تشير المعطيات الميدانية إلى تحوّل لافت في موازين التحرك العسكري بين المغرب وإسبانيا في السنوات الأخيرة، مع تكثيف المملكة المغربية لعملياتها ومناوراتها العسكرية بشكل غير مسبوق، مقابل مقاربة إسبانية أكثر حذرًا، تقوم على التكنولوجيا والتحالفات الغربية. هذا التباين يعكس، وفق محللين، سباق نفوذ متسارع في الفضاء الإقليمي القريب من جزر الكناري.
وفق تقرير نشره موقع Vozpópuli الإسباني، فإن المغرب نفذ بين عام 2021 ويونيو 2025 أكثر من 485 يومًا من العمليات والمناورات العسكرية في المناطق القريبة من الجزر الخاضعة للسيطرة الإسبانية، مقابل 77 يومًا فقط للجيش الإسباني في نفس الفترة.
وأضاف المصدر ذاته أن التحركات المغربية ازدادت وتيرتها مع اقتراب احتفالات المسيرة الخضراء وذكراها الستون، مضيفة أن التحركات شملت مناورات مكثفة في طانطان وأكادير وطرفاية، وهي مناطق لا تبعد سوى 125 كيلومترًا عن جزيرة فويرتيفنتورا الإسبانية، ما أثار قلقًا متزايدًا لدى المؤسسة العسكرية الإسبانية.
الذروة تمثلت في استضافة المغرب لمناورات "الأسد الإفريقي 2025″، بمشاركة 30 دولة وأكثر من 10 آلاف جندي، أبرزهم الولاياتالمتحدة التي أرسلت لأول مرة قاذفات B-52 ومنظومات HIMARS، ما يكرّس المغرب كحليف دفاعي محوري لواشنطن في شمال إفريقيا، ويعزز موقعه في المعادلة الأطلسية الجديدة.
في المقابل، يبدو أن إسبانيا اختارت نهجًا دفاعيًا قائمًا على التكنولوجيا الفائقة والتنسيق مع الحلفاء، بدل الدخول في سباق استعراض القوة على الأرض. فمناورات مثل "سيريو 2022 و2024" شهدت تعبئة محدودة نسبيًا بلغت 3500 جندي و35 طائرة، في حين ركزت تمارين "Eagle Eye" و"Sinkex-25" على الجوانب البحرية المتقدمة، باستخدام غواصات مثل "إسحاق بيرال" من طراز S-81 وسفن حربية متطورة.
كما كثفت مدريد من تدريبات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، في تناغم مع استراتيجيات حلف الناتو، مع حضور رمزي في الفعاليات الوطنية كاحتفالات يوم القوات المسلحة 2025، حيث شاركت حاملة الطائرات "خوان كارلوس الأول" ومقاتلات "يورو فايتر" في عروض عسكرية تؤكد التزام إسبانيا بالدفاع السيادي.