في كل شهر رمضان يتكرر سيناريو غلاء الأسعار، الأمر الذي يشكل ضغطا على القدرة الشرائية للمواطنين، رغم أن هذا الشهر ينبغي أن يكون فرصة للاعتدال في الأكل والشرب مقابل استثمار أيامه ولياليه في الجوانب الروحانية. ويرجع ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان إلى عوامل متداخلة، من بينها زيادة الطلب، المضاربة، وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، والتغيرات المناخية، الأمر الذي أصبح يفرض ضرورة البحث عن حلول فعالة لضبط الأسعار والتخفيف من وطأة الغلاء على الأسر المغربية.
ورغم أن تحليق الأسعار في سماء الأسواق الوطنية أصبح ظاهرة تتكرر كل سنة، إلا أن الحكومة لم تستطع التغلب على هذا الواقع الذي يرهق جيوب المواطنين، بل يمكن القول إنها فشلت في حماية القدرة الشرائية لمختلف طبقات المجتمع المغربي وانخرطت تشتكي بدورها من هذا الغلاء.
ورغم أن الجميع يعلم أن الإقبال على المنتجات الغذائية الأساسية يرتفع خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب قانون العرض والطلب، إضافة إلى أن المضاربة والاحتكار أيضا يساهمان في تحليق الأسعار عاليا، إلا أن بعض التجار والمضاربين يستغلون الظرف لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، خاصة في غياب رقابة صارمة من قبل الحكومة.
وبالتالي تتطلب مواجهة ارتفاع الأسعار بشكل عام وخاصة خلال شهر رمضان تعزيز الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والمضاربة غير المشروعة، مع فرض عقوبات على المخالفين، إضافة إلى ضرورة اعتماد الحكومة لإجراءات استباقية مثل تخزين كميات كافية من المواد الأساسية وضبط السوق قبل فترة الذروة، مع ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي ودعم الفلاحين الصغار لضمان وفرة المنتجات الغذائية بأسعار مناسبة.
وإذا كانت الحكومة تتحمل مسؤولية مراقبة الأسواق وحمايتها من المضاربة والاحتكار، فإن المواطن عليه أن يستهلك بشكل واع عبر شراء ما يحتاجه فقط لتجنب ارتفاع الطلب غير المبرر، وأيضا لتجنب هدر المواد الغذائية الذي يرتفع إلى مستويات قياسية خلال شهر رمضان.
والخلاصة، أن مواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال رمضان يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة، التجار، والمستهلكين، عبر تعزيز الرقابة، تشجيع الاستهلاك الواعي، ودعم الإنتاج المحلي، للتخفيف من حدة الأزمة وضمان استقرار الأسعار، لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان مرور شهر رمضان في ظروف مريحة للجميع.