرشح في الانتخابات الرئاسية السيد نيكولا ساركوزي، مقابل مبلغ خمسين مليون يورو".
وادعى رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين أمام القاضي أن لديه دليلا على هذا التمويل الليبي. وفي 19 أبريل 2013، فتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقا قضائيا، وتم توجيه الاتهام إلى نيكولا ساركوزي والوزراء السابقين كلود غيان وبريس هورتفو وإيريك فورت.
غير أن الوضع تغير في 11 نونبر عام 2020 عندما قام زياد تقي الدين، الهارب إلى لبنان، بتبرئة الرئيس الفرنسي الأسبق في الصحافة الفرنسية واتهم قاضي التحقيق السابق المكلف بالقضية سيرج تورنير، بتحريف كلامه. لكن، عندما استمع إليه قضاة فرنسيون في بيروت في 14 يناير 2021، دان مرة أخرى نيكولا ساركوزي.
وتم فتح تحقيق قضائي في يونيو 2021 بتهمة التلاعب بالشهود والتآمر الجنائي فيما يتعلق بالتراجع المؤقت لتقي الدين. كما أن هناك عشرات الأشخاص متورطون بدرجات متفاوتة، بما في ذلك نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني ساركوزي وملكة صحافة المشاهير ميمي مارشان.
وسيمثل ساركوزي ابتداء من اليوم الاثنين إلى جانب 11 متهما آخرين، بينهم كلود غيان، الأمين العام السابق للإليزيه، البالغ من العمر 79 عاما، بتهمة القيام بدور الوسيط للحصول على أموال من الليبيين، عبر شبكات رجال الأعمال زياد تقي الدين وألكسندر الجوهري، خلال اجتماعات مع مسؤولي القذافي المتعاونين.
وسيتعين عليه أيضًا شرح عملية النقل بعد الانتخابات الرئاسية: حصل على 500 ألف يورو في عام 2008، والتي تم استخدامها، وفقًا للادعاء، لدفع تكاليف التدخلات لصالح ألكسندر جوهري. يدعي كلود غيان أن ذلك نتيجة بيع لوحات فنية.
كما أن وزير الداخلية السابق بريس أورتوفه متهم بالعمل أيضا كوسيط تمويلي من خلال شبكة زياد تقي الدين وتنظيم تحويلات لأموال عامة عبر حسابات خارجية.
يضاف إليهم تييري جوبيرت، إذ يشتبه في أن هذا المتعاون السابق مع نيكولا ساركوزي تلقى 440 ألف يورو من زياد تقي الدين لتمويل الحملة بفضل السحوبات النقدية في عامي 2006 و2007.
وزياد تقي الدين، كان الوسيط الفرنسي اللبناني البالغ من العمر 74 عاما هو المتهم الرئيسي في هذه القضية منذ عام 2012، مع تطور الإصدارات.
يذكر أن أعلى محكمة فرنسية كانت قد رفضت في منتصف شهر دجنبر طعن نيكولا ساركوزي في قضية فساد واستغلال نفوذ، ما يثبّت الحكم نهائيا عليه بخضوعه للرقابة لمدة عام عبر سوار إلكتروني، وهي عقوبة تصدر لأول مرة بحق رئيس دولة سابق في فرنسا.
وتمت إدانته بالدخول في 2014 في "اتفاق فساد" مع جيلبير أزيبير كبير القضاة في محكمة النقض، وذلك مقابل وعد للأخير ب"مساعدته" للحصول على منصب فخري في إمارة موناكو، مقابل أن يقوم أزيبير بنقل معلومات ومحاولة التأثير على الاستئناف الذي قدمه نيكولا ساركوزي في قضية بيتنكور، وهي قضية تبرعات تلقاها حزبه من وريثة مجموعة لوريال ليليان بيتنكور، التي توفيت عام 2017، وأسقطت الدعوى في هذه القضية بعد ذلك.